التغيرات البيئية وأثرها في نمو وتطور النبات
Share |
2022-08-23
التغيرات البيئية وأثرها في نمو وتطور النبات

 د. محمد اسماعيل خلف

قسم تنمية الصحراء

Environmental changes and their impact on plant growth and development

 

الكلمات المفتاحية: البيئة، الكائنات الحية، النبات، الاجهاد.

تُمثل البيئة مجموعة من العوامل المُعقدة تتداخل فيما بينها في تأثيرها على جميع الكائنات الحية  وتندرج ضمن  العوامل الفيزيائية والعوامل المناخية وعوامل التربة. يستجيب النبات للعوامل البيئية بطرق مختلفة وحسب قوة العامل البيئي حيث ان لكل نبات ظروف مثالية من العوامل البيئية ويتأثر نموه وتطوره عندما تحيد العوامل عن الحدود المثلى. تصل جميع العمليات الفسيولوجية والايضية الى اقصى معدل لها عندما يصل شدة العامل البيئي الى الحد الامثل وتقل تبعاً لذلك عندما يتغير العامل البيئي عن الحد الامثل. أن الاجهاد البيئي على النباتات هو اضطراب فسيولوجي يحدث نتيجة تعرض النبات لاحد العوامل البيئية الطبيعية التي تؤثر في نمو النبات كالحرارة والملوحة  والجفاف وغيرها وبتغير هذه الظروف واختلافها يؤثر على النبات بشكل أو بأخر مما يوقع النبات تحت ما يسمى بالجهد أو الضغط البيئي والذي يؤدي الى ظهور تغيرات أو استجابات على مستوى جميع العمليات الحيوية اثناء فترة نمو النبات

يُعتبر الاجهاد الحراري من العوامل البيئية المهمة وخصوصا في العقود الاخيرة لما لها تأثير مباشر وغير مباشر على جميع العمليات الفسيولوجية في النبات، وقد تكون درجة الحرارة عامل بيئي مجهد للنبات. تعتمد درجة حرارة النبات على الاتزان بين كمية الحرارة الممتصة وكمية الحرارة المفقودة، فاذا زادت الطاقة الممتصة عن الطاقة المفقودة ينتج عن ذلك تسخين النبات والعكس اذا نقصت الطاقة الممتصة عن الطاقة المفقودة يؤدي الى تبريد النبات، ولمعظم النباتات درجة الحرارة التي تُعد خطرة ومضره تقع بين 45-50 مْ وتختلف درجة الحرارة المضرة احياناً بين الخلايا في النبات نفسه. أما الاجهاد المائي  فيعتبر من اهم  الاجهادات البيئية والتي تؤثر على نمو النبات بصورة مباشرة اذ يعتمد نمو اي نبات نمواً طبيعياً على حالة الاتزان بين ما يمتصه ذلك النبات من الماء وبين ما يفقده، قد تكون حالة عدم الاتزان ضئيلة (أي ان ما يمتصه النبات من ماء يكفي لتغطية ما تفقده الخلايا فقط)، وقد تكون حالة عدم الاتزان كبيرة فتظهر اثاره على النبات بهيئة ذبول مؤقت. أما اذا كانت كمية الماء المفقودة من النبات تفوق ما يستطيع النبات امتصاصه وعلى درجة كبيرة فان اعراض الذبول الدائم تبدوا واضحه عليه وغالباً ينتهي الامر بموت النبات بسبب تجفيف الانسجة النباتية ويحدث هذا التجفيف عندما يفقد النبات 50% او اكثر من محتواه المائي. يرافق اجهاد الحرارة والاجهاد المائي ايضا الاجهاد الملحي الذي لا يقل اهمية عنهما. اذ ينشأ الاجهاد الملحي نتيجة زيادة تراكيز الاملاح واهمها املاح الصوديوم، وتُعد الاراضي مالحة عندما يصل تركيز الملح في التربة الى مستوى يثبط نمو معظم نباتات المحاصيل، وبما ان النباتات تختلف اختلافاً كبيراً فيما بينها في درجة مقاومتها للإجهاد الملحي فانه من الصعب تحديد تركيز معين من الملح يمكن استخدامه للتمييز بين الاراضي المالحة وغير المالحة، وعموماً تُعد الاراضي مالحة اذا زاد تركيز الملح فيها عن 0.1%. تزداد الملوحة بشكل كبير في الاراضي الجافة لكون كمية الامطار لا تكفي لغسل الاملاح المتجمعة من التربة بعيداً عن منطقة الجذور، كما تتميز بارتفاع معدلات التبخير. يعد الضوء عامل بيئي مهم لحياة النبات ويؤثر على جميع مراحل نمو النبات, لكنه قد يكون عامل بيئي مجهد للنبات عند تعرض النباتات الى نقص الاضاءة أو زيادة الاضاءة، ويقصد بنقص الاضاءة الضرر الذي يصيب النبات عند تعرضه لشدة ضوئية أقل مما اعتاد عليه ذلك النبات (النباتات الاستوائية). أما زيادة الاضاءة يقصد بها الضرر الذي يصيب النبات عند تعرضه لشدة ضوئية اكبر مما اعتاد عليه النبات (نباتات المناطق الباردة), وينشأ من زيادة كمية الضوء الساقط على الاوراق على كمية الضوء المستخدمة في عملية البناء الضوئي سواء نشأ ذلك عن زيادة كمية الضوء أو نشأ عن انخفاض معدل البناء عند تعرضه لإجهاد اخر مثل الجفاف أو البرد مع ثبات كمية الضوء الساقط. بالإضافة الى العديد من العوامل البيئية الاخرى والتي ممكن ان تسبب ضرراً في نمو وتطور النبات مثل المعادن الثقيلة، الاشعة الضارة، فضلا عن العوامل الحية كالأمراض والحشرات والادغال وغيرها. تحدث هذه العوامل مفردة او مجتمعة الاضرار التالية على نمو وتطور النبات:

-         يمنع انبات البذور, ويختلف ذلك باختلاف نوع المحصول ودرجة المقاومة للإجهاد.

