مصدات الرياح
Share |
2023-10-29
مصدات الرياح

  م.م. عبد المجيد محمد عواد 

قسم جيولوجيا الصحراء

الكلمات المفتاحية: مصدات، أشجار، الرياح

 

  المقدمة

   مصدات الرياح (Windbreak) هي حواجز نباتية تتألف بعض أنواع الأشجار لتقليل الآثار الضارة للمزارع الناتجة عن قوة الرياح وكذلك حماية التربة من التعرية وتكون عادة على شكل صف أو عدة صفوف أو حزام من الأشجار والشجيرات الملائمة لصد الرياح قبل وصولها إلى الحقول والبساتين بالإضافة الى أن مصدات الرياح تساعد في الحفاظ على المساحات المزروعة والطرق من زحف وانجراف الرمال أو الثلوج اليها  وتشمل الفوائد الأخرى المساهمة في تحسين المناخ المحلي حول المحاصيل  حيث يمكن للرياح القوية أن تلحق الضرر الجسدي بالنباتات من خلال التآكل وتمزق الأوراق مما قد يعيق نمو النبات وعن طريق الحد من سرعة الرياح ومصدات الرياح يمكن أن تقلل من هذا الضرر على لمحاصيل جراء الريح كما يمكن أن يؤدي انخفاض سرعة الرياح في محمل الرياح إلى زيادة الرطوبة ودرجات حرارة الهواء والتربة الجيدة للمحاصيل.

 أنواع مصدات الرياح

أشجار الكازورينا (jemara): نبات من رتبة البلوطيات، أشجار إبرية دائمة الخضرة طويلة القامة ويتزايد ارتفاعها إلى حوالي 35 مترا. سريعة النمو حيث يمكن أن يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أمتار خلال عام واحد، وهي كثيرة التفرع ولون أغصانها يميل الى اللون الرمادي، وثمرتها خشبية هيكلها بيضاوي تشبه بشكل سطحي المخروط الصنوبري، وتتميز هذه الأشجار بجاذبيتها للطيور و"بأوراقها" الحرشفية المتهدلة، وموطنها الأصلي أستراليا، شبه القارة الهندية، جنوب شرق آسيا، جزر المحيط الهادئ الغربية، كما وتتواجد في مناطق كثيرة من العالم. وتحتمل الكازورينا التربة الكلسية كما تحتمل درجات منخفضة من ملوحة التربة وتستخدم أشجار الكازورينا وخاصة نوع "إيكويستيفوليا" في تثبيت الكثبان الرملية وهي شجرة شديدة المقاومة للجفاف غير أن درجة احتمالها للصقيع منخفضة. وأخشابها ذات قيمة حرارية جيدة، حيث تبلغ القيمة الحرارية لفحم أخشابها نحو 7000 كيلو كالوري في الكيلو غرام الواحد من الفحم. وتعتبر أشجار الكازورينا منظفة حقيقية للهواء، فأغصانها المتهدلة تلتقط الملوثات الجوية والأتربة وعادة لا تنزل تلك العوالق إلا مع المطر الذي يعيدها إلى باطن الأرض.

 

