مظاهرات تشرين الأول 2019 في العراق الدوافع والنتائج

مظاهرات تشرين الأول 2019 في العراق الدوافع والنتائج
Share |
2021-08-25
مظاهرات تشرين الأول 2019 في العراق الدوافع والنتائج

مظاهرات تشرين الأول 2019 في العراق

الدوافع والنتائج

بقلم أ.د. ضياء خميس علي –

جامعة الأنبار- مركز الدراسات الاستراتيجية

المظاهرات: هي خروج المواطنين ضمن طبقة معينة أو فئة معينة أو بشكل جماعي للتعبير عن رأي مقرون بضغط من أجل تحقيق مطلب أو حق مسلوب ، وهي تعد إحدى أشكال المشاركة السياسية .

التظاهر: فعل سياسي جماعي يتطلب تنظيما وتحديدا للأولويات وقد يكون هدف التظاهر تأييد أو احتجاج .

مظاهرات العراق هي نتاج لتراكمات وأخطاء ادارية لقرابة عقدين من الزمن عقب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ، تلك التراكمات خلفتها حكومات ما بعد الاحتلال ، وأهم تلك التراكمات هي فساد السلطة وتعدد الأحزاب السياسية التي لم تتوحد وتتفق على أمر ما منذ ظهورها على الساحة السياسية للبلاد .

أهم الدوافع للمظاهرات :

1 – الدوافع الاقتصادية : وتشمل الاستحواذ على المال العام ، وارتفاع نسبة البطالة لتصل إلى 40% من بين الشباب  ، وارتفاع نسبة الفقر والحرمان الى 33% من الشعب ، وفقدان جيل كامل لفرص العمل ، وانهيار النظام الاقتصادي للبلد لاسيما الصناعي والزراعي بشكل شبة تام والاعتماد على النفط كمصدر اساسي للدخل .

2 – نقص الخدمات : والتي تتمثل في نقص التعليم والصحة والنقل والاسكان والكهرباء .

3 – انهيار البنى التحتية بشكل تام .

4 – الدوافع السياسية : إن التراكمات في الجانب الاقتصادي لا تخلو من مخالفات سياسية في استمرار المحاصصة الحزبية والطائفية التي ولدت فسادا اداريا كبيرا فضلا عن عدم وجود مشاركة سياسية فعلية اذ لا توجد شخصيات جديدة في العملية السياسية فهي كانت تدويرا للوجوه والشخصيات من مكان لآخر لا غير .

  إن المنافسة السياسية داخل المكون الشيعي كانت سبب رئيسي وراء خروج الشباب لمظاهرات تشرين ، فبعد انتهاء الحرب على تنظيم داعش الارهابي وسيطرة المتشددين والفصائل القريبة من إيران المتمثلة بالبناء والفتح وعصائب أهل الحق على المشهد السياسي خلال الثلاث سنوات الماضية ، حرك ذلك بعض الكتل الشيعية التي شعرت بفقدان مكانتها السياسية إلى محاولات إعادة التوازن داخل المكون الشيعي فكان انعكاسا سلبيا جديدا على العملية السياسية .

5 – الدوافع الاجتماعية :

أ – فقدان الثقة : إن عدم التوازن بين حجم الوعود الكبيرة المزعومة بالإصلاح وبين الانعدام التام لها من الناحية التنفيذية ، أخل بميزان الثقة مع الحكومة خاصة بعد مرور سنة على تشكيل حكومة عبد المهدي والتي ولدت صدمة كبيرة في تدني الاقتصاد العراقي وتراجعه بل موته سريريا ، وإن عمليات تزوير الانتخابات مؤشر آخر لعدم الثقة وإن عزوف المواطنين عن الانتخابات دليل آخر على عدم الثقة عندما بلغت نسبة العزوف أكثر من 60 % .

من هم المتظاهرون ؟ ومن يقودهم ؟ ومن وراءهم ويدفعهم ؟

المتظاهرون هم في غالبيتهم شباب ولدوا وعاشوا في ظل اليأس والفساد والقتل والحروب الدامية التي يعتاش عليها السياسيون والشباب ضحيتها ، لم يعد أولئك الشباب يكترثون بالشعارات السياسية الجوفاء والتي يراد بها تحقيق مآرب أخرى بحيث توصل الشباب لمسألة التغيير بشكل جذري للواقع المأساوي الذي يعيشه العراقيون ، وهي مظاهرات عفوية ليس لها قادة محددين خرجت للمطالبة بالحقوق والواجبات المشروعة ، ولم تكن مسيسة من جهة ، ولا يوجد أحد خلفها غير أبناء الوطن ، ولا يوجد داعم لها خارجيا أو داخليا إلا في بعض الحالات الوطنية في روح التعاون وتزويد المتظاهرون بالمتطلبات الاساسية من قبل الميسورون او حتى ذوي الدخل المحدود كشعور وطني لاسيما في تقديم الغذاء والمستلزمات الطبية والملابس .

  يبقى العنوان الأهم للمظاهرات هو معاناة العراقيين من تردي الاحوال المعيشية وسوء الخدمات الاساسية ومكافحة الفساد الذي ينخر الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية والسياسية .

  إن المبالغة في ردود الأفعال الحكومية للمظاهرات كانت وراء إظهارها إلى صدارة المشهد الاعلامي والاهتمام السياسي لدول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ومنظمات دولية وأممية عدة .

  ختاما فقد أتت المظاهرات ببعض أكلها لاسيما في استقالة حكومة عبد المهدي والمجيئ بحكومة مصطفى الكاظمي التي تعد وليدة للحراك الشعبي وما رافق ذلك من تقارب كبير للحكومة الجديدة مع مطالب المتظاهرين ويبقى الصراع السلمي لها قائما على الرغم من وجود اصوات تقول بأن الولايات المتحدة الأمريكية داعمة لها معنويا بينما تدعم إيران من يقف ضد المتظاهرين سياسيا ولوجستيا وكان ذلك واضحا من خلال تصريحات المسؤولين الايرانيين التي وصفتها بالشغب وعلى الحكومة مواجهة الشغب بكل الوسائل كما يحصل في إيران ومواجهة المتظاهرين الايرانيين ، وأيضا تعرضت رموز المظاهرات للتصفية والاغتيالات والتهديدات من قبل المتشددون من الاحزاب والفصائل والكتل السياسية في العراق لقمعها ومواجهتها في حال استمرارها ، وفي ظل جائحة كورونا وما ترتب عليها من احداث عالمية اقتصادية وسياسية ومالية واجتماعية فإن المظاهرات في العراق تم احتواءها من قبل حكومة الكاظمي والاجراءات الاصلاحية أخذت طريقها اعلاميا وسياسيا على المستوى الحكومي وأهمها تحديد موعد لانتخابات نزيهة في نيسان المقبل ومن المرجح ظهور كتلة كبيرة ستشارك في الانتخابات تحت مسمى كتلة تشرين تدعمها حكومة الكاظمي وغالبية الشعب العراقي .

 

 
عدد المشاهدات : 25