مقالة علمية
م.د. أطياف عبدالقهار يونس – رئيس قسم البيئة
قد يكون 5 حزيران كباقي الايام عند الكثير...لكنه يوم مميز ومهم لدى البعض ويجب أن يكون مهماً لنا جميعاً ، ففي عام 1972 خصصت الجمعية العامة للامم المتحدة يوم 5 يونيو للاحتفال بيوم البيئة العالمي وذلك من اجل تعميق الوعي العام للحفاظ على البيئة وجاء اختيار التاريخ هذا بمناسبة انشاء برنامج الامم المتحدة للبيئة (UNEP) وهو مختصر United Nations Environment Programme في نفس هذه السنة ولكل سنة احتفالية تحت شعار مختلف لقضايا البيئة ليعمل العالم عليها واقل ما يمكن عمله هو التوعية فيه حيث ان الاحتفالات العالمية لأي مناسبة ماهي الا فرصة لرفع الوعي العالمي وكسب التأييد والالتزامات الصحيحة بموضوع الحدث. وهذه السنة الاستثنائية بكل احداثها كان شعار اليوم العالمي للبيئة هو (أرضنا مستقبلنا) في ظل ما تشهده الكرة الارضية من الظروف الطارئة للتغيرات المناخية والجفاف والكوارث الطبيعية التي عاشها العالم لذا يركز العالم في هذا الحدث والذي استضافته المملكة العربية السعودية لهذا اليوم العالمي للبيئة الموافق 5 حزيران 2024 وركز فيه على استعادة الاراضي ، وايقاف التصحر وبناء خطة استراتيجية لمقاومة الجفاف.
أن الله سبحانه وتعالى يرسل لنا رسائل أنذار عن طريق الطبيعة لكننا كبشر لا نفقه ولا نأبه لها فقد ارسلت لنا رسالة بليغة المعاني من خلال اعادة الله سبحانه وتعالى التوازن البيئي واصلاحه جل في علاه ما اتلفنا فيها من خلال انشطتنا البشرية المختلفة عندما انتشر وباء كورونا كون الانسان سبب الرئيسي لاختلال التوزان البيئي للكرة الارضية وقد صدق الله تعالى عندما وصف لنا هذا في كتابه الكريم في الاية41 من سورة الروم , بسم الله الرحمن الرحيم ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) صدق الله العظيم .
فالاطعمة التي نتناولها والهواء الذي نتنفسه والمياه التي نشربها والمناخ الذي يجعل من الارض بيئة صالحة للعيش فيها هي كلها من منافع الطبيعة فالنباتات البحرية والشعاب المرجانية هي رئة الكون حيث تنتج سنوياً أكثر من نصف كمية الاوكسجين في غلافنا الجوي وقد لوث الانسان المحيطات بحمولات مختلفة من السفن كالبترول مثلاً والبلاستك من الشواطىء ، والاشجارعلى اليابسة لها دور كبير حيث تمتص كل شجرة معمرة منها 22 كيلوغرام من ثاني اوكسيد الكاربون ( غاز دفيء) وتطلق بقدره اوكسجين للجو وقد جرف وحرق الانسان بقصد ودون قصد مساحات واسعة من الغابات والمساحات الخضراء وقضى على التنوع البيولوجي فيها ولازالت الدول لا توفي بالتزاماتها للعالم بالحفاظ على
البيئة ولا تلتزم بالاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها من اجل حماية وتحسين
البيئة وخاصة ما يخص تلوث الهواء والتغيرات المناخية والحفاظ على التنوع والتوازن البيولوجي وهو الاساس الذي يدعم جميع اشكال الحياة على الارض وتحت سطح الماء فهو يؤثر على كل جانب من جوانب صحة الانسان ويوفر الهواء النقي والمياه والاغذية ومصادر الادوية الطبيعية ومقاومة الامراض الطبيعية. والتخفيف من وطأة تغير المناخ لان هناك اكثر من مليون نوع من النباتات والحيوانات تواجه خطر الانقراض بسبب الانسان ولابد ان نعي ان الله سبحانه وتعالى لم يخلقها في البيئة عبثاً.
الاحتفال بهذه المناسبة اليوم على ارض الحرمين الشريفين تحت شعار يحمل الانسانية جمعاء المسؤولية في بقاء وصلاح الارض التي استخلفنا الله سبحانه وتعالى فيها لاعمارها ليس بناطحات السحاب التي تطاولنا بها بل بالحياة والتمتع بالصحة والسلام عن طريق الحفاظ على الغطاء الأخضر والحد من التلوث بكل أنواعه ونحن بدورنا نرجو ان تكون هذه المناسبة فرصة لنرفع في انفسنا جميعاً روح المسؤولية تجاه البيئة التي نعيش فيها فلا نرمي ، لا نحرق ، لا نقتلع ولا نصطاد عبثاً بدون وعي بالعواقب فان في البيئة امم امثالنا خلقها الله كما خلقنا وابلغنا باننا خلفاء في الارض ونحن المسؤولون عن الحفاظ عليها فلنراجع سلوكنا اليومي أتجاه البيئة التي نعيش فيها لان اختلال في توازنها سيرتد سلباً علينا وان نعي واجبنا الإنساني أتجاه الأجيال القادمة في الحفاظ على بيئة سليمة يعيشون فيها وأن نسعى الى أن تتعافى مما أصابها وان نرد الى الله في كل حياتنا رداً جميلاً وان يعافينا ويقينا شر الاسقام والمحدثات جميعاً.