مقالة علمية

مقالة علمية

 تغير مركز رئيس الدولة في النظام البرلماني المتطور

اعداد : م.د. وديع دخيل

مما لا شك فيه ان النظام البرلماني يقوم على مبدأ ثنائية السلطة التنفيذية, اي انها تتكون من رئيس الدولة والوزارة ( الحكومة), و تكون الصلاحيات الفعلية بيد الحكومة هي التي تتولى ادارة شؤون الدولة المختلفة, اذ تمارس الصلاحيات الادارية والمالية والامنية والسياسية وكافة الامور الاخرى في الدولة, ولا يوجد دور فعلي لرئيس الدولة في النظام البرلماني التقليدي ال1ي يقوم على ثنائية السلطة التنفيذية لكن رئيس الدولة سواء كان في النظام الملكي ام الجمهوري لا يتمتع بأي سلطات فهو غير مسؤول عن ادارة الدولة من مختلف النواحي, الا ان التطورات الدستورية في مختلف دول العالم واختلاف البيئة السياسية والاجتماعية والوعي الثقافي في مختلف دول العالم ادى الى وجود نظام برلماني اكثر تطورا من الصورة التقليدية لهذا النظام, اذ جعلت هذه التطورات مركز رئيس الدولة ذا اهمية كبيرة, حتى وان لم يكن منتخبا من الشعب بشكل مباشر, فقد منحت العديد من الدساتير بعض الصلاحيات المهمة لرئيس الدولة يمارسها الى جانب الحكومة, فلا يمكن القيام ببعض الامور من دون تدخل رئيس الدولة بممارسة اختصاصاته المحددة بموجب الدستور والقانون فعلى سبيل المثال بين الدستور العراقي لسنة ???? النافذ على ان اختيار مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا لتشكيل الحكومة يتم من خلال رئيس الجمهورية بعد انتخابه من مجلس النواب خلال ?? يوما من تاريخ الانتخاب حسب ما بينته المادة(76) من دستور العراق النافذ, فماذا لو امتنع رئيس الجمهورية عن اختيار هذا المرشح لتشكيل الحكومة خصوصا وان دستور العراق لم يبين الحل في حالة امتناع رئيس الجمهورية عن الاختيار, اذ ستتعطل سلطات الدولة ولا يمكن تشكيل الحكومة فكان الاحرى بالمشرع الدستوري النص انه في حالة امتناع الرئيس عن الاختيار يجب عليه بيان سبب الامتناع والزامه باختيار المرشح البديل في المرة الثانية ولا يحق له عندها الامتناع, وكذلك الحال الكثير من المسائل الاخرى التي ربطت بتدخل رئيس الجمهورية مثل اعلان حالة الطوارئ واصدار العفو الخاص وغيرها, لذا فان مركز رئيس الدولة اصبح في الوقت الحالي مهما ومؤثرا بالعملية السياسية في البلدان التي تتبع النظام البرلماني المتطور الذي يمنح صلاحيات مختلفة لرئيس الدولة الى جانب الحكومة من اجل توزيع الصلاحيات بين الحكومة والرئيس, وحتى لا يستأثر او ينفرد احدهم بالحكم ويصبح مستبدا ومتعسفا في استعمال سلطاته تجاه باقي السلطات في الدولة, اذ ان بعض الدول تعاني من مسألة استئثار رئيس الدولة بكافة الصلاحيات, لذا تعمد على تقليل صلاحيات رئيس الدولة عند اتباع النظام البرلماني المتطور بهدف تحقيق التوازن بين قطبي السلطة التنفيذية للحيلولة دون استبداد احد الاطراف بسلطاته ضد باقي سلطات الدولة, وبالتالي فان النظام البرلماني المتطور قد يحقق نتائج افضل عند اتباعه في الدولة التي تعاني من التنوع السياسي وقلة الوعي الثقافي الخاص بتداول السلطة بشكل سلمي, خصوصا وان رئيس الدولة والحكومة سيتقاسمون الصلاحيات في ادارة شؤون الدولة, بحيث يصبح للرئيس دور في ادارة الدولة في امور كثيرة, وبذلك نستنتج ان النظم الدستورية قابلة للتطور حسب حاجة الشعوب والمستوى السياسي الذي تصل اليه بالشكل الذي يتلائم مع بيئتها الاجتماعية والسياسية  ولو تبقى حبسية النظم التقليدية في الدولة الام .