مقالة اكاديمية بعنوان نتائج الحروب الصليبية الاجتماعية والاخلاقية على بلاد الشام

مقالة اكاديمية بعنوان نتائج الحروب الصليبية الاجتماعية والاخلاقية على بلاد الشام

 

مقالة اكاديمية بعنوان نتائج الحروب الصليبية الاجتماعية والاخلاقية على بلاد الشام

 

أ .د. افتخار عبد الحكيم رجب العكيدي

كلية التربية للبنات – قسم التاريخ 

 

نتائج الحروب الصليبية الاجتماعية والاخلاقية على بلاد الشام

ما ان استقر الغزاة الصليبين في بلاد الشام حتى بدت تظهر على المسلمين في بلاد الشام خاصة والشرق الاسلامي عامة آثار ذلك الغزو .

اذ كانت لأحداث الحروب الصليبية تأثيراتها السليبة من الناحية الاجتماعية اي من ناحية الحياة اليومية في بلاد الشام وتجلت هذه التأثيرات السليبة في عدة مستويات فمنذ نجاح الغزة الصليبين في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي وقيام اماراتهم باتت بلاد الشام تهيأ للمنازعات السياسية والصراعات السياسية التي افرزت نتائج سلبية خطيرة على الحياة الاجتماعية في بلاد الشام .

ومن ابرز النتائج السلبية لهذه الحروب على المستوى الاجتماعي تمثلت في توتر العلاقة بين المسلمين ومسيحي الشرق بالرغم من ان الصليبين عاملوا الارثوذكس ومعاملة سيئة اذ استولوا على كنائسهم وحولوها الى كنائس لاتينية كما منعوا الاقباط من زيارة بيت المقدس على اعتبار انهم هراطقة غير ان ذلك لم يكن ليمنع المسيحين الارمن والسريان في بلاد الشام من تقديم المساعدة للصليبين ، كم حدث على سبيل المثال في استيلاء الصليبين على انطاكيا سنة 492هـ .

وادت الحروب الصليبية الى حدوث صراعات ومنازعات بين المسلمين والصليبين وبين امراء المناطق الحضرية ونظرائهم في المناطق الريفية والجبلية وبين ابناء الاسر الحاكمة ووزرائهم الطامعين وبين عامة السكان اللي كانوا اغلبهم  من العرب وبين الاتراك والكرد اذ نتج من هذه الصراعات اضطراب امني وخلل اجتماعي خطير اذ ادى ذلك الى ظهور اللصوصية وقطاع الطرق في تخوم بعلبك ونابلس وشيراز .ومن جهة اخرى ادت هذه الحروب الى اختلال القوى الاجتماعية في بعض المناطق اذ تحول المسلمون الى اقليات في المدن التي احتلها الصليبيون من جراء المذابح الصليبية والهجرات الضخمة التي نجمت عنها ، كما ان بعض المسلمين اثروا ان يرتدوا عن دينهم فاعتنقوا المسيحية خوفا على حياتهم وكان من الطبيعي ان يتمسك ابناء الاقليات الاسلامية في المناطق التي خضعت  للصليبين بهويتهم الحضارية ويؤكدون انتمائهم للحضارة العربية الاسلامية ، اذ عمد سكان المناطق الريفية المجاورة لعكا الى اخفاء اسرى المسلمين عن عيون الصليبين ومساعدتهم للوصول الى المناطق الاسلامية .

وتركزت الحياة في المناطق الريفية الخاضعة للصليبين حول المساجد الصغيرة واستمر الفقهاء والقضاة في مباشرة خدماتهم الدينية والغير الدينية لأبناء هذه القرى لأنه لم يكن ممكنا الاستغناء عنهم في شؤون الزواج والميراث وغيرها .

في الوقت الذي خربت به المراكز الحضرية المزدهرة نتيجة الحروب الصليبية ازدهرت الحياة في المناطق التي كانت بعيدة عن خطوط الحرب التقليدية فكلما كانت المنطقة منقطة حرب كان التدهور السكاني والاجتماعي واضحا والعكس صحيح .

فقد شهدت بعض المناطق بعض التعايش السلمي بسبب الضرورات الاقتصادية مثلما حدث في بانياس عندما اقتسم اهل دمشق والصليبيون المناطق الزراعية مثلما كانت الضرورة الاقتصادية تسمح بالحفاظ على امن طرق التجارة وقوافلها في عكا .

اما تأثير الحروب الصليبية على النظام القيمي والاخلاقي في العالم العربي فيمكن ان نرصده من خلال الحقيقة القائلة ان تلك الحروب الطويلة كان لها من الإفرازات  السلبية ما يفوق افرازات الحروب العادية . اذ عانت المتجمعات العربية الاسلامية كثيرا من مظاهر التدهور الاجتماعي على صعيد النظام القيمي والاخلاقي منها انتشار الفساد الخلقي بين طبقات المجتمع .

 

 

 

 

 

 

 

 

المصادر :

1-ابو يعلى حمزة بن اسد القلانسي ، ذيل تاريخ دمشق ( مطبعة الآباء اليسوعين ، بيروت – 1908)ص135-136

2-ابو مظفر  اسامه بن مرشد بن منقذ الشيرازي ، كتاب الاعتبار ، تحرير ، فليب حتي ،(دار الكتب العلمية ، بيروت   -لات)ص153-154.

3- ابو الحسن محمد بن احمد  بن جبير الكناني ، رحلة ابن جبير ،(بيروت -1964)،ص276.

4-ابو العباس تقي الدين احمد بن علي بن عبد القادر بن محمد المقريزي ، السلوك لمعرفة الملوك ، تحقيق ، مصطفى زيادة ، ط2، (مطبعة لجنة التأليف والترجمة ، القاهرة – 1956)،2/ 640-641

5- قاسم عبده قاسم ، ماهية الحروب الصليبية ، سلسلة عالم المعرفة لسنة 1990 العدد ، 149، ص206- 210 –211

6- محمد كرد علي ، الاسلام والحضارة العربية ، ( القاهرة -  1950 ) 1/ 303-304.

7- خاشع المعاضيدي واخرون ، الوطن العربي والغزو الصليبي ( دار الكتب ، الموصل -1981)، ص265

 8-توفيق الطويل ، في تراثنا العربي الاسلامي ، ( الكويت – 1985)، ص179