المجتمعات الريعية بين مطرقة الدولار وسندان الروبل

م. محمد صالح جسام

قسم الاجتماع – كلية الآداب

    تزداد الروابط بين مجتمعات العالم بكافة ابنيتها وانساقها بصورة مضطردة منذ اندلاع ثورات وتكنولوجيات الاتصالات وزيادة تعشيق المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية ، ولهذه الحقيقة ايجابياتها وسلبياتها فمن السلبيات ان اية ازمة اقتصادية او امنية دولية باتت تؤثر بشكل ملموس على نمط حياة المجتمعات ولم يعد يسعفها الثنائي الجغرافي فنلاحظ انعكاس ذلك على حركة التبادل التجاري وارتفاع الاسعار وغيرها ، وحري بمجتمع شديد التأثر بمختلف الاحداث كالمجتمع العراقي ان يسعى جديا لوضع ملامح سياسة اجتماعـ - اقتصادية عاجلة تسهم في تقليل حدة اثار تلك المتغيرات الدولية على الواقع العراقي بكل مجالاته ، وتلوح بالأفق حاليا بوادر تكوين نظام دولي متعدد الاقطاب ولعل اهم ما صدر من قرارات منذ اندلاع الحرب في شرق اوروبا بل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية هو قرار روسيا الاخير المتمثل بربط الروبل بالذهب وهو قرار ستكون له تداعياته على العالم اذ ان من شانه ان يزلزل عرش الدولار ففي الوقت الحالي لا توجد اية عملة مرتبطة بالذهب بعدما قررت الولايات المتحدة ومن جانب واحد فك ارتباط الدولار بالذهب في سبعينات القرن الماضي معلنة حرق اهم جزء في اتفاقية بريتون وودز ومع ذلك بقي الدولار مطلب المجتمعات الاول بسبب ضغط الادارة الامريكية على اوبك وغيرها ان يكون بيع النفط بالدولار بصورة رئيسة .

     القرار الروسي انعش الروبل كثيرا بل زاد على ذلك انه خير الدول المتعاملة مع روسيا اما الدفع بالروبل او بالذهب حسب السعر المحدد من قبل البنك المركزي الروسي وهو 5000 روبل لكل 1غرام ذهب ( اي  160 الف روبل لكل اوقية ذهب ) مما يعني زيادة تدفق الذهب الى روسيا والتي كانت ايضا خلال السنوات الاخيرة المشتري الاول للذهب ، كما يعني زيادة الطلب العالمي على الروبل مقابل الدولار وهنا ستجد الدول نفسها غير مضطرة للتعامل بالدولار على الاقل من الناحية الاقتصادية ، كما ان هذه الخطوة الروسية الجبارة قد تدفع دولا اخرى كالصين وحتى بريطانيا الى اتخاذ نفس القرار والامر كله يعني مزيدا من تدفق الدولار الى الداخل الامريكي إذ لم يعد الطلب عليه مرتفعا بسبب وجود البديل الاوثق ، هنا يأتي الموقف الحرج للاقتصادات الريعية التي تعتمد على بيع النفط كالعراق ودول اوبك الاخرى مما يستدعي ان تتخذ اجراءات مدروسة بعناية فائقة لتجنب مجتمعاتها اي صدمات غير مرغوبة .