الجفاف
Share |
2022-04-05
الجفاف

  أ.م.د. مشتاق أحمد غربي

 قسم جيولوجيا الصحراء

 Drought

الجفاف:

 الجفاف ظاهرة طبيعية تحدث في معظم مناطق الكرة الأرضية بما فيها المناطق المطرية ولان الجفاف مرتبط بالظروف الطبيعية المحلية، تعتبر المناطق الجافة أكثر تعرضا لظاهرة الجفاف لان كميات الأمطار فيها تعتمد بشكل أساس على فترات هطول قليلة. وتختلف أشكال الجفاف من منطقة لأخرى وهذا ما يسبب صعوبة وضع تعريف عالمي موحد للجفاف.

تعريف الجفاف وأنواعه:

 الجفاف بمفهومه العام انه ظاهرة طبيعية مناخية تشكل احد عوامل التصحر, تتمثل في نقص واضح في مجموع ما يدخل المنطقة من مياه على مدار السنة ككل وحجم هذا النقص هو الذي يحدد درجة الجفاف. يعرف الجفاف من خلال (IPCC,2011) بأنه، " فترة تراجع الهطولات المطرية لفترة طويلة كافية لإحداث خلل مائي بشكل غير عادي، ومفهوم الجفاف نسبي لذلك يجب تحديد نوع النشاط المتأثر بالجفاف. فالتراجع في كميات الهطولات المطرية يطلق عليه "الجفاف المناخي"، والنقص في المحتوى الرطوبي للتربة بسبب الجفاف بحيث يؤثر على الموسم الزراعي وعلى الإنتاج الزراعي يمكن ان نطلق عليه "الجفاف الزراعي أو جفاف الرطوبة الأرضية"، بينما الجفاف الذي يؤثر على مستوى الجريان السطحي للمياه ورشح وتخلل المياه خلال التربة يسبب ما يطلق عليه "الجفاف الهيدرولوجي"، ويؤثر في مستوى المياه السطحية والمياه الجوفية كما وان الزيادة في جهد التبخر-نتح الفعلي مع تراجع الهطولات المطرية يسبب الجفاف المناخي ويطلق على الفترة التي يستمر فيها الجفاف لفترة عقد أو لفترة أطول من عقد من الزمن drought-mega ". ومفهوم الجفاف نسبي لذلك يجب تحديد نوع النشاط المتأثر بالجفاف.

 ويعبر عن الجفاف  أيضاً بأنه إخلال في التوازن بين الأمطار الهاطلة والتبخر , وتشكل الأمطار العنصر الأقل استقراراً أو الأكثر اختلافاً وتبايناً.   

 وعرف أيضاً بأنه ظاهرة طبيعية تصاحب قلة سقوط الأمطار وارتفاع درجة الحرارة والتبخر.

 بشكل عام هناك ثلاثة أنواع للجفاف ، الجفاف المناخي، الجفاف الزراعي، الجفاف الهيدرولوجي. يحدث الجفاف المناخي عند حدوث فترات طويلة ذات معدلات هطول مطري منخفضة. أما الجفاف الزراعي يحدث عند عدم توفر الرطوبة الكافية لنمو المحاصيل و إنتاجية المراعي رغم أن هذا يمكن أن يحصل في حالة معدلات الهطول المطري الطبيعية بسبب ظروف التربة أو تقنيات الزراعة. أما الجفاف الهيدرولوجي فهو يحدث عندما يكون الاحتياط المائي المتوفر في الطبقات المائية والبحيرات والسدود أقل من المعدل الإحصائي وهذا أيضاً يمكن أن يحدث في حالات المعدل الطبيعي للهطول المطري عند الاستعمال المفرط للمياه ، إن نقص الأمطار يؤدي غالباً إلى حدوث الجفاف الزراعي والهيدرولوجي لكن بعض العوامل الأخرى كالإدارة السيئة للمياه والتعرية يمكن أن تسبب أو تسرع الجفاف.

 غالبا ما يحدث عن الجفاف في متواليات من الأفعال وردود الأفعال التي تؤدي إلى تأثيرات متعددة الاتجاهات منها ما قد يحدث متزامن مع الجفاف أو نتيجة للجفاف سواء على المدى القصير أو المتوسط والبعض تظهر أثاره على المدى الطويل، وقد عبر عنها  ) Erian et al  (2011,. كما في الشكل أدناه:

شكل: تزايد معدلات المخاطر الطبيعية والتصحر وشح الموارد المائية وندرة الغذاء مع تزايد الجفاف

 إذ يحدث الجفاف كنتيجة لارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات البخر نتح مع تناقص في الهطولات المطرية مما ينتج عنها تراجع في المحتوى الرطوبي للتربة وما يصاحب ذلك من جفاف سريع للنباتات وتزايد فرص حرائق المراعي والغابات وفقد للغطاء النباتي الطبيعي وتدهور المراعي من حيث تركيبها وصفاتها وحمولتها الرعوية وتراجع في صفات وخصائص التربة ولإنتاجية الأراضي وتزايد لزحف الرمال وتكون كثبان رملية  وأيام العواصف الغبارية والرملية ونقص في الجريان السطحي وشحن المياه الجوفية، مما ينعكس سلباَ على التنوع البيولوجي والأمن الغذائي ويزيد من اتساع مخاطر ندرة المياه وتزايد تدهور الأراضي وفقد المراعي والغابات وتراجع الأراضي الخصبة ويزيد من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وارتفاع معدلات الهجرة الداخلية والخارجية والصراع.

