تعلق إرادة الله وقدرته

تعلق إرادة الله وقدرته

 

التدريسي في جامعة الأنبار- كلية العلوم الإسلامية- قسم العقيدة والدعوة والفكر

 بعنوان: تعلق إرادة الله وقدرته

الحمد لله مستحق الحمد والصلاة السلام على رافع لواء المجد سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً الى يوم الدين.

وبعد:

فإن الله تعالى له العلم المطلق بتفاصيل الوجود من الذرة الى المجرة وله العلم الكامل بكل ما هو ممكن وجائز ومستحيل بل وله العلم المطلق بذاته سبحانه وتعالى وأما الإرادة والقدرة فقد اتفق العلماء على أنه تعالى له الإرادة الكافية والقدرة المطلقة حصراً في الجائزات الممكنات دون ذاته الأقدس ودون المستحيلات... لماذا؟ لأن الجائز الممكن هو الذي يقبل الوجود والعدم على حدٍ سواء، مثل العالم وما فيه من المخلوقات العجيبة ولذلك فالعالم مخلوق وفق الإرادة والقدرة الإلهية. أما المستحيل فلا تعلق للإرادة ولا للقدرة فيه لماذا؟ لأنه لا يقبل الوجود مثل: زيدٌ قائم بالفعل وجالسٌ بالفعل فذلك مستحيل، إذ: إما أن يكون جالساً أو قائماً... لأن ذلك اجتماع النقيضين- او العدد الزوجي والعدد الفردي لا يمكن للعدد (4) ان يكون عدداً فردياً وهكذا.

فلو قال قائل: هل يستطيع ربك أن يجعل زيداً قائماً جالساً في الوقت نفسه؟ قلنا لا لنقصٍ في إرادته ولا في قدرته إلا أن ذلك مستحيل، ولذلك اتفق علماء الكلام على أن الإرادة والقدرة تحتاج الى شيءٍ قابل للإيجاد وذلك غير قابلٍ للإيجاد.

إذن من سنن الله تعالى الثابتة في الخلق أن الإرادة والقدرة لا تعلق لهما إلا في الممكن الجائز أما المستحيل فلا تعلق لهما به.

وكذلك لا تعلق لهما في ذاته الأقدس كمن يقول: هل يستطيع ربك أن يمحق نفسه؟ قلنا هذا السؤال غير منطقي لأن من صفات الله تعالى أنه لا يقبل الايجاد ولا يقبل العدم، إذ لو كان يقبل الإيجاد لكان معدوماً ثم وجد وكل من كان معدوماً ثم وجد فلا يمكن أن يكون إلهاً... لأن من صفات الإله ان يكون وجوده بذاته، وكذلك لا يقبل العدم لأن العدم من صفات الحوادث، يطرأ عليها العدم والوجود. فالقول هل يستطيع الإله ان يمحق نفسه؟ كلام لا يجوز فلا تتعلق بذاته القدرة ولا الإرادة.

وبالجملة: لا تعلق للإرادة ولا للقدرة لا بالمستحيل ولا بذات الله الأقدس وإنهما يتعلقان بالممكنات الجائزات...

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.