 أشجار الكازورينا

أشجار الكازوريناالأوكاليبتوس (Eucalyptus) :نبات عملاق من جنس الأشجار المزهرة من الفصيلة الأسية "Myrtaceae"ويسمى أيضا الكينا والكافور، وتعرف في استراليا بشجرة فيكتوريا وتسمانيا (Tree of Victoria and Tasmania) شجرة الصمغ، ويوجد منه حوالي 25 نوعاً، وتعد شجرة الأوكالبتوس من أطول الأشجار في العالم. وبالرغم من أن متوسط ارتفاع بعض من انواعها الناضجة يتراوح بين 10 الى 60 متر من مستوى سطح الأرض، إلا أن أخرى قد يصل ارتفاع بعض من انواعها إلى أكثر من 100م. ومن أهم الخصائص التي تدل للتعرف على أنواع شجر الأوكاليبتوس بسهولة هي الزهور المميزة وثمارها التي تكون على شكل كبسولات أو عناقيد "gumnuts"). والموطن الأصلي لهذه الشجره في جبال الأنديز والغابات الاستوائية في أمريكا الجنوبية، لكن أكثر أنواع أشجار الأوكالبتوس تنتشر في أستراليا. وهناك أنواع تنمو بشكل طبيعي في الفلبين وماليزيا وجزر المحيط الهادئ. وهي شجرة معروفة أيضا في جنوب أوربا وشمال افريقيا، وفي شرق البحر الأبيض المتوسط وبلاد الشام وفي المملكة العربية السعودية وغيرها. وهي تعد من أشجار الزينة والظل لأنها سريعة النمو وتنتشر زراعتها في الحدائق والمنتزهات وعلى جوانب الطرق بالمدن في الكثير من دول العالم. كما أنها تسخدم كصادات للرياح والرمال حول الحدائق والبساتين. ويستخلص من أوراقها وفروعها الخضراء بعض الزيوت التي تستخدم في علاج بعض الأمراض وبعض الزيوت العطرية. كما ويستخرج من بعض أنواع هذه الأشجار صمغ أحمر. وتعد جذوع وأغصان شجر الأوكاليبتوس ذات الأخشاب الصلبة طويلة القامة ذا قيمة تجارية في انتاج الأخشاب وخاصة التي تنتج في جبال الرماد “mountain ash" باستراليا.

 اوراق شجرة الأوكاليبتوس

أشجار الصنوبر "Pine" نبات من شعبة المخروطيات الأسم العلمي: Pinus وهو واحد من مجموعة ضخمة من الأشجار دائمة الخضرة، شجرة ضخمة معمرة تمتاز بشكلها المخروطي المعروف يصل ارتفاعها إلى 60م. أما البعض الآخر فيكون صغيراً ويشبه الشجيرات. كل أشجار الصنوبر تقريبا لها أوراق إبرية تنمو في حزم ثنائية أو ثلاثية أو خماسية الأوراق في كل منها. بينما تنمو أوراق بقية المخروطيات الأخرى في حزم أكبر أو لا تكون الأوراق في حزم. تتضمن المخروطيات القريبة من الصنوبر كلا من أشجار التنوب واللاركس والراتينجية. ينتشر الصنوبر في المناطق الباردة والمعتدلة وينمو في بيئات عدة إلا أنها في الغالب تنمو في التربة الرملية والتربة الصخرية. وتتواجد بالاساس في الأجزاء الجنوبية من اميركا وأوروبا وآسيا، كما تنمو في بعض المناطق العربية في الشام والمغرب العربي. يوجد حوالي 100 نوع من أشجار الصنوبر غالبيتها تنمو فقط في الجزء الشمالي من الكرة الارضية. ومنها أشجار صنوبر أمريكا الشمالية ينمو حوالي 65 نوعا من أنواع الصنوبر في أمريكا الشمالية. ويعتبر الصنوبر الأحمر والصنوبر الأمريكي نوعين مهمين من الصنوبر ينموان في كندا والجزء الشمالي الشرقي من الولايات المتحدة. يشتق اسم الصنوبر الأحمر من قلفه ذي اللون البني المحمر. وتعتبر شجرة خشب خام مهمة. أما الصنوبر الأمريكي فإنه ينمو في إلى شمال غرب كندا. تحوي جذور وسيقان شجر الصنوبر على مادة راتنجية زيتية يتكون منها سائل عطري زيتي عند تقطيره ينفصل عنه الراتنج المعروف بالقلفونية ويبقى الزيت المعروف بزيت التربنتين حيث يستعمل هذان المكونان في الصناعة والطب) وله إستعمالات وفوائد طبية بشرية كثيرة.

 

شجرة الصنوبر

فوائد مصدات الرياح    Windbreak benefits

   تعرف مصدات الرياح بأنها حواجز نباتية عالية تقف عائقاً أمام اتجاه الرياح وتقلل من سرعتها وتقضي على شدتها وتزيل معظم تأثيراتها الضارة.

