الموارد الطبيعية مفهومها واهميتها وتصنيفها

الموارد الطبيعية مفهومها واهميتها وتصنيفها

المدرس اياد عباس عبد اللطيف

قسم الاقتصاد الزراعي

          كانت الموارد الطبيعية تعني عند معظم الاقتصاديين القدامى (سطح الأرض) ولذلك ركزوا على انها أصيلة لا تهلك، غير ان الفكر الاقتصادي المعاصر ينظر الى الموارد الطبيعية نظرة أكثر عمومية وشمولا" فيعرفها بانها أشياء مادية لها قيمة اقتصادية ليس للإنسان دخل مباشر في إيجادها، فالمخزون الطبيعي من المعادن ومدى توافر الغابات وكذلك المناخ والتضاريس والمساقط المائية والموقع الجغرافي كلها اشياء لها تأثير على الثروة القومية وذلك دون ان يكون للإنسان دخل مباشر في إيجادها.

       ومفهوم الموارد الطبيعية انها هبة الله سبحانه وتعالى خلقها وسخرها له ليحولها إلى موارد اقتصادية يستخدمها في إنتاج السلع والخدمات التي يحتاجها لإشباع رغباته. وتشمل الأرض والمياه والغابات والمراعي والحيوانات والشمس والهواء والمناخ والموقع، وترتبط ببعضها البعض ارتباط وثيقا “فعلى الأرض تقام المساكن والمرافق المختلفة وتنمو الغابات والمراعي وتعيش الحيوانات وهي تحتاج لأشعة الشمس والماء والهواء، وفي باطن الأرض توجد المعادن والوقود بمختلف أنواعها ...وللموارد الطبيعية أهمية قصوى للإنسان فهي مصدر المواد.

         والمورد لا يصبح موردا “بالمعنى الصحيح إلا بعد أن يقوم الإنسان باستغلاله لصالحه، وفائدته قد تتعدى الفائدة الآنية لإنسان الحاضر وتمتد إلى إنسان المستقبل، وهذا المفهوم قريب من معنى (المورد الاقتصادي) ويعرف بأنه كل ما يستخدمه الإنسان (بما في ذلك الإنسان نفسه) لتحقيق منفعة ما أو لإشباع رغبة معينة بطريقة وقيمة معينة مباشرة أو غير مباشر ويرتبط المورد الاقتصادي بتكلفة معينة، فالموارد الطبيعية التي لم تستخدم بعد لا تعد موارد اقتصادية. ومن هنا يعد علم اقتصاديات الموارد الطبيعية أحد فروع التي تختص بتطبيقات الأسس والنظريات الاقتصادية على الموارد الطبيعية، وهي تدخل كأحد مجالات علم الاقتصاد التطبيقي.

          تنبع اهمية اسباب دراسة اقتصاديات الموارد الطبيعية والبيئة من خلال اعتبارات اقتصادية واجتماعية منها: -

(1) ضرورة المحافظة على موارد المجتمع المتاحة واستغلالها الاستغلال الأمثل لتحقيق أقصى ناتج ممكن من استغلالها أو تقليل تكلفة الفرص البديلة، فالاستخدام غير الأمثل للموارد الطبيعية يؤدي الى هدرها ويقلل اجمالي الناتج المحلي بما يؤثر سلبا" على النمو الاقتصادي.

(2) اكتشاف الرابط بين الانسان والطبيعة من حوله والتي تنتشر في كافة الأغلفة الأرضية مثل الأغلفة المائية والترابية، والتعرف على الفوائد المتاحة من خلال الموارد الطبيعية.

(3)   إن استهلاك أو استغلال الموارد الطبيعية والبيئية غالبا" ما يؤدي الى مخرجات مصاحبة تسمى آثار خارجية أو   متعديات، وتسمى هكذا لأنها لا تكون عموما" مقصودة ولكنها تنتج مصاحبة لاستخدام الموارد، وتكون ذات آثار سلبية تؤثر على الرفاه الاقتصادي للمجتمع مما ينبغي تصحيح آثارها بالسياسات الاقتصادية الصحيحة.

(4) المشكلة السكانية والتزايد المتسارع في أعداد السكان في دول العالم وخصوصا" الدول النامية والحاجة لتوسع الانسان على حساب الموارد الطبيعية والحياة الفطرية مع محدودية هذه الموارد تدفع الى دراسة وضع الموارد الطبيعية وترشيد استخدامها للمحافظة على رفاهية الاجيال القادمة.

