مفهوم المالانهاية في الرياضيات والعلوم الأخرى

مفهوم المالانهاية في الرياضيات والعلوم الأخرى

 مفهوم المالانهاية في الرياضيات والعلوم الأخرى

أ. م.  قاسـم حسيـن عـلاوي الراوي- قسم الرياضيات

qassaim.h@uoanbar.edu.iq

 الصفحة الرسمية الالكترونية للكاتب

كثيراً ما نسمع عن مفهوم المالانهاية و كثيراً ما يستخدم في الرياضيات و الإحصاء فماذا يقصد بهذا المفهوم ؟    يعتبر مفهوم المالانهاية من المفاهيم الاساسية و المهمة التي تعتمد عليها الرياضيات و الفيزياء و إنها من المفاهيم التي حيرت العلماء و الفلاسفة في قديم الزمان حيث أعتبر علماء الهنود و اليونان مفهوم المالانهاية مفهوماً فلسفياً بحتاً و قليل منهم يعتبره مفهوماً رياضياتياً كما و رفض العالم أرسطو فكرة المالانهاية بينما قبلها العالم أرخميدس و يعتبرها كمية غير محددة من الأعداد المتواصلة .   أما الفيلسوف اليوناني زينو ( Zeno ) فعبر عنها بالمثال الآتي : لو تم رمي كرة من مسافة متر واحد فوق الأرض فإن هذه الكرة ستقطع نصف المسافة بفترة زمنية معينة و تقطع ربع المسافة بفترة زمنية أخرى  و هكذا تقطع ثمن المسافة بفترة زمنية أخرى ......... و بالتالي بالإستمرار سنصل الى مالانهاية من الأجزاء التي ستقطعها الكرة بأزمان مختلفة لكن اذا جمعنا هذه الأجزاء ستساوي واحد :

1           1      1      1      1      1      1

-  + -  +  -  +  -  +   -   +  -  +   - + ..................................... = 1 .

2     4      8    16      32    64     128

 و أخيراً خلص العلماء بالتعبير عن المالانهاية بأنها فكرة أو مفهوم تعبر عن شيء ليس له حدود أو نهاية مثل الأعداد الطبيعية ( 0 , 1 , 2 , 3 , 4 , .....................) و التي تستمر إلى ∞ ,   و قد فهم بعض الناس بأن المالانهاية هي أكبر عدد ممكن لكن في الحقيقة هذا فهم خاطئ لأنه قد تكون أصغر ما يمكن مثل الأعداد الصحيحة السالبة  (  -1 , -2 , -3  , -4 , .....................) و التي تستمر إلى ∞-  .

 من خواص المالانهاية (∞ ) :

1-  المالانهاية قد تكون شيء متناهي في الكبر أو متناهي في الصغر2- المالانهاية لا يشترط بها تمثل عدد بل هي مفهوم3-  بعض المالانهيات تختلف عن بعضها الآخر . 4-   ممكن إدخال العمليات الجبرية عليها مثلا  :

 

        قد يقال كيف نجمع المالانهاية التي نعبر عنها بمفهوم أو شيء مع العدد 1 لكن هذا يعني في حالة وجود مالانهاية من الأشياء و جمع معها شيء واحد فإن الناتج يكون أيضاً مالانهاية لكونها غير محددة .   في الجبر دخلت المالانهاية في المجاميع العددية  حيث إن  كل المجاميع العددية ( الطبيعية , الصحيحة , النسبية , غير النسبية , الحقيقية ) عبارة عن مجاميع غير منتهية من الأعداد . و في الهندسة نلاحظ بأن أي خط مستقيم يتألف من مالانهاية من النقاط مهما كان صغره ., و المستوي يتألف من مالانهاية من المستقيمات , و ي فضاء مكون من مالانهاية من المستويات . و تلعب المالانهاية دور أساسي في مفاهيم المتتابعات و المتسلسلات و الغاية و الإستمرارية و كذلك مفهوم التكامل الذي يمثل تجميع عدد غير منتهي من المساحات الصغيرة  .     و للتعمق في مفهوم المالانهاية نقدم قصة من الخيال العلمي : لو فرضنا بأن هناك فندق فيه مالانهاية من الغرف و كل غرفة يسكنها نزيل واحد فقط أي يسكن في الفندق مالانهاية من النزلاء ., السؤال هنا هل ممكن ضيافة عشرة نزلاء آخرين للفندق بحيث يبقى كل نزيل بغرفة مستقلة ؟  للوهلة الأولى يقال بأن الفندق ليس فيه مجال ( مقبط ) فلا يمكن تضييف أي نزيل آخر ., لكن في الحقيقة ممكن استضافة هؤلاء النزلاء العشرة بالطريقة الآتية : سيقوم صاحب الفندق بإبلاغ نزلاء العشرة غرف الأولى بأن يتحولوا الى الغرف العشرة الثانية و نزلاء العشرة غرف الثانية بأن يتحولوا الى الغرف العشرة الثالثة و هكذا ........., حيث تم إفراغ العشرة غرف الأولى لإسكان الضيوف الجدد ., و ذلك لكون الفندق فيه مالانهاية من الغرف و التي لا يشترط ان تساوي مالانهاية النزلاء .  و بنفس الاسلوب ممكن أ يستضاف مئة أو ألف أو مليون أو ............... , مالانهاية من النزلاء الجدد . أخيراً ممكن إن نستخلص بأن المالانهاية شيء ليس له حدود معينة تقف عندها و ليس هناك مالانهاية تشبه مالانهاية أخرى . بعض العلماء ذكر بأن مجموعة الأعداد الحقيقية المحصورة بالفترة (  0 , 1 ) تتكون من مالانهاية من الأعداد و التي قد تكون أكثر من مجموعة الأعداد الطبيعية كلها . إن مفهوم المالانهاية تم إعطاء معناه و حقيقته فقط في القرآن الكريم حيث استخدم كلمة الخلود للناس بعد يوم الحساب و حياة البرزخ و هذا الوصف هو أدق تعريف لمفهوم المالانهاية و كذلك وصفها النبي محمد عليه أفضل الصلاة و السلام حينما سأله أحد الرجال عن عمل يدخله الجنة فأجاب  ( قل آمنت بالله ثم إستقم ) و من المعلوم بأن الخط المستقيم يتكون من مالا نهاية من النقاط مهما قصر طوله فهو يقصد بأن الدين ليس له حدود و لا نهاية الذي يدل على إنه ليس من وضع البشر . و كما ذكرنا سابقاً في آخر آية نزلت من القرآن الكريم  (( اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا )) و التي معناها إن دين الإسلام يمتد بدون حدود و يصلح لجميع الأزمان و كذلك نعمة الله لا تعد و لا تحصى .  و جاء في الحديث النبوي الشريف ( أعمار امتى بين الستين والسبعين)  فلو أن عمرك مايمثله البسط والمقام ما تمثله البقاء في الآخرة, فاذا كان عمرك ستين أو سبعين سنه ما هي نسبته بالنسبة لبقائك في الأخرة ما لا نهاية من السنين كم يساوى عمرك في هذه الحياة الدنيا ؟؟؟؟؟  لاشك أنه لا يساوى شيء وهذا ما شار أليه رسول الله عليه الصلاة والسلام في حديثه الشريف يصف فيه الدنيا ( مأنا إلا راكب استظل تحت شجره ثم قام وتركها ) ومن هنا يتضح ان عمر الإنسان هو رأس ماله في هذه الحياه فلا يضيعه سدى.