تتخلص فوائد مصدات الرياح بما يلي

1-    حماية التربة من الانجراف والتعرية:

عندما تصل سرعة الرياح الى ما يقارب من 15كم/ ساعة على ارتفاع 15سم فوق سطح التربة تبدأ حبيبات التربة وحبيبات الرمل الناعمة التي يبلغ قطرها (0.1 - 0.15) ملم بالدوران السريع حول نفسها (200 - 1000) دورة /ثانية محدثة فراغاً بجانبها الأمر الذي يؤدي الى انطلاقها وقفزها لمسافة صغيرة وبسرعة كبيرة في الجو بدرجة 70-90 الى ارتفاع ( 0.5- 4) متر وتسمى هذه العملية بالوثب ومن ثم تصطدم بغيرها من حبيبات التربة دافعة إياها الى الانتقال من مكانها وبنتيجة ذلك تنتقل حبيبات الطين والسلت الى أعالي الجو محدثة العواصف الغبارية ( العجاج ) وتسمى هذه العملية بالتعلق بينما تزحف الحبيبات الرملية الكبيرة لمسافة قصيرة على سطح الأرض محدثة الكثبان الرملية المعروفة وتسمى هذه العملية بالزحف وتتكرر هذه العملية بسرعة فائقة . وكلما ازدادت سرعة الرياح كلما ازداد حجم الحبيبات التي تتأثر بسرعة بداية الانجراف ولما كان للأشجار تأثير مباشر على صد وكسر الرياح والتقليل من سرعتها الى أقل من سرعة بداية الانجراف فإن بداية انجراف التربة ستحتاج الى سرعة أشد لا يمكن في كثير من الأحوال أن تصل اليها الرياح على ارتفاع 15 سم فوق سطح الأرض كذلك فإن الأشجار والغطاء النباتي تقف عائقاً أمام زحف وانتقال الرمال أو حبيبات التربة بواسطة الرياح أو الماء نظرا للصفات الميكانيكية التي تتصف بها جذور النباتات بمسكها وتثبيتها للتربة هذا بالاضافة الى قيام مصدات الريح بتحسين الصفات الفيزيائية للتربة ، وتساعد المصدات على تقليل سرعة الرياح بنسبة 50% أو أكثر على بعد (0 – 10) أضعاف ارتفاع المصد وبنسبة 25-50 على بعد (10- 20) ضعف ارتفاع المصد وبنسبة 10-25على بعد (20-30)ضعف ارتفاع المصد.

2-    الحد من خسارة الماء من التربة:

إن حركة الهواء وخاصة الرياح الحارة فوق السطوح المشبعة بالماء كحبيبات التربة أو أوراق النبات يؤدي الى فقدان الماء من هذ السطوح. حيث يقوم الهواء بامتصاص الماء وتقوم الرياح بنقله وهذا يؤدي الى ضياع الرطوبة وتبخرها من الحقول والأراضي الزراعية. فقد وجد في العديد من الدول أن نسبة التبخر في البساتين والحقول المحاطة بمصدات الرياح قد نقصت حوالي 27% بينما زادت نسبة النتح، وتبين كذلك أن نسبة التبخر من البساتين في أيام الحر أقل بين مصدات الرياح منها خارج المصدات ووجد في اليابان أن نسبة التبخر قد انخفضت بنسبة 20-60 % بتأثير مصدات الرياح وبشكل عام فإن نسبة التبخر تقل بنسبة 60% في المنطقة بعد مصد الرياح وحتى مسافة 5 أضعاف ارتفاع المصد وبنسبة 43% في المنطقة على بعد 5-10 أضعاف ارتفاع المصد وبنسبة 32%على بعد (10-15) ضعف ارتفاع المصد وبنسبة 10% على بعد 15-20 ضعف ارتفاع المصد.

أما بالنسبة للنتح فتختلف الآراء بين من يرى أنها لا تقلل النتح ومن يرى أنها تزيد النتح وبين من يرى أنها لا تزيد ولا تقلل حيث تزيد من نفس أشجار المصد وتقلل من الأشجار المحمية نتيجة تقليل سرعة الرياح ولكل رأي حساباته وتجاربه ويختلف ذلك من موقع الى آخر حسب الظروف المناخية.

