تصحيح المقال فيمن ادعى بأن المال وسخ الدنيا

تصحيح المقال فيمن ادعى بأن المال وسخ الدنيا

 (( تصحيح المقال فيمن ادعى بأن المال وسخ الدنيا ))

 

الدكتور محمد عبد العزيز عواد

تحميل المقال 

الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة واتم التسليم على سيدنا محمد خاتم الانبياء والمرسلين

تترد عبارة المال وسخ دنيا عند بعض الناس؛ فأحببت أن أُبين في هذه المقالة  عدم صحة هذه العبارة ، ولتصحيح هذا الفهم الخاطئ نقول: لقد وصف القرآن الكريم  المال بأوصاف، الزينة والخير، منها : قوله تعالى  :  ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا )، إذ قال القرطبي في تفسيرها : (( وَإِنَّمَا كَانَ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِأَنَّ فِي الْمَالِ جَمَالًا وَنَفْعًا، وَفِي الْبَنِينَ قُوَّةً وَدَفْعًا، فَصَارَا زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْياَ ))، فسمى الله سبحانه وتعالى هنا المال بالزينة والزينة تطلق على الحسن.

ومن هذه الأوصاف: قوله تعالى :  كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ?  ، حيث قال القرطبي في تفسيرها  :  ((الخير هنا المال من غير خلاف ))، وهل بعد هذا البيان في تصحيح ما يُقال بيانٌ؟  

ومنها : قوله تعالى : ?وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ? ،  فالمال الذي بأيدينا في الحقيقة ليس مالنا إنما هو عارية عندنا، وهو ملك لله سبحانه وتعالى، فإضافة المال لله يعطيه نوعاً من التكريم، لا ما يتصوره النّاس بألفاظهم المعتادة

كما أنَّ في قوله صلى الله عليه وسلم : ( يَا عَمْرُو , نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصالح ) فذكر المال هنا بأوصاف ترغب به النفوس، وتدفع عنهم لبس ما لا يدركونه من المعاني الحسنة، فقد يملكه الصالح فيكون المال صالحاً ، وقد يكون العكس .

ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم : (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول. وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يُعِفَّه الله، ومن يستغنِ يُغْنِه الله) ، إذ بيَّن الحديث أنَّ مالك المال الصالح يده خير ؛ لأنَّه منفق ومحسن على غيره ، فيده بذلك العطاء عليا.

 وقد ترجم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ هذه المعاني الشرعية من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية إلى واقع عملي، ولكي يزيل الوهم الذي قد يطرق الاذهان في حقيقة المال كما مرَّ وصفه أنفاً عندما قال:  (( يَا حَبَّذَا الْمَالُ, أَصِلُ مِنْهُ رَحِمِي, وَأَتَقَرَّبُ إِلَى رَبِّي عزو جل))

كما أنَّ العلماء بعد نظرهم إلى النصوص الشرعية جعلوه من  الضروريات الخمسة التي جاءت مقاصد الشريعة للحفاظ عليها، وبناءً على ما سبق ذكره  الآيات القرآنية والاحاديث النبوية ، وأقوال بعض الصحابة : تبين أنَّه من الأفضل والأسلم عدم التلفظ بهذه العبارة ، وذلك ما للمال من أهمية للمسلم في دينه ودنياه.