الفرق بين اللغة العلمية واللغة الأدبية

الفرق بين اللغة العلمية واللغة الأدبية

الفرق بين اللغة العلمية واللغة الأدبية

م.د. سوزان عبد الواحد عبد الجبار

كلية العلوم التطبيقية - هيت

إن أشهر تعريف للغة شاع في العصور الوسطى وما زال العلماء يرددونه حتى الآن هو أن اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أفكارهم ،وقد قسم العلماء اللغة إلى أسلوبين رئيسين هما :الاسلوب العلمي ،والاسلوب الأدبي ،وما دامت اللغة هي الألفاظ التي يعبر بها عن الأفكار ،لذا فأن الفارق الجوهري بين اللغة العلمية واللغة الأدبية هو موضوع الحديث والفكرة ، فإن كان موضوع الحديث حقائق ثابتة يراد شرحها وتلخيصها لتستقر في الأذهان، وتأخذ شكل القوانين العلمية ،ويهدف منها الكاتب إلى إقناع السامع أو القارئ بالنتائج التي توصل إليها ،فإن مثل هذا النوع من الأفكار يتطلب من الباحثين عملاً خاصاً وطريقة معينة وهذا يعرف باللغة العلمية ،ويتبع فيه الباحث الخطوات التالية :

·      اختيار الأفكار التي يريد شرحها لقيمتها العلمية

·      أن يرتب الأفكار ترتيباً منطقياً، ليكون ذلك ادعى إلى فهمها وحسن تنسيقها وارتباطها في الذهن

·      أن يختار المفردات اللغوية الواضحة الدلالة الملائمة للفكرة العلمية ليكشف بها عما في نفسه من حقائق وقيم وأفكار علمية، فاللغة العلمية موضوعها حقائق ذهنية ومظهرها العام اسلوب خبري يوضح الواقع ومؤيدة بالأدلة والقوانين العقلية أو التجريبية أو النقلية، والبراهين.

·      أن اللغة العلمية قد تستخدم أحياناً بعض خصائص اللغة الأدبية كالمجاز والتشبيه ولكن معناها يظل ذهنياً يدل على حقائق جافة تخاطب العقل وليس للعاطفة فيها أدنى نصيب.

·      الألفاظ في اللغة العلمية لابد أن تدل على معانيها الاصطلاحية العلمية أو الفنية أو الوضعية؛ ولهذا اشترط المناطقة تجريد الألفاظ العلمية من معاني المجاز وإبقاءها على معانيها الوضعية لان استخدام المجاز فيها يؤدي إلى المخالطة في الاستنتاج.

·      التكرار لا يحمد في اللغة العلمية، بينما يقدم بوظيفة مهمة في اللغة الأدبية إذا دعت اليه ضرورة بيانية، مثاله في التعبير القرآني تشبيه المنافقين ب (رجل استوقد ناراً) مرة، ثم تشبيههم بعد ذلك ب (ذي صَيِب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق)، وتشبيه أعمال الكفار ب (السراب يحسبه الظمآن ماءً) مرة، ثم تشبيهها بعد ذلك ب (ظلمات في بحر لجي).  

إما اللغة الأدبية ،كاللغة العلمية فيها أفكار ولها ألفاظ تحمل تللك الأفكار ، والاختلاف بينهما يكمن في نوع الفكرة التي يؤديها كل منهما ؛فاللغة العلمية تخاطب العقل وموضوعها حقائق ثابتة أو كالثابتة ، وقلَ أن نجد فيها أثراً للانفعال، بينما اللغة الادبية تخاطب العاطفة فتثيرها بما تبسطه أمامها من تجارب وقيم شعورية وغايتها الإمتاع الجمالي والإقناع الذوقي، أما اللغة العلمية فهدفها الاقناع العقلي بما تستخلصه من نتائج مدعومة بالدليل ، والعبارات في اللغة العلمية دقيقة محددة الدلالة لا إيحاء فيها ولا تعميم ، وفي اللغة الادبية نجد فخامة الالفاظ والايحاء والاثارة والشمول لما في اللفظ من دلالات مجازية وتشبيهية أو كنائية .كما أن التجربة في اللغة العلمية وسيلة إلى غاية أكبر منها تصير في النهاية قاعدة أو قانوناً، يقول سيد قطب : وليس للتجربة بعد صياغة القاعدة منها أي قيمة إلا من حيث هي مظهر (تاريخي ) من مظاهر تطور العلم . أما التجربة في اللغة الأدبية فهي نفسها الغاية.

وما دامت الأفكار هي التي تحدد نوع اللغة، اسأل سؤالاً فحواه: هل يمكن التفكير بدون لغة؟ هل يمكن أن يجري الأنسان معادلة جبرية، أو تجربة فيزيائية بدون لغة؟ أم اللغة ضرورية في كل عملية تفكير؟ للإجابة على هذا السؤال أقول: أن التعبير اللغوي أسمى أنواع التعبير، وأوضحها في الدلالة على المراد. فاللغة ضرورية في كل عملية تفكير مفيد ،والانسان يفكر بمعونة المفردات لأنها ظلال المعاني أما التفكير بدون لغة فيمكن إذا استبدلنا باللغة رموزا أخرى تحل محلها في الدلالة ، وإذا كان الأمر كذلك فإن هذه الرموز تصير لغة بديلة وبذلك تكن النتيجة أن اللغة ضرورية في كل تفكير لان التفكير عمل ولكل عمل مادة ومجال ومادة التفكير لا تتحقق الا عن طريق وحدات تدل على أجزائها وهي المفردات اللغوية ومن هنا تظهر أهمية اللغة في التفكير إذ هي وسيلته تكوينا ونقلا .وأقول أن اللغة عامل مهم في تنمية الذكاء وحدته ، ما دامت اللغة هي الاداة في التفكير ، فقدرة الانسان اللغوية تتناسب تناسبا طرديا مع قدرات الذكاء ، فكلما زادت مقدرته اللغوية زادت درجة الذكاء عنده ، فالباحثون الذين يفكرون تفكيرا عميقا مضطرون للبحث عن معلومات ومعارف ، ونتيجة ذلك أنهم يحصلون على ثروة هائلة من تلك الافكار ومن البديهي أن هذه الافكار تستدعي الالفاظ التي تدل عليها وبها يكون التفكير والتحصيل وبذلك نطلق على مثل هؤلاء أنهم مفكرون أو باحثون أذكياء. 

الكلمات المفتاحية: الاسلوب العلمي، الاسلوب اللغوي، الدلالة، دلالات مجازية، ظلال المعاني. 

  #جامعة_الانبار                                                                                                                                               

رابط المقالة pdf