ذاكرة البذور المستوطنة

ذاكرة البذور المستوطنة

ا.د. حمود غربي خليفة

قسم البستنة وهندسة الحدائق/ كلية الزراعة - جامعة الانبار

تتكاثر غالبية النباتات بالبذور ومعظم الاصناف توالدت وانتجت من البذور رغم تشابه البذور لكنها تختلف في مكنونها من المعلومات الخاصة بها المتمثلة في البيئة التي انتجت منها سواء في موطنها الاصلي او منطقة انتاجها والتي تعبر فيه عن ظروف انتاجها بكل أشكاله... وحين يتم نقلها الى بلد اخر تختلف ظروفه البيئية عن ظروف انتاجها ، الامر الذي  يتطلب من النباتات الناتجة من تلك البذور ان تتكييف للظروف البيئة الجديدة لابل قد يتطلب الامر مقاومة للظروف القاسية ويظهر ذلك عند فقدان  او انخفاض بعض صفاتها عما كانت  في موطنها الاصلي     علما ان فقدان بعض صفاتها ايذانا منها للتكييف مع الظروف الجديدة ، او قد تتفوق في الانتاج على اقرانها في موطنها الاصلي. والذي نادرا ما يحدث الا اذا كانت ظروف موقع انتاجها مشابهه للبيئة الجديدة. لذلك قبل نشرها واعتمادها في المكان الجديد يستدعي المعنيين بالزراعة تقييم ادائها واعتماد المناسب من غير المناسب وفق معايير كمية الانتاج ومقاومة الظروف والامراض. لتبسيط الفكرة لدى القارئ نأتي الى الجانب التطبيقي في مثال بسيط جدا حيث نبات الباميا عندما نلاحظ ان اول زهرة مبكرة اعطت ثمرة  نتسابق في جنيها كمحصول مبكر لان المطابخ تنتظرها لكن  ذلك يزعج مربي النبات لان بذور هذه الثمار  تحمل صفة التبكير وهو حلم كل مربي ومنتج لذلك نلاحظ معظم مزارعينا المحليين قلما يترك الثمار الأولية لجمع بذورها  للزراعة المتتالية ،مع ان بذورها تكون كبيرة وغنية جدا بالمواد الغذائية والهرمونية وكل مواصفات البذور الجيدة وانما يعتمد  في جمع البذور على بذور الثمار في اخر موسم النمو ليجعل منها مصدر للبذور وهو من العوامل ذات  العلاقة الكبيرة  في تدهور البذور لاحقا لما  تمتاز الاخيرة  بعدم اكتمال نموها  وعدم نضجها وانخفاض محتواها الغذائي والهرموني وصغر حجمها اضافة الى تأخير انباتها  وانخفاض انتاجها وبمرور الوقت نحصل على صنف متأخر ومتدهور تسبقه الاصناف المستوردة رغم انتاجها في غير بيئتنا . بعد ان اصبحت الفكرة واضحة نأتي للذاكرة الخزنية للبذرة وما تحتويه من معلومات دونتها في البيئة التي انتجت البذور فيها وما رافقها من تكييف فسلجي حفظته البذور لتبدا حياتها الجديدة في البيئة الجديدة ومع استمرار النسل تصبح بمنزلة الصنف المحلي المقاوم للظروف البيئية ومنتجة يسبقها دخول الصفات النوعية في الطعم ليجد المربي نفسة امام عمل الانتخاب للأجيال كي ينتج صنف مرغوب جدا ينافس المستورد، وما على المعنيين الا عمل بنك البذور المحلية او التي استوطنت البيئة المحلية ليكون مصدرا رسميا معتمدا. علما ان معظم الاصناف المستوردة قديما اصبحت بتسميتها المحلية اصناف محلية معروفة ومعتمدة من قبل المزارعين والمستهلكين خلاصة مضمون المقالة علميا ان جلب اصناف من النباتات سواء محاصيل الخضر او المحاصيل الحقلية يتطلب من الجهات العلمية تقييم اداءها الفسلجي  والانتاجي اولا ثم اعتماد ما يناسب البيئة المحلية يعقبه استنباط نباتات من بذور تلك الاصناف بطريقة الانتخاب والعمل على زراعتها لسنتين او اكثر في نفس البيئة مع مقارنة انتاجيتها وسيتدخل الانتخاب في اختيار النباتات المميزة  واعتماد بذورها وبمرور الوقت يصبح لنا صنف معتمد ومنتج وفق المعايير المعتمدة لدى الجهات المعنية علما ان هذه المقالة تخص الاصناف وليس الهجن ...

 لتحميل المقالة انقر هنا