أهمية النمو السكاني

  

  أهمية النمو السكاني                          

      Population growth The importance

أ.م.د قيصر عبدالله احمد

قسم الجغرافية – كلية الآداب

 

 

تأتي أهمية جغرافية السكان من دراستها المباشرة للإنسان في عدده ونموه وتوزيعه المكاني والتغيرات الحاصلة عبر الزمن وقد ظهرت في العهود الأخيرة وجهة نظر تؤكد على الإنسان كونه المستوطن الرئيسي للأرض ... وقد لاقى هذا التوجه مجالا رحبا في فرنسا في النصف الأول من القرن العشرين إذ ازدهرت مدرسة الجغرافية البشرية ، والتي اهتمت بالعلاقة بين الإنسان والبيئة الطبيعية, كان من ابرز جغرافي هذه المدرسة : بول فيدال دي لابلاش P.Fedal De Laplash    

 

ثم كانت الانطلاقة الحديثة لجغرافية السكان على يد الجغرافي تريوارثا
Glenn T.Trewartha  في بداية النصف الثاني من القرن العشرين . وقد أوجز أفكاره ونقده لمن سبقه وعاصره من الجغرافيين في رسالة ألقاها إمام اتحاد الجغرافيين الأمريكيين عام 1953، وما جاء فيها : ( ان المحور والموضوع الرئيس والعنصر المحرك في الجغرافيا هو الحياة البشرية أو السكان.

 يعد النمو السكاني من الموضوعات المهمة التي تعالجها جغرافية السكان لعلاقته بالعديد من المشاكل التي يعاني منها السكان كالغذاء والخدمات و السكن, وتبرز أهمية النمو السكاني لان من خلاله يمكن معرفة التغيرات السكانية في الماضي والحاضر و المستقبل والذي وفر ويوفر للمخططين البيانات الضرورية للاستعانة بها من اجل وضع الخطوط العامة للبرامج التخطيطية في شتى مجالات الحياة الاقتصادية و الاجتماعية, لذلك أصبح النمو السكاني من الظواهر التي اكد عليها جغرافيو السكان

اتجاهات الفكر العالمي لنمو السكان:

v    تيار الفكر المالثوسي:  لقد ساد المجتمع العالمي منذ القرن الثامن عشر الى وقتنا الحالي, حيث يعد المفكر الانكليزي (مالثوس) مؤسسا لهذا الفكر الذي يقوم على انه ثمة تفاوتاً طبيعيا حتمي بين حجم موارد العيش المتمثلة في الغذاء الذي يتزايد وفقا لمتوالية عددية, وبين السكان الذي يميل عددهم نحو التزايد وفق متوالية هندسية, وقد أستند في ذلك على ثلاثة عوامل طبيعية وحتمية مرت بها التجمعات البشرية البدائية، ألا وهي المرض والجوع والفقر, ثم ما لبثت ان حلت محلها الحروب والأوبئة والمجاعة التي تتمثل حاليا في اطار الفكر المالثوسي في بعض مناطق العالم المنعزلة لقبائل حوض ألامزون و الاسكيمو وبعض جزر المحيط الهادي, التي مازالت تمثل مرحلة التجمعات البشرية البدائية. وفي اطار الفكر المالثوسي أيضا فأن سعي المجتمعات العالمية الى الحد من الحروب والأوبئة والمجاعات, لابد ان يؤدي الى اتساع الفجوة بين السكان والغذاء, لذا فأن الحل الامثل يظل مطروحا ضمن نطاق الأفكار المالثوسية الحديثة, وهو الحد من الإنجاب أو تأخير سن الزواج, وهذا ما اكد عليه بعض المفكرين حين اعتمدوا أسلوب خفض المواليد أساسا في ضبط النمو السكاني, وتخليص المجتمع من الكوارث والأمراض.

v    تيار الفكر المعتدل: ان جوهر فكرته تقوم على ان عناصر نمو السكان (المواليد والوفيات والهجرة), تتغير تغيراً جوهرياً مع تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي ترتبط بطبيعة المرحلة التاريخية التي يمر بها المجتمع, بمعنى ان النمو السكاني يتوقف على عوامل كثيرة منها ما يتعلق بالقوى الإنتاجية وعلاقات الإنتاج، ومنها ما يتعلق بالدين والنظام السياسي والبيئة الجغرافية.

