النشاط الرياضي وعلاقته بالاكتئاب لدى طلاب الاقسام الداخلية

النشاط الرياضي وعلاقته بالاكتئاب لدى طلاب الاقسام الداخلية

أ.م.د مروان عبد اللطيف عبد الجبار 

ان من طبيعة الانسان التاثر بالمواقف الحياتية والتفاعل معها من خلال انفعالاته المتنوعة ( كالفرح والحب والخوف والحزن ... الـخ ) , ولا شك في ان المعاناة من الضغوط سواء كانت نفسية اواجتماعية اواقتصادية لها الاثر البالغ في حياة الفرد , ولعل من الواضح للعيان اختلاف الحياة المعاصرة عن ذي قبل , فازدياد ضغوط الحياة اصبح جليا وواضحا بسبب التطور الكبير الذي يشهده العالم , فهي لم تعد كما كانت في السابق في بساطتها وقلة متطلباتها , فالجميع يتعرضون للازمات والمشاكل وهي من الاسباب تؤدي الى ظهور مرض الاكتئاب والجميع عرضة للاصابة به . والاكتئاب هو اعتلال خطير يعاني الشخص فيه فترات طويلة من الحزن والمشاعر السلبية الاخرى او خيبة الامل ويؤثر بطريقة سلبية على التفكير والتصرف .

      وتجدر الاشارة الى ان الاكتئاب يعتبر من اكثر الامراض النفسية شيوعا في العالم كله وذلك ما اكدته الابحاث العالمية في هذا المجال  ويعرف الاكتئاب بانه " حالة انفعالية وقتية او دائمة يشعر فيها الفرد بالانقباض والحزن والضيق وتشيع فيها مشاعر الهم والغم , وتصاحب هذه الحالة اعراض محددة متصلة بالجوانب المزاجية والمعرفية والسلوكية والجسمية .  ويوصف الاكتئاب بانه حالة مزاجية وليست بالضرورة حالة مرضية (حالة باثيولوجية) وكثيرا ما يحس الانسان خلال اوقات من حياته بموجات من الشعور بالحزن وضيق الصدر والتشاؤم . لا سيما عندما يجابه مشكلة تتعدى في صعوبتها حدود طاقة التحمل , او عندما يفقد شخصا عزيزا عليه او مكانة اجتماعية . وقد حاول العلماء من قديم الزمان فهم الاكتئاب اثناء شرحهم طبيعة الانسان وما يعتريها من اضطرابات انفعالية , فقد فسره الكندي بانه ألم نفسي يصاب به المرء بسبب فقد المحبوبات وفوت المطلوبات , واعتبره الرازي مرضا عقليا يكدر الفكر والعقل ويؤذي النفس والجسد , وهو عند ابن حزم حالة من الضيق تنشأ من حالات كثيرة كالغيظ والعزلة والمهانة وقلة الحيلة  

     ان الدول المتقدمة تبذل جهودا منظمة لمكافحة الاضطرابات النفسية والعقلية والانحرافات الخلقية لما لها من اثار مدمرة تهدد الانسانية , وما يترتب عنها من اخطار تفت في عضد الامة وكيانها , وان اضطراب العقل معناه اضطراب النشاط الانساني والفوضى في كافة المجالات , والتبكير في اكتشاف الاضطراب يساعد على شفائه قبل ان يستفحل امره ويستعصي علاجه , ومن هنا كانت اهمية خلق جيل من الشباب السوي المرح المقبل على الحياة , المنتج الفعال في مجتمعه , والقادر على تحقيق ذاته وحلال مشكلاته وهذه كلها صفات لازمة لتدعيم صرح المجتمع المتحضر

     ومن كل ما سبق ذكره يتضح ان الاكتئاب احد الامراض المنتشرة في العالم وانها ليس ضعفا او شيئا سهل التخلص منه , اذ يؤثر على طريقة التفكير والتصرف ومن شانه ان يسبب العديد من المشاكل العاطفية والجسمانية , وعادة لا يستطيع الاشخاص الذين لديهم اكتئاب الاستمرار بممارسة حياتهم اليومية اذ ان الاكتئاب يسبب لهم الشعور بانعدام الرغبة في الكثير من ممارسة الحياة اليومية .

          وتعتبر المرحلة الجامعية من المراحل الدراسية المهمة التي ينهي الفرد بنهايتها مرحلة المراهقة , من خلال استعداده لتحمل مسؤوليات وواجبات الراشد المستقل . اذ يتوجب على الفرد في نهاية هذه المرحلة ان يكون قد كون رايه بشكل نهائي تقريبا في عدة مجالات حيوية واستقر على نوع المهمة التي سوف يزاولها .

