مخاطر وآثار المواد البلاستيكية على صحة الإنسان والبيئة

مخاطر وآثار المواد البلاستيكية على صحة الإنسان والبيئة

 

أ.م.د. مجاهد محمد نجم – قسم الفيزياء الطبية 

"التغلب على التلوث البلاستيكي" هو موضوع يوم البيئة العالمي لعام 2018، وهو دعوة للعمل جميعا لكي نواجه أحد التحديات البيئية العظيمة في عصرنا. إن موضوع يوم البيئة العالمي لعام 2018 الذي اختارته الهند البلد المضيف ليوم البيئة العالمي لهذا العام، يدعونا للتفكير في الكيفية التي يمكن بها إحداث تغييرات في حياتنا اليومية لايقاف التلوث البلاستيكي على أماكننا الطبيعية وحياتنا وصحتنا.

شهد منتصف القرن الماضي، ثورة حقيقية في صناعة بعض المركبات والمواد التي لم يعرفها الإنسان من قبل، وكان من أهمها على الإطلاق إنتاج البلاستيك، الذي تم استخدامه في كافة مناحي الحياة العملية، نظرا للمميزات العديدة التي يتمتع بها، ومن أهمها سهوله تشكيله وتصنيعه بما يتلاءم مع حاجات الإنسان اليومية والحياتية. وقد تضاعف الإنتاج العالمي من هذه المادة الهامة بشكل كبير جدا، مما حدا بالباحثين على إطلاق اسم عصر البلاستيك على النصف الأخير من القرن الماضي.

يصنع البلاستيك من مواد أولية تدعى البوليمرات و لهذه البوليمرات أنواع عديدة منها البولي ايثيلين و البولي بروبيلين و بولي كلوريد فينول و غيرها و يضاف إلى هذه المواد مواد كيماوية أخرى لأهداف كثيرة منها كالملونات التي تعطي العبوات البلاستيكية الألوان المختلفة و مادة     (( الباي اسيفينول – أ )) التي تعطي البلاستيك الشفافية و الصلابة و الملدنات التي تعطي البلاستيك الليونة ، و الطراوة ، و قابلية الانثناء و هناك مواد أخرى لإزالة الشحنات الكهربائية الساكنة عن سطح البلاستيك ، و مواد مزيتة ، و مضادات أكسدة .

بالرغم من اامميزات المختلفة للمواد البلاستيكية مثل القوة والمرونة وخفة الوزن وانخفاض التكلفة وسهولة التشكيل وفعالة في عزل الحرارة والكهرباء ومقاومتها التآكل بفعل الأحماض والقلويات والمذيبات إلا أن مخلفاتها تشكل إحدى المصادر الرئيسة لتلوث البيئة وخطورة على صحة الانسان. مادة البلاستيك لا تحلل بفعل العوامل الطبيعية سواء البيولوجية كالبكتيريا والفطريات والخمائر أو البيئية كالحرارة والرطوبة والضوء أو أشعة الشمس والأوكسجين والمواد الكيميائية وغيرها ويعزى عدم تأثر هذه المادة أو مقاومتها للتحلل بفعل هذه العوامل وخاصة البيولوجية منها إلى عدة عوامل والتي من أهمها كبر حجم جزئيات هذه المادة وعدم قابليتها للذوبان في الماء. فمثلا يقدر أنه يحتاج من مائة إلى ألف سنة حتى يتحلل عندما يتم طمره في الارض.

الاضرار الناجمة عن استعمال البلاستيك على صحة الانسان

الخطوة الأولى في هذا السياق هي التركيز على المواد المعضِلة، وهي أربع مواد حتى الآن: البولي فينيل كلوريد، والبوليسترين، والبولي يوريثان، والبولي كربونات، التي تحتلّ نسبة 30% من مجموع الإنتاج. وهذه المواد تحديدًا تصعُب إعادة تدويرها، وتحتوي على مواد سامة.. إذ يُستخدم البولي فينيل كلوريد polyvinylchloride في البناء، كما في الأنابيب المخصصة لنقل مياه الشرب، ويستخدم البوليسترينPOLYSTYRENE في العبوات المخصَّصة للمواد الغذائية، ويدخل البولي يوريثانPOLYURETHANE في صناعة الأثاث، أمّا البولي كربونات POLYCARBONATE، فتُستخدم في صناعة الإلكترونيات. وقد تمّ استبدال المواد التي يدخل فيها البولي فينيل كلوريد (PVC) بمواد أكثر أمانًا ومتانةً وقابليةً للتدوير، كالبولي بروبلين POLYPROPYLENE ، والألومنيوم في كل من قطاعي الرعاية الصحيّة، والتكنولوجيا، كالأكياس المستخدمة لحقن السوائل في الوريد، والمستخدَمَة في أجهزة الحاسوب.

