تفاصيل الخبر |
مفاهيم في المدن المستدامة (Concepts In Sustainable City) التحضر الأخضر واحداً من متطلبات المدن المستدامة
2024-08-15
مركز تنمية حوض أعالي الفرات/ جامعة الانبار
تسعى جميع الدول بكافة أطيافها البشرية ومراتبها الاقتصادية وتصنيفاتها الاجتماعية للوصول الى مدن مستدامة وهذا مطلب سامي وله خطوات ومبادئ لا غنى عنها، ومن المهم جداً ان يعلم الجميع باحثين ومجتمعات وحكومات أن بناء المدن المستدامة ليس مجرد خيار بل هو ضرورة والمدن المستدامة هي تلك المدن التي صممت وأنشأت وفقاً لمتطلبات ومعايير التنمية المستدامة، ومع تزايد التحديات البيئية والاقتصادية ظهرت الحاجة الى توفير وتهيئة قواعد تضمن تحقيق الاستدامة في المدن وسنتعرف في مقالنا هذا على واحد من هذه المبادئ والمتطلبات وهو مصطلح "التحضر الأخضر" (Green Urbanization)، فقد كثُر تداوله في الآونة الأخيرة وبدأ يلقى اهتماماً ملحوظاً ويعد هذا المفهوم حديثاً نسبيًا حيث يرتبط ظهور هذا المصطلح بالاهتمام المتزايد للوعي البيئي والحاجة إلى مزج المبادئ البيئية في تخطيط وتطوير المدن والمناطق الحضرية. ويعد التحضر الأخضر جزءًا أساسيًا من التنمية الخضراء، حيث يساهم في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة. ويعرف التحضر الأخضر (Green Urbanization)، على أنه نهج شامل لتخطيط وتطوير المدن والمناطق الحضرية بطرق تركز على الاستدامة البيئية، وتقليل الأثر البيئي وتعزيز جودة الحياة للمقيمين من خلال مجموعة من المبادرات والممارسات البيئية، ويسعى هذا الأسلوب إلى دمج الطبيعة في البنية التحتية الحضرية لتوفير مدن مستدامة وصحية من خلال تصميم المدن باستخدام تقنيات صديقة للبيئة، مثل الطاقة المتجددة والبناء الأخضر.
يعد التحضر الأخضر أحد متطلبات المباني المستدامة لأنه يعزز الكفاءة البيئية، الاقتصادية والاجتماعية، وتبرز أهمية التحضر الأخضر في مجموعة عوامل لعلّ أبرزها هو أنه يساهم بشكل كبير في تقليل انبعاثات الكربون وتحسين جودة الهواء في المدن من خلال دمج النباتات والمساحات الخضراء في البنية التحتية، وتقليل درجة الحرارة الحضرية وتحسين التصريف الطبيعي لمياه الأمطار، وبالتالي فأن هذه الإجراءات تساعد في عملية التغير المناخي وتقليل الحاجة إلى الطاقة المستخدمة للتدفئة والتبريد.
إن نهج التحضر الأخضر يمكن ان يتحقق بسلوك اتجاهين:
الأول (التنمية الخضراء): فالتنمية الخضراء هي اسلوب شامل يسعى لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بطرق تحافظ على البيئة وتقلل من الاستخدام السلبي للموارد الطبيعية، يتضمن هذا النهج استخدام تقنيات وممارسات صديقة للبيئة، مثل الطاقة المتجددة وإدارة الموارد بشكل مستدام، بما يطور النمو الاقتصادي مع الحفاظ على البيئة للأجيال القادمة.
وللوصول الى تكامل التحضر الأخضر والتنمية الخضراء هناك بعض الخطوات أبرزها:
1. التصميم البيئي:
تسعى التنمية الخضراء إلى تفعيل مبادئ التصميم البيئي في جميع جوانب التخطيط الحضري. يشمل ذلك استخدام مواد بناء مستدامة، وتصميم المباني لتحسين كفاءة الطاقة، وتقليل النفايات. يتم دعم هذه الجهود من خلال التحضر الأخضر الذي يروج لاستخدام النباتات والتقنيات الطبيعية لتحسين بيئة المدينة.
2. البنية التحتية الخضراء:
تشمل البنية التحتية الخضراء إنشاء مجموعة من المساحات الخضراء، مثل الحدائق والمتنزهات، فضلاً عن استخدام الأسطح والجدران الخضراء (الجدران العمودية) في المباني. هذه العناصر تعزز التنوع البيولوجي وتساعد في تقليل تأثير الحرارة وتلطيف الجو، مما يساهم في تحسين جودة الهواء والمياه.
3- إعادة التدوير: من المهم جداً اعتماد مبدأ إعادة التدوير وإعادة الاستخدام لتقليل النفايات واستهلاك الموارد حيث يساهم التحضر الأخضر في تحقيق هذا المبدأ من خلال تشجيع إعادة استخدام المواد وإعادة تدوير النفايات بأنواعها (المنزلية، الزراعية والصناعية)، مما يقلل من الضغط على الموارد الطبيعية ويحافظ على البيئة.
إما الاتجاه الثاني للتحضر الأخضر فهو (التنمية منخفضة التأثير البيئي): التنمية منخفضة التأثير البيئي: هي نهج يهدف إلى تقليل الأثر البيئي للأنشطة البشرية قدر الإمكان إذ يحثُ هذا النهج على استخدام تقنيات وممارسات تحافظ على الموارد الطبيعية وتقلل من التلوث والنفايات، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بطرق تحافظ على البيئة وتضمن استدامتها للأجيال القادمة.
وللحصول على تكامل بين التحضر الأخضر والتنمية منخفضة التأثير البيئي: هناك بعض الخطوات أبرزها:
1- تطبيق تخطيط حضري مستدام:
يركز التخطيط الحضري المستدام على تصميم المدن بطرق تقلل من الأثر البيئي ويشمل ذلك إنشاء مساحات خضراء واسعة، وتشجيع النقل العام واستخدام الدراجات الهوائية، وتطوير بنى تحتية صديقة للبيئة. التحضر الأخضر يعزز هذا الاتجاه من خلال دمج النباتات والتقنيات الطبيعية في التخطيط الحضري.
2- استخدام الطاقة النظيفة:
يحث التحضر الأخضر على استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في تصميم المباني والبنى التحتية وكذلك التنمية منخفضة التأثير البيئي تعتمد على هذه المصادر لتقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق كفاءة في استخدام الطاقة.
3- البناء المستدام:
يتضمن التحضر الأخضر استخدام مواد بناء صديقة للبيئة وتقنيات بناء تحافظ على الطاقة وتقلل من النفايات. التنمية منخفضة التأثير البيئي تدعم هذا الاتجاه من خلال تشجيع استخدام مواد معاد تدويرها وتصميم مباني تستهلك أقل قدر من الموارد.
وختاماً ومما تقدم يعد التحضر الأخضر جزءًا أساسيًا من التنمية الخضراء، حيث يساهم في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، من خلال دمج مبادئ التحضر الأخضر في التخطيط الحضري والتنمية بشقيها الخضراء ومنخفضة التأثير البيئي، حيث يهدف التحضر الأخضر الى تحويل المدن الحالية من مستهلكة الى منتجة وبذلك يمكننا خلق بيئات حضرية مستدامة توفر جودة حياة عالية وتحافظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
#مركز_تنمية_حوض_اعالي_الفرات
#Upper_Euphrates_Basin_Developing_Center