 يعتبر الجفاف في الواقع مشكلة كبيرة في المنطقة العربية وهو في اتساع مما يسبب خطراً حقيقياً آخذين بعين الاعتبار أن جميع الدول العربية تعاني من هشاشة أنظمتها البيئية وتواجه مخاطر استنزاف موارد الترب والغطاء النباتي والمياه. يترافق ذلك مع زيادة سكانية تتسارع بمعدلات كبيرة مما يسبب ضغطاً إضافياً على الموارد الطبيعية. كما ويشير2011, Erian et al. تأثر مناطق واسعة من  الجفاف في المنطقة العربية، ويظهر إن مساحة تمثل حوالي 31 ? من إجمالي مساحة المنطقة العربية معرضة للجفاف بدرجات مختلفة. وان المناطق الأكثر تضررا بالجفاف تضم شمال شرق سوريا  ودرعا، وجنوب السودان  وشمال تونس وشمال الجزائر  وشمال المغرب شمال شرق الصومال والشمال الشرقي في العراق والمنطقة الشمالية الشرقية من المملكة العربية السعودية. وإن أكثر المناطق المتضررة غالباَ ما تقع ضمن المناطق القاحلة الجافة وشبه الجافة ذات معدلات الأمطار التي تقل عن 400 ملم وذات موسم نمو شتوي يتراوح طول النمو فيه فيما بين من60-120 يوم وتدعم المناطق الجافة حياه 60% من نسبة السكان الكلية كما أن المنطقة عرضة لحدوث الجفاف وتعد الزراعة قطاعاً رئيسياً وحساساً من الاقتصاد ومستهلكاً كبيراً للموارد المائية، وتمثل المحاصيل المطرية الأكثر تأثر بقوة بتغيرات الهطول المطري خاصة بالمناطق التي تتراوح معدلات أمطارها بين 120- 400 ملم بشكل كبير.

 ظهرت عدة دراسات اهتمت بالتنبؤ الجوي ودراسة الجفاف على مستوى العراق، التي أوضح فيها وجود دورتين يتكرر فيها الجفاف دورة مناخية صغرى لكل سبع سنوات. ودورة مناخية متوسطة أمدها 13سنة يتكرر فيها الجفاف لموسمين هما الموسم الحادي عشر، والموسم الأخير. وقد أكد الدورة المتوسطة خلال الجدولة الجديدة للتنبؤ بسنوات الجفاف، التي قدمها العام 1994 واثبت صحتها، أما الدورة الصغرى فأشار إلى إنها يمكن أن تتكرر كل ثماني سنوات بدلا من سبع سنوات. وأشار إلى وجود دورة كبرى لمدة 43 عام وان هذه الدورة غير أكيدة كما هو الحال في الدورة المتوسطة. ومن الدراسات التنبؤية دراسة الهذال الذي أوضح فيها إمكانية التنبؤ بالأمطار الهاطلة على العراق بالعلاقة مع درجة الحرارة العظمى فأشار كلما ارتفعت درجة الحرارة العظمى انخفضت كمية الأمطار الهاطلة واستطاع رسم معادلة خط الانحدار بينهما.

 وتظهر دراسة (2011, Erian et al) ، أن نسبة 73.32% من مساحة العراق تعاني من مخاطر الجفاف بدرجات مختلفة، إذ تعاني مساحة قدرها 9.2 مليون هكتار تمثل حوالي 21% من مساحة العراق من مخاطر الجفاف بدرجة عالية، ومساحة قدرها 13.8 مليون هكتار تمثل حوالي 31.47% من مساحة العراق من مخاطر الجفاف بدرجة متوسطة، ومساحة قدرها 9.1 مليون هكتار تمثل حوالي 20.86% بدرجة منخفضة. 

إن العلاقة بين الأمطار الهاطلة والحرارة هو الذي يحدد التبخر والذي يمكن استعماله في تحديد الجفاف بصورة دقيقة، فالأمطار من شأنها التقليل من درجات الحرارة بسبب فقدان هذه الدرجات عن طريق التبخر وارتفاع درجات الحرارة تؤثر في تمدد الهواء الحاوي على بخار الماء فتنخفض نسبة بخار الماء في الهواء وهذا هو التبخر، وبذلك يمكن القول بان هنالك توازناً نسبياً بين كل من الحرارة والأمطار، فإذا زادت درجات الحرارة بنسبة تفوق نسبة الأمطار عُدت الحرارة العامل المؤثر وهذا يبدو واضحاً في المناطق الجافة وإذا زادت الأمطار على نسبة كمية الحرارة طغت صفة الرطوبة وأصبحت الرطوبة هي العامل المؤثر كما هو الحال في المناطق الاستوائية.

 
عدد المشاهدات : 1896