التسرع في الحكم
Share |
2023-09-24
التسرع في الحكم

أحياناً نتسرع في كلِماتنا ونجرح من أمامنا ، فلا تتسرع بالحكم

سأل المعلم الطالب مهند: ماذا يعمل والدك ؟ صمتّ مهند ولم يُجب . فسأله المعلم مرةً أُخرى: ماذا يعمل والدك يا مهند؟  ؟ فاكتفى مهند بالصمت ولم يجب ! صرخ المعلم في وجهه أمام الطلاب وقال : يا غبي ألا تعرف ماذا يعمل والدك ؟! رفع مهند رأسه وقال: بلــى ! إنه نائم في قبره.

تخاصم يوماً صديقان ،لم يستطع الصديق أن يمنع لسانه من إطلاق قذائفه على صاحبه الذي أغضبه ، كان كلامه حاداً ، قاسياً ، حمل كل ما في نفسه من غضب وضيق وحنق .

وعاد كل من الصديقين إلى داره ، الغاضب هدأ وعاد لرشده ، والمغضوب عليه حزين غير مصدق أن يؤلمه صديقه بهذه الكلمات القاسية الملتهبة . 

وبعدما عاد للغاضب رشده ، ندم وتألم ، وضاقت عليه الدنيا بما رحبت . إن كلامه كان جد قاسيا . ليت الكلمات تعود مرة أخرى إلى جوف المرء منا .. هكذا قال لنفسه ، وتمنى في ألم.
وقرر الصديق أن يعتذر لصديقه ويستسمحه ، وبالفعل ذهب إليه معتذراً ومنكسراً ، طالباً منه العفو والغفران ، وقبل الصديق اعتذر صاحبه ، وغفر له قسوة كلامه وشدة عباراته الجارحة لكن الصديق المعتذر لم يسامح نفسه ، وأحس أن هناك شيئاً قد انكسر في علاقته بأخيه ، حار فكره في كيف يعيد الماء إلى مجاريها ، ويمزق تلك الصفحة المؤلمة من دفتر علاقته بصديقه ،وذهب إلى رجل حكيم طالما كان يقصده طلبا للمشورة والرأي السديد ، فقال له الحكيم : طاوعني فيما أطلب منك ، ولك مني النصيحة الصادقة .

فوافق الصديق النادم بلا إبطاء ، فقال له الحكيم : خذ هذا الكيس الصغير ، إن به عشرون ريشة من ريش الدجاج ، ضع أمام كل بيت من بيوت حارتنا واحدة ، ثم عد إلي ! .
لم يجادله الرجل في طلبه ، بل أجابه وأخذ منه الكيس ، وفعل ما أمره به الرجل الحكيم .
وعندما عاد أدراجه قال له الحكيم : الآن أذهب وعد إلي بالريش مرة أخرى ! .
فذهب صاحبنا وعاد والكيس فارغة ، فالريش قد أطارتها الرياح بعيدا .
هنا ابتسم الحكيم قائلا : وكلامنا كالريش ، يخرج منا ويطير أبعد مما كنا نظن ، و لا نستطيع إرجاعه أو السيطرة عليه ما دام قد فارق شفاهنا .

سهل جداً أن ننثر الريش هنا وهناك ، كما أنه سهل كذلك أن نتفوه بالكلمات والعبارات القاسية ، لكننا إذا أحببنا أن نعيد أي منهما مرة ثانية فالأمر ليس بالسهل أو اليسير .
إن الحكمة التي عناها الحكيم هي أن التحكم في السلوك على صعوبته ، أيسر مؤنة من إرجاع الكلمة القاسية أو السلوك المندفع . 

أننا إذا أحببنا امتلاك أفئدة الناس ، فيجب أن نمرن أنفسنا على ضبط النفس ، والتحكم في المشاعر والأحاسيس المختلفة .

إن اللسان يجرح الفؤاد كما يجرح السكين جسد المرء منا ، وكما أن التئام جرح البدن شيء غير مستغرب ، فإن التئام جرح الفؤاد كذلك ممكنا خاصة إذا صاحبه اعتذار جميل وصفح وقبول للمعاذير ، بيد أن الجرح ـ سواء الجسدي أو الحسي ـ حتى وإن اندمل ، ما يلبث يترك أثر يدلل عليه حتى آخر العمر ،فما الذي يضطرنا إلى ترك آثار سيئة في أفئدة الآخرين ، تخبرنا وإياهم كم كنا قساة مخطئين.

نكران النعم

لإيلاف قريش " علمت بتفسيرها فخفت من الله أكثر .. أول مرة أسمع عتابًا من إيلاف النعم

الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات .. إقرأ سبب نزول هذه السورة

هذه أول آية من سورة قريش تناقش مشكلة حياتية وهي ( إِلْفُ النعمة ) ..

يقول الله لنا لإيلاف قريش واعتيادهم على استقامة مصالحهم ورحلتيهم بالشتاء والصيف دون النظر لواهب هذه النعم ومديمها ! كان أهل قريش معتادين على الفقر والجوع والحياة البدائية البسيطة..لدرجة انهم عندما يصل أحدهم لشدة الفقر كان يأخذ أهل بيته لمكان يسمى بالخباء يمكثوا فيه حتى يموتوا من الجوع كلهم .. والعادة هذه في الجاهلية كان اسمها الاعتفار ..

 وكانت هناك عائلة كبيرة اسمها بني مخزوم كانوا كلهم سيموتون من الجوع الشديد ، وعندما وصل خبرهم لهاشم بن عبد مناف أحد كبار التجار .. استاء من وجود هذا الجهل والفقر في أهل البيت الحرام ، فجاء هاشم بن عبد…وغير هذه العادة .. وقال لهم أنتم أحدثتم عادة تُذَلون بها  بين العرب وأنتم أهل بيت الله والناس لكم تبع .. فقسم القبيلة لعشائر ، وأمر كل غني منهم بتقسيم ماله مع الفقراء من عشيرته حتى أصبح الفقير مثل الغني ..

وعلمهم أصول التجارة ، ونظم لهم رحلتين في العام ، رحلة للشام ورحلة لليمن .. في الشام علمهم تجارة الفواكه في الصيف وفي اليمن علمهم تجارة المحصولات الزراعية في الشتاء ، حتى جاء خير الشام وخير اليمن لمكة وأصبح سكان مكة في حال أفضل وانتهت ظاهرة الاعتفار ..

بدأ أهل قريش يكفروا بالنعمة بعدم شكر الله عليها.. كفران النعم هو أن تألفها فلا تراها نعمة ..

فلما ألفت قريش النعم التي أنزلها الله عليهم .. أنزل الله فيهم الأمر الإلهي بأن يعبدوا رب هذا البيت فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)

نعم الله على الناس عموماً لا تحصى ، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه النعمة الواحدة التي هي نعمة ظاهرة وهي دوام النعمة ..

وهي إطعامهم بعد الجوع ، وتأمينهم بعد اعتيادهم العيش في رعب وخوف من الموت ... ( أطعمهم من جوع * وآمنهم من خوف )

 لا تألف فتجحد ، لكن اشكر الله تألفك نِعمته .... افرح بنعمة الله عليك واشكرها حتى لو تكررت ألف مرة ، لأن مجرد دوام النعمة نعمة ، وإلف النعمة وعدم شكرها جحود وظلم ..

 ولتكن كلمة " الحمد لله " على لسانك في كل وقت ، قلها بقلبك عن رضا واقتناع لما فيها من أجر عظيم . الحمدلله دائمًا وأبدًا . الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك

 
عدد المشاهدات : 543