سياسات اصلاح القطاع الزراعي في العراق ( السياسة التمويلية)

سياسات اصلاح القطاع الزراعي في العراق ( السياسة التمويلية)

 

الاستاذ الدكتور

علي درب كسار الحيالي

جامعة الانبار/ كلية الزراعة/ قسم الاقتصاد الزراعي

تعد مسالة اصلاح القطاع الزراعي من اهم الاولويات التي ينبغي التصدي لها  لا سيما في ظل الاوضاع العالمية الراهنة التي تنذر بظهور مشكلة اقتصادية كبيرة تتمثل بارتفاع اسعار الغذاء فضلا عن انخفاض واردات الغذاء الامر الذ يحتم الاسراع بمسالة اصلاح القطاع الزراعي في العراق . وليس من الممكن ان يتم تناول عملية الاصلاح في مقال صغير لذا سيتم تناول واحدة من اهم السياسات التي تلعب دورا مهما في عملية الاصلاح الا وهي السياسة التمويلية.

السياسة التمويلية:

 لجأت الدولة الى سياسة الاقراض لغرض تمويل المشاريع الزراعية عن طريق المصرف الزراعي العراقي التعاوني او المبادرات الزراعية التي اعتمدتها الوزارة بالتعاون مع بعض الجهات وكان الهدف تشجيع المزارعين و خريجي الكليات الزراعية والبيطرية من غير الموظفين في دوائر الدولة الى ولوج المشاريع الزراعية .

  وقد اسهم المصرف الزراعي التعاوني العراقي في عملية الاقراض اسهاما جيدا رغم العوائق التي واجهته ، وخلال المدة (1976-1986) قدم المصرف المذكور انواعا متعددة من القروض ، احتلت القروض متوسطة الاجل ما نسبته 43% من اجمالي القروض الكلية ، في حين مثلت القروض قصيرة الاجل ما نسبته 36% والطويلة الاجل 15%، وقد اتسمت سياسة المصرف بالمرونة تجاه استرداد القروض الممنوحة للتعاونيات الزراعية وذلك لكونها تتمتع بالحصانة مما ادى الى عدم اتخاذ اي اجراء ضدها في حال تأخرها عن السداد وهي ظاهرة غير صحية. واستمرت ظاهرة التأخر في استرداد القروض الى ما بعد عام 2003 . فقد اكدت احدى الدراسات التي تصدت لموضوع تقييم اداء المصرف الزراعي العراقي خلال المدة 2003-2008 الى النتائج الاتية:-

1-    انخفاض معيار الكفاءة التحصيلية ، فقد بلغت قيمة مؤشر التحصيل في اعلى نسبة له الى نسبة 19.21% في عام 2007

2-    بلغت نسبة مؤشر نسبة تحصيل القروض المتأخرة في اعلى قيمة لها عام 2008 3.49%.

3-    حقق مؤشر التصنيف الزمني للمتأخرات اعلى قيمة له عام 2008 53.63%.

4-    حقق مؤشر نسبة المبالغ المتأخرة لمجمل القروض القائمة اعلى قيمة له في عام 2008 1.54%.

5-    اما مؤشر نسب التحصيل العامة الى نسب المتأخرات فقد تفوقت نسب التحصيل بصورة عامة على نسب المتأخرات حيث بلغت اعلى قيمة للتحصيلات 19.21% في سنة 2007 مقابل 3.49% كأعلى نسب للمتأخرات في سنة 2008.

6-    مؤشر التسديد فقد بلغت اعلى قيمة له 0.19% في عام 2007

من ملاحظة الارقام الواردة في اعلاه نجد تراجعا كبيرا في اداء المصرف الزراعي الامر الذي يؤثر في طبيعة السياسة التمويلية .

  اما فيما يتعلق بالمبادرة الزراعية فقد تبين ان اهم ما تم التوصل اليه في هذا الشأن هو اختلاف سياسة إقراض المبادرة الزراعية وسياسة إقراض الصرف الزراعي التعاوني. فضلا عن عدم القدرة على تحديد المردود السلبي والايجابي للمبادرة الزراعية ، وكذلك  عدم تبني أسس الشفافية والإفصاح عند إعداد التقارير والقوائم المالية الخاصة بالمبادرة الزراعية والمصرف الزراعي . كما ان عدم وجود معايير و مؤشرات تقييم أداء المصرف عموما وعملية منح القروض خصوصا ، وتعارض السياسة الاقراضية للمصرف الزراعي التعاوني والسياسة الاقراضية للمبادرة الزراعية ، كلها كانت عوامل ادت الى عدم تحقيق المبادرة الزراعية لأهدافها كاملة. وعلى الرغم من ان المبادرة الزراعية اسهمت في زيادة مبالغ القروض الممنوحة من قبل المصرف الزراعي التعاوني عبر فترة الدراسة . الا ان ضعف الإجراءات الرقابية المتخذة من قبل الرقابة الداخلية والخارجية للمصرف بخصوص متابعة امتثال المصرف الزراعي التعاوني للتعليمات والقوانين والإجراءات الحصينة المتعارف عليها لم يكن عاملا مشجعا في نجاح المبادرة الزراعية بشكل مشجع.

 

ملخص القول ان السياسة التمويلية كان هدفها نبيلا وفي صالح القطاع الزراعي الا ان تنفيذها كان متعثرا وكما اشارت اليه الدراسات التي تصدت لهذا الموضوع وهو ما ادى الى ضياع الكثير من الاموال او صرفت في غير محلها ، وبالرغم من التشريعات التي شرعت لحماية هذه الاموال كانت ضابطة لعمليات الفساد التي قد تنشأ الا ان الالتفاف على هذه التشريعات كانت موجودة من بعض ضعاف النفوس وبالتالي فان سعي الدوائر الزراعية  والوزارات المختصة كان سعيا دؤوبا وحثيثا غير ان استشراء الفساد كان دائما عائقا امام عمليات الاصلاح في كل قطاع.