مقال علمي بعنوان جستنيان  وأعماله التشريعية الدينية والادارية والقضائية والتجارية

مقال علمي بعنوان جستنيان وأعماله التشريعية الدينية والادارية والقضائية والتجارية

 

جستنيان  وأعماله التشريعية الدينية والادارية والقضائية والتجارية

أ.م.د.ناديه محمود فرحان الكحلي

جامعة الانبار/ كلية التربيه للبنات /قسم التاريخ

 

فلافيوس جستنيانوس (482 ـ 565م)أشهر أباطرة الروم البيزنطيين، إذ بلغت الامبراطورية الرومانية الشرقية في عهده (527-565) أوج قوتها وعظمتها.ولد في إحدى قرى مقدونية لأسرة من الفلاحين، لاتينية اللسان، وكان اسمه بطرس سباتيوس، ثم اتخذ اسم جستنيانوس بعد أن تبناه خاله القائد العسكري والامبراطور اللاحق جستين (518- 527م) .

تلقى تربية ممتازة فغدا من أعظم رجال عصره ثقافة. بدأ صعوده السياسي في عهد خاله، فتقلد عدداً من المناصب الرفيعة توّجها بالقنصلية عام 520، وشارك في تحمل مسؤولية الحكم، ومنح لقب أغسطس الذي ضمن له ولاية العهد، ثم خلف خاله جستين على عرش الامبراطورية عام 527م.

كان جستنيان يمتلك شعوراً عميقاً بماضي الامبراطورية الرومانية العظيم، وصمَّم على بعث أمجادها باستعادة أقسامها الغربية من أيدي القبائل والممالك الجرمانية، وبإصلاح المساوئ الإدارية وعمل على جمع وتدوين نظامها القانوني، كما كان رجلاً شديد التدين، يعتقد أن عظمة الامبراطورية مرتبطة بوحدة معتقداتها وقمع البدع والقضاء على آخر مظاهر الوثنية.

 

من أشهر أعمال جستنيان وأبقاها وأعظمها تأثيراً جمع الحقوق الرومانية وتدوينها في عهده، فيما أصبح يُعرف بـ «مدونة جستنيان» Cropus Luris Civilis (أو مجموعة القانون المدني المؤلفة من أربعة أقسام: القانون، المختار، الشرائع، المستجدات)، وهي التي حفظت القوانين الرومانية التي صارت مصدراً للقواعد القانونية الأساسية في أوربة وكثير من بلدان العالم.

كما قام جستنيان بإصلاحات كثيرة في مجال الإدارة والحكم والقضاء، ركزت كل السلطات في يد الامبراطور وحكومته، كذلك حاول توحيد العقيدة الدينية في الامبراطورية ومحاربة البدع والعقائد الأخرى، وعقد لهذه الغاية مجمعاً كنسياً في القسطنطينية عام (553م) ولكن دون نجاح يُذكر، كما بذل جهوداً كبيرة لنشر الديانة المسيحية الأرثوذكسية في مناطق الدانوب وشرقي أوربة بوصفها وسيلة لترسيخ النفوذ البيزنطي في تلك المناطق.

شهد عصره اكتشاف سر صناعة الحرير وتهريب دود القز من الصين، فكان ذلك بداية صناعة الحرير البيزنطية الشهيرة في القسطنطينية وأنطاكية وبيروت والإسكندرية، التي درَّت على الدولة أرباحاً طائلة. كما تميز عهده بازدهار الآداب والفنون وتشييد الأبنية الفخمة والكنائس، وعلى رأسها كنيسة أياصوفيا Hagia Sophia في القسطنطينية، التي تعد أروع إنجازات العمارة البيزنطية، مثلما تضم كنائس رافنا الإيطالية روائع أعمال الفسيفساء، ومنها تلك اللوحة الشهيرة التي تصور جستنيان مع زوجته تيودورا وحاشيتهما الامبراطورية في غاية الفخامة والعظمة،وهكذا فقد بلغت الامبراطورية الرومانية الشرقية قمة أمجادها تحت حكم جستنيان، ومع أن حروبه في الغرب والشرق أنهكت قواها واستنزفت كثيراً من مواردها الاقتصادية والبشرية، فإن رؤيته التاريخية وتشريعاته والصروح العمرانية التي خلفها وازدهار الحياة الفكرية والفنية، إضافة إلى طول عهده، جعلت من القرن السادس الميلادي بجدارة  قرن جستنيان، الذي يفخر بانتصاراته وألقابه في مقدمة مدونته الشهيرة، ويقرر أنه: «لكيما تحكم الدولة حكماً صالحاً في وقت السلم وفي وقت الحرب، لا يجد صاحب الجلالة الامبراطورية بداً من الاعتماد على ركنين: الأسلحة والقوانين ...».

 

قائمة المصادر والمراجع

1-     أدور، بروى:تأريخ حضارات العالم القرون الوسطى، بأشراف موريس كروزيه، نقله الى العربية يوسف اسعد داغر وفريد م.داغر، (ط2، بيروت، منشورات عويدات،1986م).

2-     انجلس، فردريك:اصل العائلة والملكية الخاصة والدولة، ترجمة الياس شاهين، (مركز الدراسات الاشتراكية، مصر)، دليل الأسماء الإنتوغرافية، تسلسل (109)

3-     بييز، نورمان:الإمبراطورية البيزنطية، تعريب: حسين مؤنس، ومحمود يوسف زايد، (القاهرة، مطبعة لجنة التأليف والترجمة ،1950م)

4-     بيغوليفسكيا، نينا فكتورفنا: العرب على حدود بيزنطة وايران من القرن الرابع الى القرن السادس الميلادي، ترجمة:  صلاح الدين عثمان، (الكويت  قسم التراث العربي بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والادب، 1985م)

5-      التاجوري،  مفتاح محمد:التأريخ السياسي والاقتصادي لشمال افريقيا أثناء حكم الامبراطور جستنيان، (ط1، طرابلس، ليبيا، منشورات المركز الوطني ،2009م)

6-     حاطوم، نور الدين: تأريخ العصر الوسيط في أوربا، (دمشق، دار الفكر ، 1402ه/1982م)،

7-     حتى، فليب: تأريخ سوريا ولبنان وفلسطين، ترجمة جورج حداد وعبد الكريم رافيق، مراجعة جبرائيل جيور، (ط1،بيروت،دار الثقافة ، 1950م)

8-     حتى، فليب:  العرب تأريخ موجز. (ط6، بيروت ، لبنان ، دار العلم للملايين ،1411ه/1991م)

9-     ديورانت، ول: قصة الحضارة، ترجمة محمّد بدران وغيره، بإشراف جامعة الدول العربية، (ط3 ، القاهرة، 1973م)

لتحميل المقالة أضغط هنا