م.د. منتظر وديع رشيد الهيتي

م.د. منتظر وديع رشيد الهيتي

الغش في الامتحانات وموقف الشريعة الاسلامية منه

Cheating on the Exams and the Position of Islamic Sharia

م.د. منتظر وديع رشيد الهيتي

جامعة الانبار/ كلية التربية للعلوم الانسانية

قسم علوم القران والتربية الاسلامية

ed.muntazer.wadiha@uoanbar.edu.iq

https://www.uoanbar.edu.iq/staff-page.php?ID=316

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم .

 

ان الغش ظاهرة خطيرة وسلوك مشين ، ولقد أصبح الغش في جميع مجالات الحياة فهناك غش الحاكم تجاه رعيته ، وهناك غش الاب لأهله ، وهناك غش من الرعية تجاه الحاكم ، وامتد الغش ليشمل المعاملات بين افراد المجتمع من المعاملات اليومية والتجارية ، وتزداد مشكلة الغش أهمية وخطورة عندما تمس هذه الشريحة المتعلمة أو المثقفة من المجتمع من تلاميذ وطلبة مدارس وجامعات ، والذين يفترض أن تكون وسائل التربية والتعليم قد هذبت سلوكهم وجعلت أفكارهم سعياً وراء الاهداف التربوية.

 

وشريعتنا الاسلامية هي شريعة صالحة لكل زمان ومكان حرمت كل انواع الغش سواء في المعاملات أو الامتحانات وغيرها من نواحي الحياة حيث قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (من غشنا فليس منا) . فالغش ظاهرة مرفوضة دينياً واجتماعياً ، ولما انتشرت هذه الظاهرة في المجتمع التعليمي وتعددت صوره واشكاله ، حتى أن بعض الطلبة ظنه من المباحات بل تعدى  الامر عند بعض الطلاب الى جعله من المستحبات ولكن الشريعة الاسلامية رفضت هذه الظاهرة لكونها ظاهرة قد نبه الله عليها ورسوله الكريم في ذلك . ولو تطرقنا إلى تعريف الغش في اللغة والاصطلاح وعند بعض الباحثين وكالاتي

 

الغش في اللغة:  نقيض النص وهو مأخوذ من الغشش ، ورجلٌ غش غاش والجمع غشون .

 

الغش في الاصطلاح: وهو ما يخلط الرديء بالجيد ، والذي يعنينا في الغش في الامتحانات .

 

الغش عند الباحث محمد بن زياد : أنه حصول الطالب على الاجابة المطلوبة من قرين او كتاب او مذكرة او كتابة على مقعد او على جدار او جزء من الجسم بهدف تمرير متطلبات دراسية دون اعتبار يذكر لتعلم المادة .

 

ولو رجعنا الى حكمه من الناحية الشرعية نجد ان هناك حكما  صريحاً  ينهى عن ارتكابه وتحريمه وهو قوله صلى الله عليه وسلم (من غشنا فليس منا) ، فعموم نهيه صلى الله عليه وسلم يكون عن الخديعة وتقلب الامور وتغيرها بالمنظر الحسن عند الطرف الثاني ، حيث ان مقتضى الغش في الامتحانات سبب لنجاح الكسلان وغبن الطالب الذكي .

لذا يحرم على الطالب الغش في الامتحان ويحرم على المراقب ان يسمح او يتغافل عنه لما يترتب عليه من اضرار :

1- انعدام الفرق بين من يحفظ المادة وبين من يجيب غشاً .

2- اهدار لجهود الطالب المجتهد .

3- الغاش هو من سيأخذ الشهادة او رتبة لا يستحقها فتكون مزورة والله تعالى يقول(هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) .

4- ضعف المستوى العلمي .

5- الراتب الذي يتقاضاه وليس مؤهلاً شرعياً لتلك الوظيفة وغير ذلك من الاضرار .

وحيث تعد مشكلة الغش في الامتحانات الجامعية من أخطر المشاكل التي يواجهها التعليم وتأثيرها على حياة الطالب والمجتمع حوله والغش حلقة من متلازمة ثلاثية معروفة تتكون من الكذب والسرقة والخيانة ، حيث يعد الغش خيانة للنفس وخيانة للآخرين .

وأن الغش في الامتحانات سلوك محرم ، يهدر الحقوق ويهدم مبدأ تكافؤ الفرص ويؤثر بالسلب على مصالح الفرد والامة .

حيث ان الاسلام حث على طلب العلم ورغب في تحصيله به واجتهاد ويبين ان لطالب العلم آداباً لابد وان يتحلى بها كالإخلاص لله وتقواه عز وجل ، ومراقبته في السر والعلن ، والتحلي بمكارم الاخلاق ، والبعد عن كل ما يغضب الله سبحانه وينافي الفضائل والمحامد .

والغش طلبتنا الاعزاء اخواني القراء سلوك محرم كما قلنا انه يهدر الحقوق ، ويساوي بين المجد المتقن والكسلان المهمل ، ويهدم مبدأ تكافؤ الفرص فحق العالم هو التقديم والرفعة قال سبحانه وتعالى : ( يرفع الله الذي أمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات والله خبير بما تعملون) . ولذلك أنصح الطلبة كاخٍ ناصح أمين أن هذه الظاهرة من المحرمات التي نهي عنا شرعنا الحكيم لذا يرجى الابتعاد عن هذه الظاهرة التي تغضب رب العباد ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم والاعتماد على النفس والمذاكرة والمثابرة والهدف تسموا به غاية النجاح ، فالطالب الذكي هو الذي يعتمد على نفسه ويضع في عينه نظر الاعتبار بعدم الذهاب الى هذه الظاهرة والاعتماد على النفس ، وانصح ببعض الادعية التي تفتح على الطالب بقراءتها فتوح العارفين وهي كالاتي :

1- اللهم اني توكلت عليك وفوضت امري اليك لا ملجأ  ولا منك الا اليك .

2- اللهم لا سهل الا ما جعلته سهلاً فانت تجعل من الحزن اذا شئت سهلاً .

3- رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .

ولا بد ان نتعلم ان مشكلة الغش ليس سلوك فطري جبل عليه الانسان بل هو سلوك مكتسب يمكن للإنسان تغييره .

قال الامام الغزالي رحمه الله :(لو كانت الاخلاق لا تقبل التغيير لبطلت الوصايا والمواعظ والتأديبات ولما قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (حسنوا اخلاقكم)  .

وفي الختام ادعوا الله تعالى ان يوفق طلبتنا الاعزاء في امتحاناتهم وان يبعد عنهم هذه الظاهرة السيئة انه ولي ذلك والقادر عليه .