-         ذبول وجفاف عام يصاحبه اصفرار الاوراق والسيقان.

-         توقف حركة السايتوبلازم.

-         تجمع للبروتوبلازم نتيجة لتأثير الحرارة المدمر لمكونات الخلية.

-         زيادة معدل التنفس وانخفاض معدل البناء الضوئي.

-         تضرر أغشية البلاستيدات الخضراء وتكسر الكلوروفيل.

-         زيادة معدل هدم البروتين عن معدل بناءه وتراكم NH3 السام.

-         تغيير في طبيعة الاحماض النووية.

-         تثبيط النشاط الأنزيمي لأنزيمات البناء والتنفس بارتفاع درجات الحرارة.

-    تحويل الدهون في الاغشية الى دهون غير مشبعة نتيجة أكسدتها مما يزيد من سيولتها وبالتالي التأثير على خاصية النفاذية للأغشية.

-    تؤثر زيادة شدة الاضاءة على نمو النبات بشكل عام بسبب تأثيرها على نشاط الاوكسينات (هرمون النمو) حيث تعمل الاضاءة العالية على تكسير وتحطيم الاوكسين وتحويله الى مركبات ايضية غير نشطة بواسطة الاكسدة الضوئية خصوصا في وجود صبغة الرايبوفلافين.

-         ارتفاع معدل النتح مما ينتج عنه صغر حجم النبات وسقوط الاوراق والفشل في تكوين الازهار.

الاليات التي يتبعها النبات لمقاومة الاجهادات:

   للنباتات طرق دفاعية تختلف عن بقية الكائنات الحية الاخرى كونها ثابته في مكانها. فقد طورت النباتات اليات دفاعية ضد مختلف الاجهادات البيئية التي تسبب زيادة في الجذور الحرة في الخلايا النباتية والتي تتسبب بضرر جسيم للخلايا لتفاعلها مع المكونات المهمة في الخلية كالأحماض النووية والبروتينات واللبيدات. يتكون النظام الدفاعي اما من مضادات الاكسدة الانزيمية او مضادات الاكسدة غير الانزيمية  ومن الأمثلة على مضادات الاكسدة الانزيمية Superoxide dismutase (SOD) و Catalase (CAT) و Peroxidases  وغيرها من الانزيمات والتي تعمل على تحييد تأثير الجذور الحرة ومعادلة تأثيرها. اما مضادات الاكسدة غير الانزيمية فمنها Proline و  Glycine betaine و  Ascorbic acid وغيرها. والجدير بالذكر أن كل هذه الأنظمة الدفاعية تخضع للتنظيم من قبل جينات النبات. لذلك فإن الإلمام بهذه الجينات وطرق حمايتها للنبات ضد الجفاف تفتح طاقة أمل أمام البشرية لإنتاج محاصيل معدلة وراثياً مقاومة للجفاف. والعمل على زيادة مقاومة النبات لظروف الجفاف يجب على مربي النبات استخدام المغذيات (العناصر الغذائية) ومنظمات النمو التي تساعد النبات على استغلال قدراته الوظيفية والتصنيعية والوراثية في تحسين النظام الدفاعي في النبات لأعلى مستوى عند تعرضه للإجهادات من خلال زيادة تنشيط بعض الانزيمات المضادة للأكسدة والانزيمات التي تتعلق بإنتاج الحامض النووي وتنظيم الجهد الازموزي للخلية بزيادة امتصاصه البوتاسيوم والايونات الموجبة وكذلك تعمل على تنشيط قدرة النبات في زيادة نواتج عملية التمثيل الضوئي ونقلها الى المناطق الفعالة من النمو خلال مرحلة النمو الخضري والتكاثري وبالتالي تؤدي الى زيادة الانتاج من الناحيتين الكمية والنوعية. 

 المصادر:

1- الدسوقي، حشمت سليمان و عبير حمدي الحكيم، 2013. أساسيات فسيولوجيا النبات، مكتبة الرشد، جامعة المنصورة.

2- الفهداوي، محمد اسماعيل خلف، 2016، تنشيط البذور والتغذية الورقية لتحسين محتوى مضادات الاكسدة وبعض المقاييس الفسلجية والانتاجية لنبات زهرة الشمس.

3- صق، محب طه، محاضرات فسلجة النبات، كلية الزراعة _ جامعة المنصورة.

4- كيف تتكيف النباتات مع فترات الجفاف، مقالة للباحثانChristell van der Vyver and Shaun petera.  2021.

لتحميل المقال أضغط هنا 

 
عدد المشاهدات : 1153