المياه أمّ الأرض

2022-04-30

المياه أمّ الأرض

للأستاذ الدكتور عصام محمد عبد الحميد

مركز تنمية حوض أعالي الفرات/ جامعة الانبار

تغطي مياه البحار والمحيطات نحو ثلاثة أرباع المساحة السطحية لكوكبنا الأرض فتحفظ لهذا الكوكب دفئه الذي يضمن استمرار الحياة عليه فمثلها ومثل اليابسة المتمثلة بالقارات التي نعيش عليها كمثل الأم التي تحتضن طفلها الرضيع.

يتميز الماء بخصائص فيزيائية وكيميائية تضمن له الوجود بحالات المادة الثلاث (السائلة والصلبة والغازية) بوفرة مما يضمن دورة المياه في الطبيعة التي يتجدد معها الماء الصالح للاستخدامات البشرية من خلال تبخر مياه المحيطات والبحار ثم سقوطها أمطارا تخضر بها الأرض فيعيش ما عليها من إنسان وحيوان، حيث لا توجد أية مادة أخرى غير الماء تمتلك هذه الصفات. كما أن تصميم الكون متمثلا بالشكل الهندسي للأرض والمسافات المحسوبة بدقة بالغة بين الأرض والشمس وبين الأرض والقمر ضمنت وجود الماء بوفرة في حالات المادة الثلاث آنفة الذكر، فيتوقع علماء الهيدرولوجي أن تناقص المسافة بين الأرض والشمس (والبالغة 150 مليون ميلاً) بنسبة 10% مما هي عليه سيغلي معه ماء الأرض ويتحول كله إلى الحالة الغازية فقط، ولو ازدادت تلك المسافة بنفس النسبة لتجمدت الأرض بما عليها فلا تجد ماءً ولا سحاباً.

أما القمر، ذلك المصباح الجميل الذي يزين السماء وتتغنى به الأرض، فأن المسافة بينه وبين الأرض محسوبة بدقة لحفظ نوعية المياه ومناسيبها، فلو زادت بنسبة 10% لتوقفت ظاهرة المد والجزر التي تمثل رئة البحار والمحيطات التي تضمن سلامتها من التلوث حيث تكثر فيه الملوثات ويتغير طعمه ولونه وريحه، وجاء في وصف الماء شعراً:

إنّي وجدتُ ركودَ الماء يُفسدهُ       إن ساحَ طابَ وإن لم يجرِ لم يَطبِ

  أما تناقص المسافة بين الأرض والقمر بنسبة (10%) يجعل مياه المد تغمر معظم سهول الأرض، فتبارك الله أحسن الخالقين.

كما أن خصائص الماء الفيزيائية والكيميائية جعلت منه مقياسا لكثير من المعايير التي يتعامل بها الناس كل حين.

هو مقياس لدرجات الحرارة فالصفر المئوي هو درجة انجماده والمائة هي درجة غليانه، كما أنه مقياس الحجوم والأوزان, فالغرام هو السانتيم المكعب من الماء.

وكما توجب كل الديانات والشرائع برّ الأم والإحسان إليها، كان لا بد من منح هذه القدسية لنعمة الماء ومحاربة هدره وترشيد استهلاكه فهو الحياة ولا حياة إلا به.

كما أن المياه هي أصل كل حياة فأن سوء إدارتها ينتج عنه القحط والمجاعات وانهيار الحضارات كما حصل في حضارة بابل ما قبل الميلاد.

تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل الخبر