وليد محمد السراقبي ، دراسة في حياته ونماذج من آثاره.

وليد محمد السراقبي ، دراسة في حياته ونماذج من آثاره.

د. محمد عويد محمد الساير

قسم اللغة العربية

كلية التربية الأساسية / حديثة  - جامعة الأنبار

                بسم الله الرحمن الرحيم، وبه أستعين ، والحمد لله في الدارين والصلاة والسلام على رسوله الأمين ،
               وعلى آله وصحبه الغرّ المنتجبين، وبعد.

عن حياة الأستاذ الدكتور المحقق وليد محمد السراقبي فهو من تولد العام 1956 في حمص ، وانتقل مبكراً للعيش في حماه بعد وفاة أبيه مبكراً. وهناك أتمّ دراسته وصولاً إلى الجامعة التي نال منها الدرجات العلمية في حمص للدبلوم العالي في العام 1987 ، وفي دمشق للماجستير في العام 1995 ، في رسالته الموسومة بــ  (التنبيه على الغريبين لأبي عبيد الهروي ) ، دراسة وتحقيق.

ومنها إلى الدكتوراه في العام 2000، في أطروحته الموسومة بــ ( كتاب التذييل والتكميل في شرح التسهيل ، لأبي حيان الأندلسي ) ، دراسة وتحقيق.

شارك الأستاذ الدكتور المحقق وليد محمد السراقبي في عشرات المؤتمرات العلمية داخل القطر السوري وخارجه ، ونال منها عشرات الشهادات والدروع والتكريمات ، وكانت بحوثه قيمة محط الإعجاب والإشادة والتقليد العلمي المبين من قبل الجميع ، إلى أن نال المرتبة العلمية الكبرى (الأستاذية) بحزم وثقة وتقدير الجميع ممن يعرفه أو يسمع عنه .

له نظرة ممتعة في اقتناء الكتب المختلفة ليس في علوم اللغة العربية وآدابها فحسب وإنما في التاريخ الإسلامي أو الحديث ، وفي الفلسفة وفي الفن والفلكلور وهذا ما وجدته في داره العامرة في حمص حينما اصطحبني إليها فهالني منظر مكتبته الكبيرة والتي أخذت أكثر أركان هذا البيت وغرفه، كتبٌ وكتبٌ في كل مكان وزاوية فأدركتُ إنه العالم القارئ المحب لعمله ولعلمه ونشرهما.

اعتنى الأستاذ الدكتور المحقق العلامة الثبت وليد محمد السراقبي بالتحقيق وآلياته ومنهجه منذ سلالم دراسته الأولى في الجامعة ، وقال لي إنه كتب عن التحقيق ونقده وعن أعلامه في سوريا والعالم العربي منذ كان في الثانوية ، وتطورت كتاباته ودراساته وازدهرت في الجامعة إلى أن وصل الى الدرجات العلمية بالشهادات الرصينة التي حصل عليها ، ومن ثم بالمراتب العلمية وألقابها التي نالها ببحوثه وجهده وصبره وعزمه.

وهو لا يفرق بين علوم اللغة وآدابها في التأليف أو التحقيق أو حتى في قاعة الدرس ، فمرة يدرّس اللغة ودلالاتها والصرف وأبوابه ، ومرة يدرّس البلاغة العربية وفنونها وعلومها ، وثالثة يدرس النحو ومعانيه، ورابعة الأدب الأندلسي ، وخامسة يميل إلى تدريس البحث والتحقيق والمكتبة ، وكان – والحمد لله – مرضياً في ذلك كله ومن قبل الجميع لسعة علمه وغزارة حفظه ،ونباهته في العمل وشدة حبه وإخلاصه له .

أحب الأستاذ الدكتور وليد السراقبي أبا حيان حباً جماً وتأثر به في مذهبه النحوي ، فحقق لعالم الأندلس وإفريقيا أكثر من عمل واحد منها أطروحته للدكتوراه التي أتمّ اجزاءها فيما بعد مع فهارسها، ومنها كتاب التذكرة لأبي حيان وهو قيد الطبع الآن ، إن شاء الله تعالى ، ومنها الشوراد في اللغة وهي من التذكرة نُشر في دار ملامح في أبو ظبي ، 2022.

ومنها وأهمها ديوان أبي حيان الأندلسي ، على نسخة فريدة صعبة القراءة والفهم والنسخ أحياناً نُشر في مؤسسة البابطين- الكويت ، 2010 ، متلافياً ومستدركاً الكثير من أخطاء وهنوات الطبعة العراقية . فهل يحقّ لنا أن نطلق على عالمنا السراقبي أبا حيان عصره اليوم ...؟!

وتوسّع الأستاذ الدكتور المحقق السراقبي ليحقق مزيداً من كتب اللغة ومنها:

-          رسائل في اللغة،  لابن السيد البطليوسي ، الذي نشره مركز الملك فيصل في الرياض ، 2007 .

-          المسائل والأجوبة ، لابن السيد البطليوسي ، الذي نُشر عن دار قنديل في دبي ، 2019.

فضلاً – كما أسلفت – عن الكثير من البحوث في اللغة والدلالة والصرف واللسانيات مما حوتها بعض كتبه بالمشاركة مع الباحثين والدارسين الآخرين ، أو مما كانت خالصة لنفسه فقط .

