الرياضة وعلاقتها بحقوق الإنسان والحريات

الرياضة وعلاقتها بحقوق الإنسان والحريات

إن الأحداث الرياضية بشكل عام والدولية بشكل خاص، أدوات هامة لحقوق الإنسان والحريات, وينبغي أن تكون للرياضة وظيفة صريحة لتشجيع السلام النشط والتفاهم الدولي بروح الاحترام المتبادل بين الناس من مختلف الأصول والأيدولوجيات والعقائد. حيث لا تحتوي أي من إعلانات حقوق الإنسان أو المواثيق على إشارة محددة للرياضة, مع ذلك، نصت اللجنة الأولمبية الدولية في الميثاق الدولي على أن ممارسة الرياضة حق من حقوق الإنسان, ويجب أن تتاح لكل فرد إمكانية ممارسة الرياضة دون تمييز من أي نوع وبروح الأولمبية . حيث اضحت الرياضة بشكل عام في مجالاتها وأنواعها ولا سيما كرة القدم نشاطًا اقتصاديًا شأنه في ذلك شأن بقية الأنشطة والقطاعات الاقتصادية الأخرى وأصبح تنظيم الأنشطة الرياضية من المبادئ الدستورية التي تكفل الدولة تحقيقها, فقد نظم ذلك الدستور العراقي لعام (2005) النافذ في الباب الثاني منه وتحت عنوان (الحقوق والحريات), اذ نصت المادة (36) على أنه "ممارسة الرياضة حق لكل عراقي وعلى الدولة تشجيع أنشطتها ورعايتها وتوفير مستلزماتها", ولم يكتفي المشرع الدستوري بجعل هذا النشاط حقًا مطلقًا للفرد العراقي وإنما الزم الدولة بتشجيعه كما الزمها رعاية وتوفير جميع المستلزمات التي من شأنها تطوير هذا النشاط, ومن هنا تظهر أهمية موضوع, ممارسة الرياضة وعلاقتها بحقوق الإنسان والحريات. كذلك يمكن أن تعزز المشاركة الرياضية حقوق الإنسان والحريات من خلال توليد المصالح والقيم المشتركة وتعليم المهارات الاجتماعية اللازمة للمواطنة الديمقراطية, كما وتعزز الرياضة الحياة الاجتماعية والثقافية من خلال الجمع بين الأفراد والمجتمعات. ويمكن أن تساعد الرياضة في التغلب على الفروقات وتشجيع الحوار، وبالتالي تساعد في القضاء على الأحكام المسبقة والصور النمطية والاختلافات الثقافية والجهل واللاتسامح والتمييز. وغالبًا ما تستخدم الرياضة كخطوة أولى لإشراك الفئات الضعيفة والمهمشة, حيث تستخدم كرة القدم في الشوارع في العديد من المناطق داخل المدن باعتبارها وسيلة للعاملين مع الشباب للتواصل مع الشباب النافر والمشردين, وعن مدى التغيير الكبير الذي حصل في حياة  من اللاعبين، حيث أقلعوا عن تعاطي المخدرات والكحول وانتقلوا إلى الوظائف والمنازل والتدريب والتربية والتعليم وإصلاح كافة العلاقات مع الاستمرار في لعب كرة القدم . وفي كثير من الأحيان يكون الرياضيون من كلا الجنسين محط إعجاب لمكانتهم وإنجازاتهم وأحيانًا بسبب رحلتهم الملهمة نحو النجاح, ويبحث عنهم الكثير من الشباب لما يبذلونه من جهود للكفاح من أجل العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان . فعلى سبيل المثال، ليليان تورام هو اللاعب الأكثر تتويجًا في تاريخ المنتخب الفرنسي لكرة القدم ومعروفًا أيضًا بكفاحه ضد العنصرية والدفاع عن الشباب, وإريك كانتونا لاعب فرنسي دولي شهير سابق جاء من عائلة فقيرة مهاجرة وهو معروف بدفاعه عن المشردين ودعمه لهم, كذلك تعتمد الأمم المتحدة على بعض الشخصيات البارزة من عالم الفن والموسيقى والأفلام والأدب والرياضة للفت الانتباه إلى أنشطتها وتعزيز مهمة المنظمة, وتشمل الأمثلة ما يأتي: ليونيل ميسي سفير النوايا الحسنة لليونيسيف، ونجمة التنس ماريا شارابوفا سفيرة النوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وإن أكبر تحدي لحقوق الإنسان  فيما يتعلق بالرياضة هو المساواة وعدم التمييز, وتواجه الممارسة الفعالة للمساواة في الوصول إلى الرياضة بالعديد من المعيقات الاقتصادية والاجتماعية واللوجستية, كتوفر المرافق الرياضية والقدرة على الوصول إليها وتحمل نفقاتها والانتساب إلى الأندية الرياضية والمرافق وسهولة الوصول لهذه المرافق وغيرها, وعلى الرغم من الدور المتكامل المعترف به على نطاق واسع للرياضة، فالكثير من الشباب في كثير من البلدان محرومين من الوصول إلى الرياضة بحكم الواقع الذي يعيشون فيه . وتُعتبر الرياضة مهمة في تعزيز حقوق الإنسان وإدماج الجميع، حيث من خلال الرياضة يتعلَّم الناس القيم التي تتقاطع مع الجنس أو الجنسية أو العمر أو حتى الحالة البدنية، فإنه في الوقت الحاضر أصبح بالإمكان بناء جسور أقوى للدفاع