(5) ظهور أزمات عالمية (أزمة الطاقة والغذاء والمديونية والتلوث البيئي والتصحر والمجاعات) كلها تعد امتدادا" لعدم استغلال الموارد الطبيعية المتاحة بشكل أمثل وعقلاني.

(6) إن المحافظة على مستقبل الرفاهية لأي مجتمع تعتمد على كفاءة استغلاله لموارده المتاحة وتوزيع استخدامه زمنيا" ومكانيا" وقطاعيا" وهذا يتطلب معرفة الأسس العلمية والتطبيقية الممكنة لذلك.

(7) إن حالة عدم التأكد (اللايقين)Uncertainty المصاحبة لقضايا ومشكلات الموارد والبيئة تحتم دراستها لاستغلالها بشكل أمثل.

(8) أهمية تجنب الأزمات الاقتصادية وتقديم الأساس الصحيح للتخطيط الاقتصادي والبيئي بعيد المدى.

(9)   الخسائر الهائلة المتوقعة من تغير المناخ الكوني المتوقع حدوثه كنتيجة لزيادة استخدام الوقود المحترق أو الغازات المنبعثة من الصناعات المختلفة.

(10) تهدف الدراسة الجغرافية للموارد الطبيعية الى التعريف بها من حيث انواعها وصفاتها وتوزيعها الجغرافي وتحديد قيمتها لتلبية حاجات واشباع رغبات الانسان والتعرف على مشاكلها بغية وضع الحلول المناسبة لها، وللدراسة الجغرافية للموارد الطبيعية مبرراتها فالموارد وثيقة الصلة بالأرض وبالإنسان والتفاعل بين الأرض والانسان يقع في صلب البحث الجغرافي، اضافة الى تصديها لمشاكل تتعلق بمصلحة الانسان ودراستها مثل مشكلة الغذاء والطاقة والتلوث والانفجار السكاني.

تعد الموارد الطبيعية القاعدة التي يعتمد عليها تقدم ورفاهية المجتمع البشري، إذ أن وفرة أو ندرة تلك الموارد لها تأثيراتها الكبيرة على مركز هذا البلد أو ذاك بين بلدان العالم، فهي تؤثر على الحالة المعاشية للسكان وتعتبر مصدر قوة المجتمع أو الدولة الممثلة له، ويمكن أن نحدد أهميتها إضافة إلى ما سبق بالآتي: -

1. إن الموارد الطبيعية حجر الأساس الذي انبثقت عنه أهمية الجوانب الأخرى من الموارد (البشرية والحضارية) فالموارد الطبيعية كانت وما تزال بمثابة الحافز الأول لموارد الثروة البشرية وطاقة الإنسان كي تعمل لأجل الانتفاع بها وبناء حضارة الإنسان التي تكونت بدورها موردا خاصا من موارد الثروة (الموارد الحضارية).

2. لا يمكن لأي تخطيط اقتصادي إن يحقق أهدافه دون الاستيعاب والمعرفة الكاملة للموارد موقعا “وكما“.

3. إن تقدم الإنسان وتطوره يتوقف أساسا “على الموارد الطبيعية التي تلبي متطلباته وتشبع الكثير من رغباته واحتياجاته منذ ظهور الجنس البشري على الأرض.

(1)           يعتمد معدل دخل فرد ومستواه ألمعاشي في الدول والأقاليم إلى حد كبير على ما تمتلكه الدول والأقاليم من الموارد الطبيعية كما “ونوعا“.

إن الأمم التي تسيطر على القدر الأعظم من الموارد الطبيعية يمكنها أن تسخر هذه الموارد لرفاهية شعوبها، وقد تسخر جزءا“ غير قليل من تلك الموارد لبناء القوة الرادعة ضد الأمم الأخرى.

الموارد النادرة والموارد غير النادرة

              وجب التفريق بين الموارد النادرة وغير النادرة , فالموارد الطبيعية غير النادرة اذا كانت متوفرة بحيث يمكن الحصول عليها مجانا" أي أن سعر شراء المورد يساوي صفرا" ( صفر = P ) وهو ما يعني أن عرض المورد لا يتاثر بالطلب منه  وهذه الموارد لا تدخل ضمن الموارد الاقتصادية , ولكن الموارد التي يزيد الطلب عليها عن عرضها نتيجة تغيرات اقتصادية او تقنية فإن سعر شراءها يكون أكبر من الصفر (صفر < P ) وعليه تصبح هذه الموارد اقتصادية لأنها تتصف بخاصية الندرة Scarcity , وتعتبر الندرة أهم خاصية تميز الموارد وتجعل منها اقتصادية .

