الواقع البيئي والنباتي للصحراء الغربية العراقية
Share |
2022-06-15
الواقع البيئي والنباتي للصحراء الغربية العراقية

 أ.د. عبدالكريم أحمد مخيلف

 

قسم جيولوجيا الصحراء

 

The environmental and botanical reality of the Iraqi Western Desert 

مقدمة:

  إن تدهور أراضي المراعي في الوطن العربي له تاريخ مديد، إذ يذكر المؤرخون أن منطقة الصحراء الكبرى كانت أهلة بالسكان بين عامي 4000-6000 قبل الميلاد وكانت صالحة للزراعة المطرية، وكانت المراعي جيدة لتربية المواشي، وتحتل أراضي الوطن العربي مساحة تقارب عشر مليون كم2 تسيطر على معظمها الظروف الجافة وشبه الجافة وتشكل ما يقارب ثلث الأراضي المتصحرة بالعالم وتقارب مساحتها 11 مليون كم2 أي أكثر من 66% من مساحة الوطن العربي.

تتصف الصحراء الغربية كمعظم الصحاري المجاورة لها بقلة التساقط المطري واختلافاتها السنوية والموسمية مما ينعكس سلبا على توزيعات  الأنواع النباتية الرعوية ومن هنا تأتي أهمية البادية العراقية بجزئها الشمالي والجنوبي، التي هي عبارة عن مراعي طبيعية، والتي يقل معدل الأمطار فيها عن 200 ملم/ سنة, تمتد الهضبة الغربية على طول المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات، وتمتد إلى صحراء سوريا والأردن والسعودية، وهي منطقة جافة في معظم فصول السنة ويسكنها البدو وفيها الكثير من الوديان والتي يصل طول بعضها إلى 400 كم2 وتشكل الأمطار الهاطلة في الشتاء في بعض الأحيان فيضانات تهدد البدو الساكنين فيها، وتحتل المنطقة حوالي 55% من مساحة العراق، أي ما يعادل 239000 كيلومتر مربع، ويتراوح ارتفاعها بين 100- 1000 متر، وتدخل ضمنها منطقة بادية الجزيرة، تغطي الصحراء الأجزاء الغربية والجنوبية الغربية من العراق، وهي تتكون من تلال من الحجر الجيري والكثبان الرملية التي تمتد إلى داخل بادية سورية والأردن وصحراء المملكة العربية السعودية، وتنتشر في هذه الصحراء الأودية الجافة التي تمتلئ بالمياه بعد هطول الأمطار، وعبر التاريخ عرفت البادية العراقية والسورية بأنها أفضل البوادي وأغناها بالمراعي الطبيعية، إذ توفر المرعى المناسب للثروة الحيوانية التي ترفد الاقتصاد الوطني بموارد كثيرة من اللحوم والألبان وغيرها من المنتجات الحيوانية، وكانت مصدر هام للتنوع الحيوي النباتي والحيواني, كما إن للغطاء النباتي دورا هاماً في حماية وصيانة الترب من الانجراف الريحي والمائي و وقف حالة التصحر وصيانة مساقط المياه وحفظ التوازن البيئي وتنمية الحياة البرية وبالتالي تشجيع السياحة، وفي محافظة الأنبار تبلغ مساحة البادية 116 ألف هكتار بنسبة 20 % من مساحة المحافظة البالغة 555 ألف هكتار، ومن هنا تأتي أهمية الموارد الرعوية النباتية وخاصة مراعي البادية الشمالية التي تتعرض للتدهور والاستنزاف والتخريب. 

 اثر الجفاف في انخفاض وكثافة النبات الطبيعي الرعوي

وتأثيره على تنمية الثروة الحيوانية ضمن بيئة الصحراء الغربية من العراق

 

أهم مظاهر التخريب في الصحراء العراقية:

 * قلة النباتات الرعوية الهامة والقضاء على الحياة البرية.

* إنتشار النباتات الشوكية والغازية.

* تعرية التربة وتغير بنائها مما عرض مساحات كبيرة منها للتصحر.

* حدوث العواصف الغبارية وتكرار حدوثها.

* ضعف الثروة الحيوانية ومساهمتها بالناتج القومي لنقص معدلات نمو القطيع وضعف إنتاجيته لعدم سن قوانين خاصة بعمليات الرعي وعدم دعم مربي المواشي بالمال والأعلاف في فترات الجفاف مما يحدث حالة الرعي الجائر وعدم إكمال دورة حياة النبات الرعوي وإكمال مرحلة التزهير ونثر بذورها مما يخلق حالة إخلال بالتوزيع النباتي وانتشاره ضمن تلك المراعي.

أهم أسباب تدهور المراعي هي:

* سياسة الرعي الجائر وغير الموجه.

* دخول المحراث الآلي وتفتيت مساحات كبيرة من الترب من أراضي المراعي بالحراثة، مما تسهل عمليات التعرية الريحية وزيادة ظاهرة العواصف الغبارية وتفاقم مشكلة التصحر.

* احتطاب السكان للشجيرات والأنجم المعمرة واستخدامها لأغراض الوقود.

* زيادة أعداد الأغنام بشكل كبير وغير مخطط له من قبل الجهات ذات العلاقة أدى لدخول عدد كبير من القطعان من قبل التجار وبالتالي زيادة الحمولة الرعوية والضغط على المراعي وانقراض أنواع نباتية  رعوية مستساغة للحيوان .

* المناخ الجاف والقاسي المهيمن على المراعي.إن استمرار الظواهر والأسباب السابقة وزيادة تطورها هو دليل على عدم كفاية الجهود المبذولة حاليا لتنمية المراعي الطبيعية وتطورها.

تناقص توزيعات النبات الطبيعي ضمن الصحراء الغربية بسبب الجفاف وقلة التساقط المطري

تأثير الجفاف وقلة هطول الأمطار للزراعة المطرية ضمن بطون الأودية الجافة

في الصحراء الغربية العراقية

 لقد أظهرت دراسات حديثة على مواقع مختلفة من مراعي محافظة الأنبار التي تقع ضمن المنطقة الهامشية على تماس مع البادية السورية أن غالبية الغطاء النباتي من الحوليات العابرة سريعة الزوال وضعف تواجد الأنواع المعمرة ( نتيجة تكرار مواسم جفاف شديدة أو متوسطة الشدة ) وبالمقارنة مع دراسات أجراها باحثون في فترات سابقة تبين اختفاء أنواع عديدة.

وتكرر تسجيل أنواع أخرى ولكن بكثافة اقل، فالغطاء النباتي الرعوي يتدهور شيئا فشيئا من سنة لأخرى . والإرث التاريخي الذي تسلمناه من الأجيال السابقة يتبدد يوما بعد يوم نتيجة جهلنا وعدم إدراكنا واتسام سلوكنا باللامسوؤلية فالأمر في غاية الأهمية إذ يجب علينا التفكير بالحفاظ على هذه الموارد الطبيعية الرعوية والعمل على تأهيلها والذي يعتبر بمثابة عمل لمساعدة الطبيعة في استعادة عافيتها وليس عملاً يبدعه الإنسان .

 
عدد المشاهدات : 254