عن الرياضة كحق من حقوق الإنسان، التي يتمثل التعهد بها والدفاع عنها والترويج لها، حيث ترتبط الرياضة ارتباطًا وثيقًا بتعريف العديد من حقوق الإنسان، مثل ( الحق في التعليم، الحق في الثقافة، الحق في الصحة والرفاهية وكذلك الحق في المشاركة السياسية ) . حيث يُتوخى ممارسة الرياضة دون أي نوع من التمييز، مثل العرق أو اللون أو الجنس أو التوجه الجنسي أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو المولد أو أي وضع آخر، حيث يمكن للرياضة أن تنقل بسهولة العديد من القيم الإيجابية، مثل الإنصاف والنظافة الشخصية وبناء الفريق والمساواة والانضباط والإدماج والمثابرة والاحترام، حيث كلها موجودة في الميثاق الأولمبي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق الأوروبي للحقوق الأساسية . فعلى الرغم من ذلك، تحدث العديد من انتهاكات حقوق الإنسان بسبب الأحداث الرياضية الكبرى، حيث تأثرت حماية العديد من الحقوق والحريات في الاحتفال بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة،  وأيضًا تتراوح انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى من حقوق العمال، إلى حقوق المهاجرين وحقوق الطفل . فإن حقوق الرياضيين هي أرض غير مستكشفة، حيث لا تزال هناك فجوة كبيرة بين الرغبة في تحقيق أقصى قدر من النتائج، وكرامة وحريات الرياضيين، مثل ( حرية التنقل، حرية التعبير، الحريات الدينية، حقوق الصورة، حقوق العمل والحق في الخصوصية )، حيث لا تستند الحقوق الأساسية للرياضيين إلى ثنائية بين الرياضيين والآخرين، وأن كرامتهم الإنسانية محمية. حيث لم تُعد الرياضة حقًا من حقوق النخبة , بل تعدى الأمر الى حد اعتبار ممارستها أحد حقوق الإنسان اللصيقة به . وإشاعة حقوق الإنسان في نطاق ممارسة الانشطة الرياضية تبدأ من حماية حقوق  اعضاء الحركة الاولمبية والتصدي لكافة اشكال التمييز التي من شأنها التأثير على تلك الانشطة , فالحركة الاولمبية العالمية او الدولية تحرص على تأكيد عالمية واستمرارية نشاطها الرياضي حيث يغطي القارات الخمس , ويصل هذا النشاط ذروته عند التقاء رياضيي العالم في المهرجان الرياضي الكبير وهو  ( دورة الالعاب الاولمبية ) . إذ تهدف هذه الحركة الى الإسهام في بناء مجتمع رياضي افضل يسوده السلام عن طريق تعلُم الشباب من خلال ممارسة الرياضة دون تمييز بسبب الجنس او اللون او الدين وبما يحقق وجود التفاهم المتبادل في مناخ من الصداقة والتضامن , فضلًا عن دورها في دعم وتشجيع الُمثل والأخلاقيات الرياضية وتكريس الجهود للعمل على ان تسود روح اللعب النظيف ومنع ظاهرة العنف في الرياضة والمحافظة على صحة وسلامة اللاعبين من الإصابات الرياضية المختلفة ومكافحة المنشطات وتأمين المستقبل الاجتماعي والمهني لهم والى جانب التزام اللجنة الاولمبية الدولية في إشاعة ثقافة حقوق الإنسان الرياضية, فإن هناك التزام يقع على عاتق اللجان الاولمبية الوطنية بنشر المبادئ الأساسية للفكر الأولمبي على الصعيد الوطني, واتخاذ اجراءات صارمة ضد أي صورة من صور التمييز والعنف في المجال الرياضي , والعمل على زيادة الوعي القانوني والمسؤولية الرياضية وارتباطها بقضايا البيئة ففي ضوء ما سبق:  تمس الرياضة العديد من جوانب حقوق الإنسان والحريات، ومع ذلك هناك إغفال واضح للرياضة في المعايير الدولية، حيث تم ذكر الرياضة في قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن تعزيز حقوق الإنسان من خلال الرياضة والمثل الأعلى الأولمبي . حيث قد أدى ذلك إلى إنشاء لجنة استشارية لدراسة إمكانيات استخدام الرياضة والمثل الأعلى الأولمبي لتعزيز حقوق الإنسان، حيث يعترف القرار بما يأتي: ( إن الرياضة كوسيلة لتعزيز التعليم والصحة والتنمية والسلام، وسيلة لتعزيز التنمية وتعزيز تعليم الأطفال والشباب، وأيضاً وسيلة الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة، بما في ذلك الوقاية من تعاطي المخدرات، تمكين الفتيات والنساء، تعزيز دمج ورفاه الأشخاص ذوي الإعاقة، تسهيل الإدماج الاجتماعي، منع النزاعات وبناء السلام ) حيث يدعو الدول إلى التعاون مع اللجنة الأولمبية الدولية واللجنة البارالمبية الدولية في جهودهما، لاستخدام الرياضة كأداة لتعزيز حقوق الإنسان والتنمية والسلام والحوار والمصالحة .