النضوب الجيولوجي والنضوب الاقتصادي للموارد الطبيعية

            النضوب الجيولوجي نفاد كامل المخزون من المورد نتيجة الاستمرار في استغلاله أو استخراجه، بحيث لا يبقى مخزون منه قابل للاستخراج فنيا" , وهو ما يعني ايضا" حدوث نضوب اقتصادي للمورد . بينما النضوب الاقتصادي للمورد فانه ممكن الحدوث أيضا" دون حدوث نضوب جيولوجي وذلك عندما يؤدي الاستمرار في استخراج المورد إلى ارتفاع تكاليف استخراجه بحيث تصبح التكاليف الحدية لاستخراج المورد MC أعلى من سعر المورد P والذي يساوي

 (OC + MC = P) فيصبح استخراج المورد غير مربح أي (OC + MC > P) أي أنه أصبح ناضبا" اقتصاديا" ويمكن حدوث تغير في حالة النضوب الاقتصادي للمورد إذا تم اكتشاف طرق فنية اقل تكلفة لاستخراج المورد أو في حالة ارتفاع سعر المورد. ((p  سعر المورد ... MC     تكلفة الحدية ..... OC    تكلفة الفرصة البديلة)).

تصنيف الموارد الطبيعية

             إن التقدم والتطور الحضاري الذي شهدته البشرية وتعقد مطالب الإنسان المادية زادت من كمية وأنواع الموارد التي يستخدمها عما كانت في بداية وجوده بكثير، مما دفع الباحثين إلى الاختلاف حول تصنيف الموارد الطبيعية.. واغلب التصنيفات تضم الآتي: -

أولا تقسيم الموارد على أساس التوزيع المكاني أو الوجود المكاني

ثانيا  تقسم الموارد على أساس أصلها وتكوينها.

ثالثا تقسم الموارد من حيث مظهرها.

رابعا تقسم الموارد على أساس عمر المورد.

خامسا تقسم الموارد على أساس هدف صيانتها والمحافظة عليها.

الضوابط الاقتصادية لاستغلال الموارد الطبيعية

إن معرفة الإنسان بوجود مورد طبيعي معين غير كاف للدلالة على إمكانية استثماره بصورة اقتصادية، وإنما هناك عوامل اقتصادية ينبغي الأخذ بها عند محاولة الاستثمار ومن هذه العوامل: -

1. السعر.. الذي يعد من الضوابط الرئيسة في استغلال الموارد خصوصا “إذا كان لذلك المورد منافس في السوق، فالسعر الجيد للمورد يدفع باتجاه استغلاله وإنتاجه والعكس صحيح.

2. من البديهي أن يحاول الإنسان إلى استغلال الموارد التي تتميز بوفرتها النسبية وسهولة الحصول عليها، فيبدأ باستثمارها. إلا أن زيادة الطلب على مورد معين بسبب مثلا زيادة عدد السكان والتقدم الحضاري يجعله يحاول استغلال هذا المورد بشكل اقتصادي أكثر من السابق وهكذا كلما زاد الطلب على المورد كان عاملا مهما لاستثماره.

3. موقع المورد بالنسبة لمناطق الاستهلاك ...للموقع أثر عام على استغلال الموارد حيث يلاحظ أن استغلالها يتوقف على درجة اتصالها بالأسواق ومصادر العمالة والطاقة، فعدم توفر سبل المواصلات بين موقع وجود المورد وبين المصادر الآنفة الذكر يكون من الصعب استغلالها.

4. التكاليف النسبية للإنتاج.. إذا كانت تكاليف إنتاج معدن معين تزيد على نفقات الحصول عليه من مصادر أخرى فإن إنتاجه يكون غير اقتصادي.

5. نوع المورد ودرجة جودته بالنسبة للموارد الأخرى المشابهة …. كلما كان المورد جيدا “ويفوق الموارد الأخرى المشابهة له في الجودة كلما شجع على استثماره.

6. عوامل اقتصادية أخرى.. من هذه العوامل: -

(أ) وفرة الأيدي العاملة.

(ب) وفرة رأس المال.

(ج) أهمية المورد الاقتصادية.

(د) السياسة الاقتصادية للدولة