الأمن الغذائي والمحاصيل المرنة لتقلبات المناخ

الأمن الغذائي والمحاصيل المرنة لتقلبات المناخ

 

الأستاذ المساعد الدكتور محمد حمدان عيدان

معاون العميد للشؤون العلمية والطلبة 

  من المتوقع أن تزداد المخاطر المتعلقة بالمناخ بشكل كبير وهذا سيؤدي الى اضرار كبيرة على حياة الناس وخصوصا الذين يعيشون تحت خط الفقر. تكون بلدان العالم الثالث أكثر عرضة لهذه المخاطر اذ ان الاخطار فيها تكون محسوسة وخصوصا أن اغلب هذه البلدان تعاني من قلة الامن الغذائي والمائي. وللحاجة الماسة لتوفير الامن الغذائي والمائي، لذا فان دعم الزراعة المقاومة للمناخ في المناطق المتاثرة بالتغير المناخي (Climate Change) ضرورة ملحة لحفظ الامن الغذائي والدعم الكافي للمجتمعات الريفية. يمكن تعريف المحاصيل المرنة لتقلبات المناخ  هي ذات المحاصيل التي تمتلك قابلية كبيرة على الانتاج العالي تحت تأثير تقلبات المناخ وعلية نشأت ضرورة استخدام هكذا محاصيل لسد النقص الحاصل بالغذاء نتيجة لتزايد الكثافة السكانية من جهة و أزدياد المخاطر البيئية من جهة اخرى. هناك الكثير من  التاثيرات السلبية للتغير المناخي كالانخفاض في التطور الاقتصادي، والصحة العامة و تدهور النظام البيئي والهجرة والصراعات والحروب وانتشار الامراض والاوبئة والتي ستؤدي الي  تعريض  المجتمعات الى التاثير المباشر لكل هذه المخاطر. لذلك يجب ان تتظافر الجهود لتحسين حاصل الحاصلات الزراعية مع تقليل مدخلات النمو (مثل الاسمدة والري والمبيدات وغيرها) وكذلك تحسين ادامة الحاصل من خلال تحسين صفات تحمل الأجهادات الحيوية وغير الحيوية. بالاضافة الى فهم دقيق لعلاقة النبات مع احياء التربة الدقيقة وتحسين صفات التربة. من المحاصيل التي ثبت انها مرنة لتقلبات المناخ في الاونة الاخيرة هي الكينوا و الدخن اللؤلؤي و الذرة البيضاء وهذا يدفع مربي النبات الى استنباط وأنتاج نباتات ذات مرونة في مواجهة تقلبات المناخ. من أكثر المخاطر البيئية التي تزايدت بشكل كبير في العقود الاخيرة هي قلة كمية ونوعية المياه والملوحة وارتفاع درجات الحرارة. يعتبر توفر الماء من اكثر الاجهادات البيئية خطورة على حياة الكائنات الحية ومنها النبات، أذ ان الجفاف لوحدة يسبب انخفاض الانتاجية بنسبة تتجاوز 50% من الاراضي الصالحة للزراعة بالعالم ومايزيد من خطورته قلة الماء الصالح للزراعة هو التنافس بين المناطق الحضرية والزراعية على الماء. على الرغم من امكانية استخدام الماء قليل الملوحة في ري المحاصيل الا انه ينجح فقط عند زراعة المحاصيل المتحملة للملوحة او في حالة اتباع نظام ادارة يخفف ضرر الملوحة. فالملوحة خطر متزايد ومرافق لمشكلة قلة الماء وخصوصا للمحاصيل الحساسة للملوحة كالحنطة والرز اللذين يعتمد عليهما الغالبية العظمى من البشر مما يضطر مربي النبات على انتاج اصناف متحملة للملوحة عن طريق فهم الاليات الفسيولوجية والبيوكيمائية والجزيئية لغرض تشخيص الجينات المتحملة للملوحة والاستفادة منها. أما بالنسبة لدرجات الحرارة المتطرفة (الحرارة المرتفعة والبرودة والانجماد) فأنها تسبب تدهور انتاجية المحاصيل الحقلية. تكون المناطق الجافة وشبه الجافة من العالم من اكثر المناطق المعرضة لتقلبات المناخ لكن ضرر ارتفاع حرارة الكوكب ايضا له تاثيرا خطيرا على قطبي الكرة الارضية من خلال اذابة الثلوج وزيادة مستوى سطح البحر. تاثير درجة الحرارة على النباتات اثناء فترة التزهير يؤدي الى تدهور كبير في الانتاجية. لذا، فأن فهم اليات تحمل درجات الحرارة سيساعد بشكل كبير على انتاج محاصيل مرنة لتقلبات المناخ. أولى الخطوات التي يجب ان تتبع هي أيجاد أو انتاج أصناف لمحاصيل وانواع نباتية ملائمة لبيئات زراعية مختلفة وهي من التحديات الكبيرة التي تواجهها الدول والشركات الزراعية وحتى الفلاحين والمزارعين لغرض توفير الغذاء للازم للبشرية. أستراتيجيات الادراة المتكاملة مثل تحديد موعد الزراعة الامثل وكمية المغذيات المضافة وادارة مكافحة الافات الزراعية، تسهم بشكل كبير لتحديد الامكانيات الوراثية للمحاصيل المختلفة. تحسين المرونة للمحاصيل المختلفة لمواجهة التحديات المناخية وأدامة الغذاء يجب ان يكون من أولويات صانعي القرار. وفي هذا الصدد فان انتاج اصناف مرنة لتقلبات المناخ هي واحدة من اهم المصادر المستدامة للغذاء. هكذا نوع من المحاصيل يجب ان يضمن في البرامج الوطنية لغرض تبنيها ومتابعة أيصالها الى الفلاحين والمزارعين وكذلك الحفاظ على اصولها الوراثية لغرض استخدامها في برامج التربية والتحسين.