الغذاء والسرطان

الغذاء والسرطان

 

م. فدوى وليد عبد القهار

 قسم علوم الأغذية/ كلية الزراعة / جامعة الأنبار

هناك العديد من الدراسات التي حاولت تحديد مدى قدرة أغذية معينة غلى زيادة أو تقليل خطر الإصابة بالسرطان. ولسوء الحظ كانت النتائج متضاربة، لذا فمن الصعوبة بمكان التأكيد على تأثير الأغذية أو المكمّلات الغذائية على الإصابة بالسرطان. ومن أهم المشاكل التي تواجه مثل تلك الدراسات هي ان المرضى الذين يتناولون أغذية معينة وتكون معدلات إصابتهم بسرطان معين أقل، يكون من الصعب معرفة مدى اختلافهم من حيث عوامل الخطر الأخرى للإصابة بالسرطان أيضا (كالعوامل البيئية والوراثية والعادات اليومية والتدخين وغيرها). ورغم أن هناك تجارب طبية مضبوطة عديدة أجريت من قبل الأطباء قدموا فيها الأغذية المفيدة او المكملات الغذائية عشوائيا لبعض المرضى، الا أنَّها لم تُظهِر أدلة كافية. لذا ما زالت الكثير من الدراسات قيدَ الإجراء.

الوقاية من السرطان عن طريق التغذية:

تتسبب التغذية غير السليمة في زيادة انتشار بعض أنواع السرطان عالميا، إذ وجد أن زيادة الاصابة بسرطان الجهاز الهضمي قد تنتج عن تناول أنواع معينة من الغذاء. فقد وجد ان 30% من حالات السرطان سببها الغذاء، وتعزى البقية للعوامل الوراثية والبيئية وغيرها. يؤثر الغذاء أيضاً في زيادة او سرعة انتشار الخلايا السرطانية او العكس. كما وجد أن السرطان الناتج عن سوء تغذية المصابين، يجعلهم بحاجة إلى نظام تغذية خاصة أثناء المرض.

 سرطانات الجهاز الهضمي:

 ينتج سرطان الجهاز الهضمي غالبا بسبب تواجد العوامل المسرطنة في الغذاء، خاصة عند بقاء ذلك الغذاء في بعض مناطقه لمدة طويلة نسبيا، مما يجعل العوامل المسرطنة الغذائية في احتكاك لمدة أطول بها. ومن تلك المناطق؛ المريء، ومنطقة اتصال المعدة والاثني عشر، ومنطقة اتصال الأمعاء الدقيقة بالقولون. وبعد امتصاص تلك العوامل من قبل الأمعاء تنتقل إلى الكبد، و إلى الكلى، والمثانة، لذا قد تصاب تلك الاعضاء بالسرطان أيضاً بتأثير المواد المسرطنة.

أهم العوامل المسرطنة في الغذاء الواجب تجنبها:

تتضمن أهم العوامل المسرطنة في الغذاء ما يلي:

التبغ: يساعد التدخين على زيادة الاصابة بسرطان الفم، والمريء، والرئة، والبروستات وسرطان الجهاز الهضمي، وخصوصاً سرطان البنكرياس.

سم الأفلاتوكسين: تتكون هذه المادة من جراء خزن المواد الغذائية كالحبوب والبذور والبقول وبعض المواد الغذائية الأخرى لفترة طويلة في ظروف غير صحية. وجد أن كمية قليلة من الأفلاتوكسين تسبب تسمماً شديداً مع تمزق في خلايا الكبد، إذ تسبب إعطاء 0.2 ميكروغرام/ اليوم إلى مجموعة من فئران التجارب بإصابتها بسرطان الكبد 100%. كما وجد أن تلوث الأطعمة بالأفلاتوكسين أدى إلى زيادة في نسبة اصابة الأشخاص بسرطان الكبد في أماكن مختلفة من العالم.

نتروز أمين: توجد مادة النترات في بعض الأغذية الحيوانية والنباتية، وتتحول في المعدة إلى مادة نتريت ثم تتفاعل مع المواد الأمينية الثانوية في الغذاء أو في المعدة مكونة النتروز أمين، وعند اعطائها إلى الفئران سببت أوراماً سرطانية في الجهاز الهضمي. تستعمل النترات والنتريت كمواد حافظة ضد بعض أنواع البكتيريا الخطيرة مثل Clostridium، المسببة للتسمم الغذائي المصنعة خاصة اللحوم المعلبة والمصنعة كاللانشون والنقانق hot dogs والمارتديللا وغيرها. وقد سمحت منظمة الصحة العالمية بتناول 125 ملغم/ كغم من وزن الجسم للشخص في اليوم الواحد، لأن تناول كمية كبيرة من هذه المادة قد يؤدي إلى الاصابة بسرطان الجهاز الهضمي كسرطان المعدة والقولون والمستقيم، لذا ينصح بعدم تناول مثل تلك الانواع من اللحوم من قبل الأطفال تحت سن العاشرة مطلقاً.