    ومما يلاحظ عن تيار هذا الفكر, انه قد ابرز أولية العلاقات الإنتاجية وطبيعة النظام الاقتصادي والاجتماعي, باعتبارها مؤثرات أساسية فاعلة وايجابية في نمو السكان, وان بعض من مثلوا وجهة النظر هذه رفض ان تكون هنالك مشكلة في تزايد نمو السكان, بل عد تزايد السكان عاملا ايجابيا يخدم التطور الاجتماعي والاقتصادي, طالما ان السكان يمثلون القوة الإنتاجية الرئيسية في المجتمع, وان بارتفاع مستويات المعيشة وزيادة وتأثر النمو الصناعي سيكون السكان قابلا للتناقص بما يؤمن الموازنة الطبيعية بين موارد العيش وحجم السكان.

v    نظرية التحول الديموغرافي:  تمثل اتجاهاً حديثاً ومتطور في عالم الديموغرافيا, حيث اشتقت هذه النظرية افكارها من تحليل تغير الواقع السكاني لدول غرب اوربا عبر حقب التجارب التاريخية التي مرت بها.

   تقوم فكرة هذه النظرية على التسليم بان ثمة قانونا يحكم التغيرات المكانية, وان هذا القانون يرتبط بالتغيرات الاقتصادية التاريخية المتتابعة التي يشهدها المجتمع والتي حددت بأربعة مراحل معينة:

أ‌-       مجتمع الاقتصاد الزراعي, ويتميز بالدخل المنخفض وارتفاع معدل المواليد ومعدل الوفيات, حيث يصل المعدل لكل منهما ما بين (40-50 بالألف), والزيادة الطبيعية بطيئة او تكاد تكون معدومة, وان الجوع والأوبئة والحروب, تعتبر من صفات هذا المجتمع.

ب‌-  مرحلة انتقال المجتمع من زراعي الى صناعي, وتتسم هذه المرحلة بمعدل مواليد مرتفعة وثابتة وتقدر بحوالي (40 بالألف), يقابله تذبذب في انخفاض معدلات الوفيات يصل الى (10 بالألف) وذلك تبعا لتزايد النمو الاقتصادي الذي ينتج عنه تحسن في اوضاع المجتمع العامة والخاصة في مجال الرعاية الطبية والصحية.

ت‌-  المرحلة الحديثة التي يتحول فيها المجتمع الى اقتصاد السوق ألتخصصي, وفيه تميل الوفيات الى الانخفاض بسرعة تفوق انخفاض معدلات المواليد, التي تبدأ ايضا بالانخفاض التدريجي تبعا لسياسة الموازنة السكانية في المجتمع.

ث‌-  مرحلة الثبات (النمو الصفر), وفيها تكون معدلات المواليد تماثل معدلات الوفيات, واحيانا دونها مما يعطي ذلك مؤشرا بثبات او انعدام نمو السكان, وأحياناً انكماش في عدد السكان, كما هي متمثلة الان في بعض مجتمعات اوربا.

اليوم اغلب دول العالم اصبح فيها معدل النمو السكاني اقل من (1%) لا سيما الدول المتقدمة ودول اخرى قريبة من هذا الرقم (من 1-2%) في حين الدول النامية اغلبها تعاني من مشكلة الزياد الكبيرة في حجم السكاني بسبب ارتفاع معدلات النمو السكاني فيها اذ تزيد عن (3%) ومن ضمنها العراق لاسيما عدم وجود خطط واعية لاستيعاب هذه الاعداد وتوفير الغذاء والسكن والحياة الرغيدة وتوفير فرص العمل. ومحافظة الانبار من المحافظات التي يرتفع فيها معد النمو السكاني  بسبب الزواج المبكر وتعدد الزوجات فضلا عن الرغبة في تكرار الولادات.