      وتكمن خطورة الاكتئاب بانه يمثل مشكلة كبيرة خاصة عندما لا يشعر الفرد بانه مريض ويحتاج الى استشارة الطبيب فغالبا ما يعاني من الاكتئاب ولكنه يستمر في حياته ويتصرف بطريقة سلبية تدفعه للتفكير بافكار سلبية مما تسبب انعزاله عن الناس او حتى يفكر في ايذاء نفسه او المحطين به .

         وهنا يجب تسليط الضوء على موضوع مهم جدا لطلاب الجامعة اذ يعد محاولة علمية لدراسة مستوى الاكتئاب لديهم , خصوصا ان هذه الدراسة تركز على فئة عمرية تعقد عليها الامال في نهضة المجتمع , وقد تكون مشكلة الاكتئاب لديهم اكبر مما قد يتبادر الى الذهن , كأن تكون لها علاقة بمشكلات اكثر خطورة وتعقيدا مثل المخدرات او التطرف والانجراف نحو الفكر المتعصب البعيد عن الصواب والتي قد يلئجون اليها كمحاولة للتنفيس عن الاثارة والمتعة المفقدوة , ولهذه الاسباب كان الاكتئاب موضوع متابعة ودراسة مستمرة وكتب عنه الكثير في مختلف الثقافات ومختلف اللغات .

ومن خلال الاطلاع على عدة مصادر وبحوث اجريت على طلاب الجامعات ومنها طلاب جامعة الانبار وفي اختصاصات مختلفة  تبين ان هناك مستوى معين من الاكتئاب وهذا المستوى مختلف من طلاب كلية الى اخرى وكانت اقل نسبة هي لدى طلاب كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة ويعزى ذلك إلى أن طلاب كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة  لديهم مشاركات فعلية في الأنشطة الرياضية وهذا ما يودي إلى تفريغ المكبوتات داخل الطالب بسبب الأوقات التي  يقضيها في ممارسة النشاط الرياضي .

         وهذا ما أكده اسامة راتب (1995) على أن بعض العلماء يرون ان ممارسة النشاط البدني وتطور اللياقة البدنية للفرد يؤثران في تحسين مفهوم الذات وتقديراتها وكما يساعد على التخلص من بعض الأمراض النفسية باعتباره وسيلة لتنفيس الطاقة

          " ويثبت الباحث George Mammen من جامعة تورونتو الكندية في دراسة له نشرت في تشرين الأول/أكتوبر (2013) في الـ(  American Journal of Preventive Medicine) : أنّ ممارسة التمارين الرياضية باعتدال يمنع حصول نوبات الاكتئاب على المدى الطويل . وتعتبر هذه الدراسة الأولى من نوعها لأنها تركّز على الدور الذي تؤديه الرياضة في الحفاظ على الصحة النفسية ومنع ظهور الاكتئاب في مراحل متقدّمة من الحياة . وقد أتت هذه الدراسة في وقت كان يبحث فيه الأطباء عن بديل من الأدوية المكافحة للاكتئاب ، وأثبتت أن التمارين الرياضية خير بديل منها " .

          " كما وأكّدت دراسة لجامعة ( (Bernالسويسرية صدرت في أيلول (2014) : أنّ التمارين الرياضية لها نفس تأثير الأدوية المضادة للكآبة والمهدّئات على الكآبة نفسها . إذ اتّضح أنّ التمارين الرياضية وسيلة فعالة للحد من أعراض الاكتئاب ، فهي بمثابة مكمل أو حتى بديلة من الدواء في حالة الاكتئاب .  كما ويشير ادريس احمد في دراسته (2014) الى ان ممارسة الانشطة الرياضية تزيد من فرص التفاعل الاجتماعي بين الطلاب وبالتالي تقلل من احساس اولئك الطلاب بالعزلة فضلا عن تاثير ممارسة الرياضة يحي الثقة بالنفس وتقدير الذات والشعور بالسيطرة والكفاءة .                                                                                

وفي ضوء ما تقدم

1- ضرورة حث الطلاب على ممارسة الانشطة الرياضية المختلفة بشكل مستمر , للحد من مستوى الاكتئاب لديهم والوقاية منه خصوصا الكليات العلمية .

2- العمل على زيادة الدعم المقدم للأقسام الداخلية  لتطوير الرياضة الجامعية وسبل استثارة الطلاب للانخراط في البرامج الرياضية والالعاب المختلفة .

3- ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية للطلاب والاستشارة عند الشعور باية اعراض تدل على حصول حالة الاكتئاب .