اللحوم المصنعة: كاللحوم المعرضة للحرارة المرتفعة جدا كاللحوم المقلية او المشوية، اضافة الى اللحوم المدخنة. اذ يمكن أن تحتوي تلك الأنواع من اللحوم على بعض المركبات الكيميائية المسرطنة.

الكحول: يسبب تناول الكحول بكثرة سرطان الفم والحلق المريء والبنكرياس والكبد والثدي والمستقيم، وزيادة نسبة الإصابة بسرطان القولون عند الرجال. ويزداد خطر الإصابة لدى الأشخاص المدخنين الذين يتناولون الكحول.

المحلّيات الصناعية: بالرغم من وجود بيانات أولية تدل على زيادة خطر الإصابة بسرطان المثانة والدماغ والورم اللمفي بسبب تناول بعض المحليات الصناعية من خلال بعض الدراسات التي أجريت على الحيوانات، إلا انه لا توجد هكذا بيانات في الدراسات التي أجريت على البشر.

الأغذية الُعدلة وراثياً Bio-engineered: تنتج من التعديل الجيني لبعض النباتات أو الكائنات الدقيقة لمنحها صفات مرغوبة مثل زيادة قساوة النباتات أو مقاومتها للآفات أو لتحسينها بطريقة أخرى. لا يتوفر دليل حاليا يوضح أن لتلك الأغذية تأثير في الإصابة بالسرطان.

الدهون والشحوم: توجد علاقة قوية بين تناول الدهون بكثرة والاصابة بسرطان الأمعاء الغليظة، لأن زيادة تناول الدهون والشحوم تؤدي إلى زيادة إفراز العصارة الصفراوية فتكون بدورها أحماضاً صفراوية ثانوية تطرح خارج الجسم عن طريق الأمعاء. وقد ثبت علمياً تسببها بالورم السرطاني عند ملامستها لجدار الأمعاء لمدة طويلة. كما أن كثرة تناول الدهون بالنسبة للنساء قد تؤدي إلى زيادة أو قلة إفراز بعض الهرمونات فيؤدي بذلك لزيادة نسبة اصابتهن بسرطان الثدي.

المضافات الغذائية Food additives: يجب ان تحصل المضافات الغذائيَّة على الموافقة من قبل إدارة الغذاء والدواء قبل إضافتها إلى الأغذية بعد خضوعها لاختبارات مكثفة. ولحد الآن، لا يوجد دليل على أن مستويات المضافات الغذائية الموجودة في المنتجات الغذائية، ضمن المسموح به من قبل إدارة الدواء والغذاء، تزيد من خطر الإصابة بالسرطان.

السمنة أو زيادة الوزن: تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي وبطانة الرحم عند النساء بعد سن انقطاع الطمث. كما تزيد السمنة أيضا من خطر سرطانات القولون والمستقيم والمريء والبنكرياس والكلى وسرطان اللمف وأنواع أخرى من السرطان.

المبيدات الحشرية: لا يتوفر دليل على أن متبقيات المبيدات الموجودة بكميات ضئيلة على الغذاء تزيد من نسبة الإصابة بالسرطان. الا انه توجد دراسات تدل على الترابط بينهما عند زيادة التعرض لمثل تلك المبيدات في الغذاء.

الملح: يمكن للنظام الغذائي الحاوي على كميات كبيرة من الطعام المحفوظ بالتَّخليل أو التَّمليح أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الحلق والمعدة. ولكن لا يوجد خطر مماثل ناجم عن تناول كمية قليلة أو متوسطة من الملح لإعطاء نكهة.

الفولات أو حامض الفوليك: تساعد في الوقاية من سرطان القولون، لكن وجد في دراسات حديثة أن مكملات حمض الفوليك قد تزيد فعلياً خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم وسرطان البروستات، وسرطان الثدي. وبصورة عامة تكفي الفولات المتواجدة في الأنظمة الغذائية دون الحاجة الى تناولها بشكل مكملات غذائية.

كلمات مفتاحية:

الغذاء والسرطان، مضادات الأكسدة، سرطان الجهاز الهضمي، الوقاية من السرطان، نتروز أمين. 

لتحميل المقالة انقر هنا