من هم المستشرقون
من هم المستشرقون
أ.د. قحطان عدنان بكر
من هو المستشرق؟ لقد ذُكر كثيرٌ من التّعريفات التي تتعلّق بمفهوم "المستشرقين"، وقد تنوّعت هذه التعريفات بتنوّع الرؤى والآراء حول ظهورهم، فقيل إنّ المستشرقين هم: مجموعة من المفكّرين والباحثين الذين تناولوا التّراث المشرقي -ولا سيّما العربي والإسلامي- دراسةً وبحثًا وتنقيبًا، وقد عمدوا إلى تحليله وإعادة نشره مع محاولة حفظه. قيل أن الاستشراق بدأ بمجموعة من الأشخاص الذين اختارهم باباوات النصرانية لدراسة المجتمعات الإسلاميّة من حيث سلوكاتها التي تتحكّم بها عقيدتهم الإسلاميّة، فتناولوا الشّرائع والأحكام التي نزل بها القرآن من خلال دراستها ضمن المجتمع، وقد كانت تدفعهم إلى تلك الدّراسات غايات ودوافع متنوّعة، وبالرغم من اختلافها إلّا أنّها سبّبت اهتمامًا كبيرًا ودافعًا قويًّا لدراسة وتحليل هذه الأمم. لقراءة المزيد، انظر هنا:تاريخ الاستشراق. قيل في تعريف المستشرقين إنّهم: مجموعة من الناس المفكّرين الذين يدأبون على دراسة الدّين الإسلامي لغاياتٍ يعلمونها، وهؤلاء المستشرقون لا ينتمون إلى الدّين الإسلامي، وللوهلة الأولى قد يتبادر للأذهان أنّ أسباب كل ذلك الاهتمام والدّراسات هو الإعجاب في العالم الإسلامي، ولكن لا بدّ أن يكون هناك سببٌ جوهري وراء ذلك الاهتمام، وذلك السبب -كما يرى بعض الباحثين- هو دراسة الإسلام لمعرفة كيفية ضربه في العمق من خلال أبنائه. مناهج المستشرقين ما هي أهم طرق المستشرقين في بحوثهم وتقصيهم؟ من غير الممكن تحديد منهجٍ معين قد نهجه جميع المستشرقين، إذ كان لكلّ منه أسلوبه وطريقته ومنهجه في البحث في التّراث العربي، وقد انقسمت هذه المناهج إلى مناهج نظريّة ومناهج عمليّة، ومن المناهج النظريّة: المنهج التاريخي في الدراسات الاستشراقية يعد المنهج التّاريخي من أهم المناهج في الدّراسة والبحث والتّنقيب في التّراث، إذ لا بدّ لفهم الأمور وفق مسيرها وتراكمها من دراستها دراسة تاريخيّة تفصّل نشأتها وأسبابها ومسيرتها حتى وصولها إلى شكلٍ منطقي في النهاية، وقد ظهر هذا المنهج مع ظهور الدّراسات التاريخية للغة، وقد اتّبعه المستشرقون، ويعرّف بأنّه ترتيبٌ للأحداث وذكرها لتشكّل في النهاية ظاهرةً واحدة، ويتّصف بالحركة؛ لأنّه يهتم بدراسة الظّاهرة على مدار أكثر من عصر. يدرس المستشرق جيرالد دوغوري في كتابه "حكام مكة" المراحل المختلفة التي مرت بها الكعبة المشرفة، وكذلك يدرس عمليات الحج التي كانت تُقام في فصل الخريف قبل الإسلام، فيصل إلى نتيجة مفادها أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أقر تلك الشعائر الجاهلية ليشير إلى أنّ الحج هو طقس جاهلي قد أقرّه الإسلام وأبقى على شعائره كما هي، ومن أبرز الذين استعملوا هذا المنهج الأب اليسوعي المستشرق هنري لامنس والبروفسور كستر في كتابهما المشترك: "مكة في الدراسات الاستشراقية". المنهج الوصفي في الدراسات الاستشراقية هو عمليّة استقصاء يعمد إليها الباحث لدراسة ظاهرة معيّنة، فيشرحها ويحلّلها ويفسّرها، ويكشف العلاقات القائمة بين أجزائها، وقد نشط استخدام المنهج الوصفي في دراسات المستشرقين بعد أن أعلن فردينان دي سوسير مبادئه اللغوية، ويلاحظ على هذا المنهج اتصاله غالبًا بالمقارنة. وإذا كان المنهج التّاريخي يتّصف بالحركة، فإنّ المنهج الوصفي يتّصف بالثّبات؛ فهو يتناول ظاهرة معيّنة في مكانٍ وؤمان معيّنَين. المنهج الأنثروبولوجي اهتمّ علماءالأنثروبولوجيا بالمنهج الأنثروبولوجي، واعتمدوا عليه في دراساتهم، فالأنثروبولوجيا هي الطّريقة التي يتّبعها الباحث في دراسته وبحثه، ويتميز هذه المنهج في دراسة التّراث أنّه منهجٌ كلّي؛ إذ يتناول جميع العناصر في دراسة التّراث أو الظّاهرة.