صيانة التربة
Share |
2022-04-09
صيانة التربة

 أ.م.د. علي محمد رجة

 قسم مكافحة التصحر 

 Soil Conservation 

المقدمة

   التربة ثروة طبيعية مهمة تغطي الكثير من سطح الأرض. تعتمد الحياة في الأرض على التربة بوصفها مصدراً مباشراً، أو غير مباشر للطعام. فالنباتات مثلاً متجذرة في التربة، وتحصل منها على المغذيات (المواد المغذية)، والحيوانات تحصل كذلك على المواد المغذية من النباتات، أو من الحيوانات التي تأكل النباتات. تسبب ميكروبات معينة في التربة تحَلّل العضويات الميتة التي تساعد على إعادة المواد المغذية للتربة. وبالإضافة لذلك فإن العديد من الحيوانات يجد الحماية في التربة. تحتوي التربة المعادن والمواد العضوية والنباتية والحيوانية الأخرى وكذلك الهواء والماء. وتتغير محتويات التربة بانتظام. هناك العديد من أنواع التربة، ولكلّ منها خواص مميزة بما في ذلك اللون والتركيب. ويساعد نوع التربة في منطقة ما في تحديد القدرة على نمو المحاصيل بها. وتتشكل التربة ببطء وتُدمّر بسهولة ولذلك يجب أن تصان حتى يمكن لها أن تستمر في دعم الحياة.

 إن صيانة التربة هي الاستعمال العقلاني للأرض وخاصة من وجهة مقاومة التعرية.سواء كانت تعرية ريحية أو مائية .تسهم ترب الأرض الزراعية، وترب أراضي المراعي والغابات في توفير العديد من المنتجات الغذائية وفي توفير مناطق الاستجمام ، ولذلك ينبغي صيانتها. ويعمل حماة التربة على التأكد من الاستعمال المناسب للتربة.

ولصيانة الأراضي الزراعية يجب الحفاظ على مستوى عال من العناصر الغذائية والمواد العضوية في التربة المزروعة. ويضيف المزارعون مواد عضوية للتربة بحرث الأرض تحت بعض النباتات الخضراء. ويضيفون أيضاً مخصبات (سماداً) ويديرون المحاصيل ليعوِّضوا العناصر الغذائية التي أزالتها النباتات النامية. وبالإضافة إلى ذلك فإن المزارعين يحرثون حقولهم ويزرعونها بطرق تمنع التعرية.

تعاني أراضي المراعي التي استخدمت بصورة جائرة أيضاً من التعرية، حيث يقلل الإفراط في الرعي كمية النباتات، والمواد العضوية في التربة. يجب أن تُصان أراضي الغابات أيضاً من التعرية. وفي بعض الحالات يترك قاطعوا الأشجار أفرعاً غير مستعملة وأجزاء أخرى من الأشجار على أرض الغابة لتضيف موادّ عضوية للتربة. كما أنهم يعملون على زراعة الأشجار الكبيرة وذات الارتفاع العالي التي تعمل جذورها على صيانة التربة بتثبيتها في أماكنها ضد التعرية التي تسببها الريح والماء.

وفي الماضي  كانت الزراعة تعتبر حراثة التربة عملية رئيسية في إدخال محاصيل جديدة إلى منطقة زراعية ما، كان يعتقد أن حراثة التربة تزيد الخصوبة داخل التربة من خلال التمعدن الذي يحدث في التربة، لكن تم اكتشاف أن حراثة التربة يمكن أن تسبب تآكلًا شديدًا وقشورًا مما يؤدي إلى انخفاض خصوبة التربة، تعتبر اليوم الحراثة بمثابة تدمير المواد العضوية التي يمكن أن تتواجد في الطبقة السطحية للتربة.

وقد اكتسبت الزراعة بدون حراثة قابلية توفير مستويات عضوية للتربة لفترة أطول وتسمح بأن تكون التربة منتجة لفترات أطول ، بالإضافة إلى ذلك يمكن لعملية الحراثة زيادة الوقت والعمل لإنتاج هذا المحصول، وكذلك فإن تقليل حراثة الأرض يقلل من اضطراب التربة الذي بدورة يقلل من تدمير الكائنات الدقيقة والكائنات الحية في التربة التي تدمر في ممارسات الحرث التقليدية، كذلك عند عدم إتباع ممارسات الحراثة التقليدية،

ويمكن لمبدأ إدارة التربة السطحية من أجل إنشاء غطاء عضوي دائم للتربة أن يسمح بنمو الكائنات الحية الدقيقة ضمن بنية التربة، هذا النمو سوف يكسر المهاد - وهو طبقة من المواد المتراكمة على سطح التربة- المتبقي على سطح التربة، كما سيؤدي تحلل هذا المهاد إلى إنتاج مستوى عال من المواد العضوية  والذي سيعمل كسماد لسطح التربة، إذا تم استخدام ممارسات الزراعة الحافظة لسنوات عديدة وكان يتم بناء مادة عضوية كافية على السطح، عندها ستبدأ طبقة من المهاد بالتشكل، وستساعد هذه الطبقة على منع تآكل التربة وتدمير شكل التربة أو بناءها، يؤدي وجود التغطية المتكونة  في طبقة المهاد إلى تقليل سرعة الجريان السطحي وتأثير قطرات المطر وبالتالي تقليل تآكل التربة .وان  ممارسة دورات المحاصيل المختلفة لها دور كبير في حفظ الموارد وصيانة خصائص التربة وإضافة المحسنات وممارسة بعض العمليات التي تؤدي الى :

1. تحسين بناء التربة:  بناء التربة هو نظام تجاور الحبيبات وما تحصره من مسافات بينية ويقصد بها عملية تحسين البناء ومحاولة الحصول على أقصـى غلـه تحـت الظروف البيئية السائدة والرطوبة والعناصر الغذائية المتاحة في التربة. وفى نفس الوقت المحافظة على التربة بتقليل قدرتها على التفكك والنقل بواسطة الماء أو الرياح وزيادة قدرة الرشح وحركة المـاء خـلال القطاع الأرضي حتى يقل مقدار الماء الجاري على السطح فيقل بذلك الانجراف والتعرية، ويـتم اختيار الأسلوب الأمثل لتحسين بناء التربة بعد التعرف على خواص التربة الطبيعية مثل القوام والخواص الكيميائية من نسبة الأملاح ونوع  الكاتيونات المدمصة.

