المقال الصحفي وتكنولوجيا العصر

المقال الصحفي وتكنولوجيا العصر

المقال الصحفي وتكنولوجيا العصر

 

أ.د عبدالرحمن علي حمد الفهداوي

كلية الآداب – قسم الاعلام

 

  لايختلف إثنان على إن التطور التقني التكنولوجي منجز حضاري للبشرية  طوع الحديد وإختزل الجهد وقرب المسافات بين الدول والشعوب على محيط الكرة الأرضية ، وهو ما إنعكس إيجاباً أكثر منه سلباً على مختلف تفاصيل جوانب الحياة اليومية للمجتمع ، إذ أوجد أنماطا جديدة في تصريف أمور الحياة اليومية وفي التعامل الفكري والإنتاجي للبشرية ، ومن هذه الإنعكاسات تأثر الصحافة المطبوعة ومن بين فنونها المقال الصحفي بالتطورات والمنجزات التقنية التكنولوجية في تعامل القاريء مع المضمون الصحفي وطريقة إيصال الفكرة، ومن هنا يأتي الربط في عنوان مقالنا هذا.

     والمقال الصحفي هو الاداة الاكثر اهميه التي تعبر عن سياسه الصحيفة وآراء كتابها في الاحداث اليوميه الجارية والقضايا التي تشغل الراي العام المحلي او الدولي، وخصوصا للصحف العالمية الكبرى، لذلك وصف البعض المقال الصحفي بأنه عقل الجريدة او المجلة، ومنها المقالات الافتتاحية التي تعبر عن سياسته الصحفيه وتوجهاتها ومواقفها من الاحداث المختلفة، كون بعض هذه الصحف على تماس وقربها الواضح من القرار السياسي في البلد الذي تصدر فيه، إضافة الى أنواع المقالات الأخرى التي تعبر عن اراء كبار كتابها وخاصه بالمجتمعات الديمقراطية.

 سابقاً في بدايات نشأة الصحافة كانت المقالات الصحفية هي العمود الفقري والمتسيدة على مساحات الصحف ، وذلك لإفتقار الصحف إلى الفنون الصحفية كالخبر والتقرير والتحقيق ، إضافة الى غياب وكالات الانباء والمراسلين والمندوبين ، فبدأت الصحافة كما يسمونها صحافة رأي وليست خبر ، كما صنفت في ذلك الوقت بأنها صحافة متخصصة ، وأمام هذه المعطيات فكان القارئ يقرأ المقالات المطولة التي تأخذ منه الكثير من الوقت والجهد حتى يحصل على فكرة أو زبدة الموضوع ، وبتناغم مع ذلك إن الحياة  قبل التطور التكنولوجي كانت بسيطة ورتيبة لحياة الناس والتزاماتهم ، ناهيك عن الأجواء السياسية المشحونة بالتعصب القومي والايديولوجي الذي كان يغزو العالم ، لذلك كان المواطن يبحث عن ما يسد جوعه وينوره بالأفكار ، فكان ميالًا إلى القراءة المستمرة ، خصوصاً وإن الصحافة كانت المصدر الصحفي الأساس للمعلومة إلى جانب الإذاعة.

   إن التطور التقني التكنولوجي الذي شهده العالم في العقدين الأخيرين وتوظيف هذا المنجز الحضاري في ميدان وسائل الاتصال الرقمي قد أتاح الكثير من الخيارات امام الجمهور وعدم اعتماده على وسيلة بحد ذاتها ، ومنها الصحافة المطبوعة ، لكون انشغالات الجمهور كثرت وخيارات الوسائل امامه كثرت ايضا ، فصارت المعلومة متاحة في أكثر من وسيلة.

ويضاف على ذلك وهو بإعتقادي الأهم إن الحياة المدنية تطورت بشكل كبير ومنها الجانب التكنولوجي وأصحبت حياة الناس مليئة بالالتزامات المختلفة ولم تعد رتيبة كما كانت في السابق ، لذلك الفرد لم يعد لديه الوقت الكافي ليقرأ المقالات الطويلة ، فصار يبحث عن المعلومة لكي تصله بأقل وقت وأقل جهد.

 كاتب المقال الصحفي اليوم عليه أن يضع نصب عينيه هذه الإعتبارات والمعطيات لحياة الناس الجديدة تكيفاً مع التكنولوجيا الحديثة في مخاطبة القارئ لضمان وصول الرسالة الاعلامية ببساطة ووضوح .