وأما عن جهده في تحقيق النص الشعري الأندلسي ، ففضلاً عن ديوان أبي حيان الأندلسي الذي قدمتُ فيه القول ، له :

-     شعر أبي وجزة السعدي ، جمع وتحقيق ودراسة ، نُشر في دمشق، 2010.

-     شعر بني سلول ، جمع وتحقيق ودراسة ، مؤسسة البابطين- الكويت ، 2008 .

-    شعر عبد الله بن همّام السلولي ، جمع وتحقيق ودراسة ، مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث – دبي ، 1996.

-    شعر بني قرناص في حماه ، جمع وتحقيق ودراسة ، مؤسسة البابطين- الكويت ، 2016 ، بالمشاركة مع ابنه البار بأبيه د. محمد وليد السراقبي.

-    شعر بني نصر بن معاوية وأخبارهم، دار ملامح – أبو ظبي ، 2020،  بالمشاركة مع ابنه البار بأبيه د. محمد وليد السراقبي.

-     شعر بني سعد بن بكر بن هوزان ، جمع وتحقيق ودارسة ، وهو قيد النشر والاشهار  ، إن شاء الله .

-    شعر بني جشم بن معاوية بن بكر ، وهو قيد الصدور.

وليس الشعر كان ميدان فارس التحقيق السراقبي أو الدواوين المفردة في التحقيق والجمع والصنعة لشعر شعراء العرب في عصورهم الأدبية المختلفة المتنوعة ، أو شعر القبائل العربية الأصيلة بما تستحق وترتجى، وإنما كانت لعلوم اللغة العربية الأخرى نصيبها من جهد الدكتور السراقبي وعلمه فقد حقق :

-    الشهاب في الشيب والشباب ، للشريف المرتضى (436ه)، دراسة وتحقيق ، ونُشر في دمشق ، 2009 .

-    المعرِب، شرح قوافي الاخفش ، ابن جني ، دراسة وتحقيق ، الشارقة ، 2018، بالمشاركة مع ابنه المحقق محمد السراقبي .

-    القول الفائق الأريب بعتبى وليد وذكرى حبيب ، لابن الأثير الجزري(ت637ه)، دراسة وتحقيق، مؤسسة البابطين – الكويت ، 2014 .

فضلاً عن البرهان في علم البيان ، لابن الأثير ، وهو قيد الصدور .

عن منهج التحقيق عند المحقق الدكتور السراقبي ، هو يقدّم دائماً بمقدمة علمية يشرح فيها أسباب عكوفه على تحقيق المخطوط والفائدة والأهمية المرجوة من هذا التحقيق بعد ظهوره ، كذلك يوسع من دراسة المصنّف في حياته وآثاره حتى وإن كانت المعلومات مكررة ، وللمصنف أكثر من كتاب محقق واحد ، يقول هذا هو التحقيق وليس الوراقة فقط. والفهارس انموذجية في العمل والمراجعة من قبل القارئ يجد فيها كل ما يروم البحث عنه من الآيات القرآنية الكريمة والاحاديث النبوية الشريفة ، والأمثال ، والأعلام ، والأماكن ، وقوافي الشعر . مما جاءت في النص المحقق .

أما عن الشعر وتحقيقه للشعراء أو القبائل ، فهو الآخر يتقدّم بدراسة عن الشاعر أو القبيلة ، من النسب إلى الغرض الشعري إلى الفن ، إلى تقويم لشعر الشاعر أو القبيلة تقويماً علمياً وأدبياً. فضلاً عن ترقيم الوحدات الشعرية المجموعة ، واثبات البحر الشعري ، واثبات الروايات في التخريج والتوثيق ، مع الشروح والتعليقات المستحقة ولاسيما وان اغلب اعمال الدكتور السراقبي وابنه من النصوص الشعرية الجاهلية التي تتطلب عناية ودقة وسعة في الشرح والتعليق والتأويل بحسب متطلبات السياق .

ليس التحقيق مما برع فيه الدكتور السراقبي ، وإنما كان مؤلفا لبعض من الكتب المنهجية منها في النحو والصرف بقسمين كبيرين ، وهما من مطبوعات جامعة حماه ، 2015 و2017، مما يعتمدان في الجامعة المذكورة وهما خلاصة سنين من الدرس والطلب وخدمة طلبة العلم في أقسام اللغة العربية ، في الكليات والجامعات المختلفة التي درّس فيها الدكتور وليد في سنوات عمره الوظيفي إلى يومنا هذا .

وله من المؤلفات الأخرى أيضاً :

-          قواعد الصرف المبسطة ،بحوث وتطبيقات ، دار الارشاد في حمص ، 2011.

-          السياق وتجليات الدلالة ، دراسة نحوية دلالية ، دار الارشاد في حمص ، 2009.

-          أضاميم من التراث ، وزارة الثقافة – دمشق ، 2016.

-          سيمياء لغة الجسد ، دراسة تواصلية دلالية ، وزارة الثقافة – دمشق ، 2018.

... وغيرها ، من كتب منوعة بعناوين جذابة متألقة تدلّ على علم غزير ، وبحاثة كبير في البحث والتقصي ولمن أراد التأكد فوجب عليه قراءه آثار هذا العالم العربي الجليل وتحقيقاته المنشورة في كل مكان ، ولما تزل تنشر بعون الله ، فهو العالم والمحقق والمؤلف والإنسان الذي قلّ نظيره في زماننا اليوم.    

الكلمات الافتتاحية : د. وليد السراقبي ، مؤلفات د.وليد السراقبي ، تحقيق النصوص اللغوية والأدبية .