ومن أهم الطرق لتحسين بناء التربة ما يلي:

أ – إضافة المواد العضوية  وتعتبر هذه الطريقة هي الوسيلة التقليدية والفعالة المستخدمة في تحسين بناء التربة فـي الأراضي الرملية الصحراوية وما يتبع ذلك من رفع قدرتها على الاحتفاظ بالماء والعناصر الغذائية. كما أنها الطريقة التقليدية المستخدمة في الأراضي الجيرية الصـحراوية بغـرض مقاومـة القشـرة السطحية والتي تتكون عند جفاف سطح التربة الجيرية . وتعطل هذه القشرة أو تقلل من معدل دخول الماء الى باطن التربة ويعمل إستخدام المواد العضوية في هذه الحالة على تحسـين البنـاء وتكـوين تجمعات ثابتة كبيرة الحجم بينها فراغات بينية مما يساعد على اختراق الماء والبادرات لسطح التربة. وتبدأ المواد العضوية سواء كانت مخلفات حيوانية أو بقايا المحاصيل عند خلطها بالتربة فـي التحلل منتجة عدد من المركبات العضوية الوسيطة مثل السكريات والتي تعمل على لصق الحبيبـات بعضها ببعض خاصة الخشنة منها مثل حبيبات الرمل وتكون تجمعات مركبة ثابتة إلا أن أثر المـواد العضوية يرتبط أساسا بتوافرها في التربة.

ب- استخدام محسنات التربة: وهي مواد مخلقة صناعيا تقوم بربط حبيبات التربة المفردة فى تجميعات ثابتة بصورة مشابهة لتأثير المادة العضوية مثل مستحلب البيتومين  Bituminous emulsion  والزيوليتات  Zeolites. وقد نشأت فكرة استخدامها فى مجال الزراعة نتيجة سرعة تحلل المواد العضوية وخاصـة فـى المناطق الحارة وقد كان الغرض من محاولة إستنباط المواد المحسنة هو تخليق مواد تشـبة  فـى عملها المادة العضوية لكنها أكثر مقاومة للتحلل الميكروبى.

 2- حراثة الطوارئ أو الحراثة الصفرية 

في المناطق الجافة تكون الزراعة متوقفة على كمية المطر المتوقعة والأمـل أن يكـون المطر كافيا، وعند استنفاذ الغطاء النباتي إما بواسطة الرعي الجائر أو الجفاف أو الإثـارة الجـائرة للتربة أو زراعة محاصيل لا تترك بقاياها أو لأي سبب آخر فإن هذا يخلق ظروف مواتية   للتعرية   في مثل هذه الظروف تبدأ الأرض في التطاير وإذا تركت فإن الحال سوف يصبح أكثر سوءا وإذا بدأت التعرية فإننا نحتاج الى وسيلة خاصة وسريعة لوقف تطاير التربة ويطلق على هذه الوسيلة إثارة أو خدمة الطوارئ وهى الأكثر شيوعاً في هذه المناطق حيث توفر حماية مؤقتة وفعالة إذا نفذت بطريقة صحيحة حتى يمكن توفير وسيلة أخرى مستديمة  والمبدأ الأساسي لهذه العملية هو شق الأرض وتخشينها في شرائح عمودية على إتجاه الرياح مما   يقاوم قوة الرياح ويمنع الحركة السطحية للتربة واصطياد الحبيبات المتطايرة أو إستخدام آلة معينة وطريقة استخدامها يعتمد على مدى خطورة التعريـة وظـروف الأرض المعرضة للتعرية وطول فترة الحماية المطلوبة وهل هناك محصول أم لا  والغرض من عملية الإثـارة هو إعداد مرقد البذرة أو زراعة محصول أو مقاومة الحشائش ويحـدد ذلك حالة السطح وقت إجراء العمليات السابقة وإذا كان هناك بقايا نباتية على السطح   ودرجة استواء ونعومة السطح. والأراضي الرملية صعب التحكم فيها بواسطة حراثة الطوارئ مقارنة بالأراضي الطينية وذلك لأنه في الأراضي الرملية لا تتكون بها الكتل مهما كانت الوسيلة أو الآلة المستخدمة   حتى إذا تكونـت كتـل فإنها تكون هشة وفى أقصى تقدير فان هذه الوسيلة عمرها قصير وإذا كان هناك ضرورة لاستخدام الحراثة أو خدمة الطوارئ في الأراضي الرملية فإنه يفضل إستخدام التخطيط العميق وشق البتون لخلق سطوح خشنة جديدة. وفي بعض الحالات يستخدم المزارع الحراثة الصفرية اي الزراعة بدون حراثة وهذا ما لجأ إليه المزارع في الآونة الأخيرة  للسيطرة على فقدان التربة.   

 
عدد المشاهدات : 968