تعتبر مادة الديوكسين – المكون الرئيسي للبلاستيك – هي أكثر المواد الكيميائية العضوية السامة فتكًا بالصحة، وتصنف من المواد المسرطنة. عندما تضع طعامك في أكياس بلاستيكية، أو عندما تشرب في كوب بلاستيكي، أو عندما تغلف طعامك بالبلاستيك الرقيق المخصص لتغليف الأطعمة، فإنك تعرض نفسك لأخطار البلاستيك. المشكلة الأخطر تكمن في كيفية تفاعل البلاستيك مع الحرارة، وخاصة الطعام الذى يحتوى على الدهون فوجود الدهن تحت درجة حرارة عالية يحرر الديوكسين من البلاستيك ليختلط مع الطعام و يتجه فى النهاية إلى خلايا الجسم .خاصة المنتجات المستخدمة في تعبئة الأطعمة والمشروبات، والديوكسين أخطر مما تتصور، فهو يسبب مرض السكري، والعقم لدى الرجال والنساء و اضطراب في إنتاج الهرمونات، ومشاكل جلدية، وفي الجهاز المناعي والرئة.

كما ترتبط خطورة منتجات البلاستيك بشكل كبير باحتوائها على مواد تسمى "فثاليتات" (phthalates) وهي مواد تضاف للبلاستيك أثناء تصنيعه لزيادة مرونته، وتتسلل الفثاليتات من منتجات البلاستيك إلى الهواء والطعام وحتى البشر، ويشمل ذلك الجنين في رحم الأم.

وتدخل مادة الفثاليت في مادة ال PVC، وهي تستخدم على نطاق واسع في صناعة ألعاب الأطفال، مثل العضاضة -القطعة البلاستيكية التي يعض عليها الطفل لتخفيف آلام التسنين- والألعاب الطرية والألعاب المنفوخة. وتنتقل هذه المادة من هذه المنتجات والأجسام إلى الطفل والبيئة ويمكن تلخيص أبرز المعطيات المتوافرة حاليا حول الآثار السلبية للفثاليتات على الصحة بالنقاط التالية:

زيادة تخزين الدهون,زيادة مقاومة الإنسولين، انخفاض مستوى الهرمونات الجنسية, تأثيره على الجهاز التناسلي لدى الذكور والإناث.

بالاضافة لذلك هناك مادة (( الباي اسيفينول- أ )) التي تدخل في صناعة البلاستيك و يطلق عليها اختصارا اسم (( BPA)) ، وهي مادة ذات آثار جانبية خطيرة فقد اكتشف الباحثون أن مادة (( البي اسيفينول – أ )) خدعت خلايا الجسم و قلدت مفعول هرمون الاستروجين مما أدى إلى ظهور الأمورالتالية : السمنة , نضوج جنسي مبكر, تصرفات جنسية غريبة ضمن الجنس الواحد ,خلل في وظيفة المبايض و انقسام غير طبيعي للبويضات في المبيض مما يؤدي إلى حدوث خلل في الصيغة الصبغية للجنين مما يسسب ولادة أجنة مشوهة تعاني من تخلف عقلي,
التأثير على الجهاز العصبي و إتلاف خلاياه,
إفساد أنظمة المناعة لدى الأطفال. و المثير في الموضوع أن شرب القهوة أو الشاي الحار في كاس بلاستيك يحتوي على هذه المادة يضاعف تعرضك لهذه المادة بـ  (( 55 )) مرة .

أصبح بعض الأهالي يبحثون عن ألعاب بديلة تكون صديقة للبيئة، ولا تعرض الطفل لخطر التسمم بمادة PVC،
التي تدخل في عملية تصنيع الألعاب البلاستيكية كالدمى وغيرها، و التي تستخدم إلى جانب مواد كيميائية ضارة أخرى، من أجل الحصول على شكل نهائي مرن للعبة المصنوعة، يسهل على الطفل التعامل معها. وتلك المواد يمكنها أن تسبب العديد من الأمراض والاضطرابات لدى الأطفال, وتعد الألعاب البلاستيكية الحمراء والصفراء والسوداء الأشد ضررا.

كذلك نواجه مشكلة استعمال رضاعات الأطفال البلاستيكية كونها أخف وغير قابلة للكسرولكنها في نفس الوقت تسبب في مشاكل للأطفال كونها تحتوي على المادة الكيميائية (( BPA)) حيث تظهر تأثيراتها الضارة على الأطفال أنها تزيد فرصة إصابتهم بمرض الربو أو حساسية الصدر.

