ظاهرة الاتجار بالبشر

ظاهرة الاتجار بالبشر
Share |
2021-12-18

 ظاهرة الاتجار بالبشر واليات مكافحتها من الناحية القانونية الدولية

م. م. سعد جمار نشمي /جامعة الانبار /مركز الدراسات الاستراتيجية

 اصبح  الاتجار بالبشر في السنوات الاخيرة  يؤرق ويستقطب الضمير الانساني ، فهو يعد أحد أشكال الرق المعاصر ، إذ ينتهك حقوق الانسان وحرياته الاساسية، فهو ظاهرة لا ترتكب ضمن حدود الدولة الواحدة وانما تمتد لترتكب خارج حدود الدول.ويمكن استخلاص أفعاله ووسائله وأبرز صوره من التعريف الدولي لمصطلح الاتجار بالبشر  بأنه "تجنيد أو نقل أو تنقيل أو إيواء أو استقبال الأشخاص بواسطة وسائل قسرية أو احتيالية أو الخطف أو بمقابل أو غير ذلك لغرض الاستغلال والذي يشمل على سبيل المثال  استغلال دعارة الغير أو كافة أشكال الاستغلال الجنسي، أو الاستغلال لغرض السخرة أو الخدمة القسرية، أو الاسترقاق أو  الأشكال الشبيهة به، أو لاستعباد البشر أو نزع اعضائهم".

ويعد الاتجار بالبشر أحد الجرائم المنظمة، إذ تقوم به عصابات تحترف الاجرام وتعتبره مصدر دخلها، ويمثل المصدر الثالث بعد تجارة المخدرات والسلاح من حيث تحقيق الارباح ، وقد ساهمت عوامل عديدة في اتساعه منها اقتصادية واجتماعية أو بسبب الحروب أو التطور التكنولوجي المتمثل بالأنترنت, كما يعد الفساد عاملاً في رئيسياً في اتساعه وعائقاً أمام مواجهته.

وأمام هذا الاتساع الخطير لهذه الظاهرة كان لابد ان يتصدى لها المجتمع الدولي عبر اصدار العديد من الاتفاقيات ابرزها البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل لعام 2000,كما صدر البروتوكول الخاص بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص لعام 2000 , والملحق باتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة , الذي يعد الاساس القانوني الدولي في مواجهة هذه الظاهرة , إذ تضمن العديد من التدابير التي اوجب على الدول القيام بها سواء في مجال تشديد الاجراءات الحدودية بوصفها جريمة دولية عابرة للحدود ,أو بتجريم افعال الاتجار وردعها بالعقوبات المناسبة, أو القيام بحملات التثقيف على المستوى الداخلي والدولي لغرض اطلاع الاشخاص على وسائل واساليب الاتجار واثاره الخطيرة , فضلاً عن ذلك قيام الدول بسياسات وبرامج وجعلها ضمن الانشطة الرئيسة في سياساتها, اضافة إلى ذلك قيام الدول بإصدار تشريعات أو الغاء أو تعديل التشريعات التي تسهم في ازدياد الاتجار. هذا ولم تقتصر التدابير المنصوص عليها  على النطاق الوطني بل امتدت لتشمل التعاون الدولي ,سواء في ملاحقة المجرمين عبر تفعيل نظام التسليم , أو القيام بالمساعدة القانونية من خلال تزويد الدول بعضها البعض بالمعلومات اللازمة وتقديم التسهيلات, كذللك التعاون الدولي لغرض تسهيل عودة الضحايا إلى دولهم, فضلاً عن ذلك ضمان حماية حقوق الضحايا خلال الاجراءات الجزائية ومعاملتهم كضحايا وليس مجرمين, اضافة إلى ذلك تقديم المساعدة للضحايا من خلال توفير المأوى والتدريب والتعليم , وتقديم المساعدة الصحية الجسدية والنفسية , واتاحة السبل لهم للحصول على تعويض.

وعلى الرغم من صدور هذه الاتفاقيات وتضمنها العديد من التدابير التي يجب على الدول القيام بها  الا انها لم تسهم في الحد من هذه الظاهرة , كونها لم  تتضمن جانباً وقائياً يركز على معالجتها من جذورها من خلال القيام بتدابير تحد من أسبابها الرئيسة للتخفيف من وطئها على الأشخاص، ومن ثم تعزيزها بالتدابير التي تم ذكرها.

 
عدد المشاهدات : 23