مجالس العزاء بين الممنوع والمشروع

مجالس العزاء بين الممنوع والمشروع

 

بسم الله الرحمن الرحيم 

    م/ مجالس العزاء بين الممنوع والمشروع

        الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد المصطفى وعلى اله وصحبه اجمعين.

        فإن الإسلام دين النظام فعباداتنا تعلمنا النظام وتعاملاتنا تعلمنا النظام والله عز وجل نفخ فينا الروح في وقت محدد وجعل ولادتنا بوقت محدد وحرم علينا أن نؤذي أنفسنا سواء بقصد أو بغير قصد.

     فإذا مات الرجل ليلا بقي أهله دون نوم حتى الصباح ثم يدفن ويقام مجلس العزاء من الصباح الباكر إلى منتصف الليل بلا انقطاع يقف أولياء الميت عند دخول المعزين ويقفون عند خروجهم وهذا هو المتعارف عليه في المناطق الغربية وغيرها فضلا عن تقديم القهوة والشاي والماء والطعام لمن يأتي الى مجلس العزاء من أهل المدينة وغيرها ولا شك ان هذا يضيف عبئاً آخراً الى عبئ أهل المصيبة الذين فقدوا أحد ذويهم.

وقد كنا في بغداد ومجالس العزاء فيها تحدد لساعتين او ثلاث في اليوم فقط فإننا نقترح على أهلنا في الغربية عموما والقائم خصوصا الآتي:

اولا :أن يكون الجلوس لمجلس العزاء أربع ساعات فقط وليكن من (3_7) مساءً فقط.

ثانيا : لا يأكل أهل المدينة الطعام في مجلس العزاء وإنما يكون ذلك مقتصراً على عائلة المتوفى ومن ياتي إلى مجلس العزاء من غير أهل المدينة.

ثالثا : لا يجوز إستخدام تركة المتوفى في الطعام أو في غيره وإنما الصحيح أن يتعاون أبناء العشيرة أو الفخذ أو العائلة في جمع مبالغ مالية بقدر الحاجة من غير إفراط ولا تفريط.

رابعا : إن التعزية فيها نوع من التذكير بالميت والحزن عليه لذلك فقد شرعت التعزية لمرة واحدة فقط وإنَّ جعل مجلس العزاء ممتداً نهاراً وليلاً ليومين كاملين يؤدي إلى تكرار التعزية من المعزين وهذا مكروه شرعاً.

خامسا : إعتاد الناس المجيء إلى مجالس العزاء وهذا لا غبار عليه ولكن المشاركة في صلاة الجنازة ودفن الميت فيه أجرٌ عظيمٌ ذكره النبي ? بأن له قيراطان من الأجر .

الأدلة من القرآن والسنة :

 أولا : قوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيما) فالبقاء ليلاً بلا نوم والجلوس في مجلس العزاء من الصباح الباكر حتى المساء وقوفاً وجلوساً للقادمِ والخارجِ لا شك أن فيه أذية على أولياء المتوفى.

ثانيا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحكمة ضالة المؤمن انى وجدها فهو احق بها) ولا شك أن في صيغة مجلس العزاء المقترحة تخفيفاً عن أولياءِ الميتِ الذين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتخفيفِ عنهم.

ثالثا : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :(لا يحق لإمرأة تؤمن بالله واليوم الاخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً) متفق عليه

رابعا : قول النبي صلى الله عليه وسلم :(اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد اتاهم ما يشغلهم) رواه الترمذي بإسناد حسن.

والمصرح به في الحديث أن صنع الطعام إنما يكون لأهل الميت وليس لمن يأتي إلى مجلس العزاء.

خامسا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَن شَهِدَ الجَنازَةَ حتَّى يُصَلِّيَ، فَلَهُ قِيراطٌ، ومَن شَهِدَ حتَّى تُدْفَنَ كانَ له قِيراطانِ، قيلَ: وما القِيراطانِ؟ قالَ: مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ). رواه البخاري

سادسا : يقول النبي صلى الله عليه وسلم :(مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَن عَمِلَ بهَا بَعْدَهُ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شَيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عليه وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بهَا مِن بَعْدِهِ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أَوْزَارِهِمْ شَيءٌ)

ولا شك أن السنة المذكورة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم هو كل فعل موافق للشريعة الإسلامية وأحسب أن هذا المقترح موافق للمبادئ الشرعية العامة .

فاستنهض همم عشائرنا وأفخاذنا وعوائلنا الكريمة في القائم إعتماد هذه الصيغة الشرعية للعزاء فيكون لهم أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة

                  

         والله تعالى أعلم ......

د. عامر خميس وادي