 

اذن ما هي المعالجات البديلة لاستعمال المواد البلاستيكية ؟

.هناك العديد من الطرق لتقليل مخاطر البلاستيك والبدائل التي يمكن استعمالها حيث ان الطرق التقليدية للتخلص من المخلفات البلاستيكية والمتمثلة في الحرق والطمر وإلقائها في البحار والمحيطات تسبب أضرار جسيمة للكائنات الحية والبيئة وظهرت عدة طرق حديثة للتخلص والاستفادة منها والتي تشمل إعادة التدوير وانتاج الطاقة حيث قد تستخدم بعضها كوقود في محطات إنتاج الطاقة الكهربائية التقليدية ضمن شروط صناعية وبيئية صارمة واستحداث البديل لبعض المنتجات البلاستيكية مثل البلاستيك العضوي الذي سيكون له مستقبل كبديل للبلاستيك العادي، حيث أنه يحتاج إلى طاقة أقل في التصنيع كما أنه لا يحوي مواد سامة.

من الممكن استعمال الأكواب والصحون المصنوعة من الخزف أو الـ"ستانلس ستيل"، خاصة لدى تناول الأطعمة والمشروبات الساخنة، و استعمال أكواب وصحون ورقية، فهي صديقة للبيئة وتتحلل بسهولة.

أما عند شراء ألعاب فيجب الحرص على خلو المنتج من الفثاليت وأي مادة بلاستيكية مضرة أخرى، مثل (BPA. وتعد الألعاب الخشبية من الخيارات البديلة المتاحة، والتي تعد آمنة بالنسبة للطفل والبيئة في الوقت نفسه، علما أنها لا تحتاج للبطاريات، وتعمل على تحفيز القدرات الابتكارية لدى الطفل عند استخدامها، ويمكننا أيضا استخدام الألعاب التي تعمل بالطاقة الشمسية، والتي تعد خيارا بديلا مناسبا أيضا.ومن الأمور المهمة التي يغفل عنها الكثيرون هي خطورة إعادة استعمال العبوات والأكواب البلاستيكية، مثل زجاجات العصير أو الماء التي تتم إعادة ملئها مرارا واستعمالها. كما يوصي الخبراء باستخدام الرضاعات من النوع البلاستيكي الخالي من مادة (BPA)، أو استخدام الرضاعات الزجاجية.

ولغرض معرفة المادة البلاستيكية التي صنعت منها الادوات يوجد على كل منتج بلاستيكي كود مطبوع يحتوي على رقم من الأرقام الآتية: "1،2،3،4،5،6،7"، وهذه الأرقام تسمى بأكواد إعادة التصنيع، وكل منها يعبر عن معنى مختلف :

1.     الأكواد الآمنة: "1،2،4،5".

  1. الأكواد غير الآمنة: "3،6"، ومعظم المنتجات المحتوية على الكود "7".

إذًا، فأغلب ألعاب الأطفال تحتوي على الكود رقم "2"، وإن كان الكود رقم "5" هو الأكثر أمانًا.

الرقم (1): يستعمل الرقم واحد لعلب المياه، والعصير والمشروبات الغازية وهو يعني أنّه آمن. بالإضافة الى ذلك، يمكن إعادة تدوير البلاستيك الذي يحمل الرقم واحد. ويجب عدم استخدام هذه العلب مرة ثانية بعد شرائها لأنّها قد تصبح سامة

الرقم (2): هذا النوع من البلاستيك هو الأكثر أماناً. يستخدم في ألعاب الأطفال، والعبوات المخصصة لحليب الأطفال وزجاجات الحليب. وهو كالنوع الأول آمن وقابل لإعادة التدوير

الرقم (3): يستخدم هذا النوع من البلاستيك بكثرة. إذ أنّه من أرخص أنواع البلاستيك. يستعمل لتغطية اللحوم، والأجبان والطعام بشكل عام. ويمكن أيضاً استخدامه في اللعب المصنوعة للأطفال. لذلك، يجب الحذر قدر المستطاع من هذا النوع والإبتعاد عنه

الرقم (4): يعدَ آمناً نسبياً وهو قابل لإعادة التدوير. يستخدم في بعض علب المياه المعدنية والأكياس السميكة

الرقم (5): احرص على أن تحمل جميع المواد التي تستخدم في الطهي وحفظ الطعام هذا الرقم. الرقم خمسة من أفضل أنواع البلاستيك، وهو غير ضار نهائياً. تصنع منه علب طعام الأطفال، والكاسات المخصصة للأطفال وعلب حفظ الطعام

الرقم (6): يسمّى البوليسترين ويعدَ خطر جداً على صحة الإنسان. يستخدم هذا البلاستيك في علب الوجبات السريعة، وعلب البيض، وعلب البرغر، والشاي. يمكن للبلاستيك الذي يحمل الرقم ستة أن يؤذي طبقة الأوزون. لذا تجنب الأواني البلاستيكية التي تحمل الرقم ستة قدر الإمكان

الرقم (7): هو خليط من أنواع البلاستيك التي ذكرت آنفاً.