3-    حماية الحيوانات:

للرياح أضرار مباشرة على سلوك الحيوانات وطريقة معيشتها. فلقد ثبت بالتجارب العلمية أن الحيوانات تنزعج من تأثير هبوب الرياح وأضرارها وخاصة الأبقار الحلوب التي ينخفض انتاجها من الحليب بسبب الرياح وشدتها هذا فضلا عن تأثر الطيور والدواجن من ذلك. وتبين أن انشاء المصدات اللازمة للحماية من ضرر الرياح أمر ضروري لحيوانات المزرعة هذا بالإضافة الى تأمين الظل الكافي اللازم لحيوانات وطيور المزرعة أيام الصيف والحر الشديد.

4-    حماية النباتات وزيادة محصولها:

مما لا شك فيه أن مصدات الرياح تؤدي الى زيادة في انتاج المحاصيل الحقلية والزراعية والشجرية. ففي الولايات المتحدة تبين أن معدل الانتاج قد ازداد حوالي 93% من الذرة والقمح والشعير من تأثير مصدات الرياح.

وفي روسيا تبين أن الانتاج انتاج الذرة قد ازداد من 100-400?% في السنوات الشديدة الجفاف و50 - 60% في السنوات المتوسطة الجفاف و10-15% في السنوات القليلة الجفاف وبشكل عام تبين لدى الكثير ممن عملوا في هذا الحقل أن زيادة انتاج المحاصيل النباتية والحقلية

قد ازداد من 25-70% حسب الأصناف والمعاملات والمكان بعد حمايتها من تأثير وأضرار الرياح كما تبين أن هذه الزيادة في الانتاج تختلف بالنسبة لبعدها أو قربها من مصدات الرياح، حيث أن الانتاج أو المحصول يزيد عن حده الطبيعي ضمن المسافة التي تقع وراء المصد بين1-2 مرة ارتفاع المصد لذلك ينصح بإنشاء مصد للرياح بعد كل حوالي عشر مرات ارتفاع المصد كما الحال في هي بساتين الفاكهة والحمضيات والخضروات.

5- زيادة جمال الطبيعة وتحسين المناخ المحلي:

 يعتبر تجميل المزارع والحقول والمناطق الزراعية وغير الزراعية الصورة الحقيقية التي تعكسها مصدات الرياح بجمالها وتناسقها كأشجار غابات جميلة تمتد على حدود المزارع وامتدادها وتؤدي الى التمتع بها والارتياح اليها وأظهرت التجارب والدراسات أن لمصدات الرياح أهمية رئيسة في تعديل وتحسين المناخ المحلي. فالبستان المحاط بمصدات الرياح يكون في وقت الظهيرة أبرد بدرجة الى ثلاث درجات مئوية من البستان غير المحاط بمصدات الرياح وأدفأ بدرجة حرارة منوية واحدة في الليل

6- انتاج المادة الخشبية:

انتاج المادة الخشبية من مصدات الرياح بشكل مربح أمر لا بد منه حيث أن الاشجار التي تتكون

منها المصدات تخضع لعمليات التقليم والتفريد والقطع والاستغلال وتنتج المادة الخشبية بشكل أفضل من الغابات نظرا لعمليات العناية والظروف الجيدة التي تنمو فيها

7- انتاج البذور والثمار والعلف والعسل:

غالباً ما تنتج مصدات الرياح العديد من المنتجات الثانوية وتشمل الثمار مثل أشجار الجوز والخروب وتربية دودة الحرير على اشجار التوت أو لاستخراج المواد الدباغية مثل اشجار السماق أو لزيادة انتاج عسل المزرعة مثل أشجار الكينا والتي تزهر عدة مرات في السنة بالإضافة الى كونها الحزام أو الحاجز الذي يقوم بالوقاية من الرياح وأضرارها.

وهناك فوائد عديدة أخرى من ناحية اجتماعية وسياحية وصحية ودفاعية وبيئية.

 زراعة مصدات الرياح والأحزمة الواقية في العالم : لقد عرفت زراعة مصدات الرياح في العالم منذ فترة طويلة بعد أن ادراك المزارعون اهميتها في الحفاظ على البساتين والمنشآت وتجميل المنطقة والحصول على الأخشاب والمنتجات العديدة الأخرى وتزيد أطوال المسافات المشجرة بمصدات الرياح عن 10 آلاف كم مزروعة في أغلبها في صف واحد حول المزارع وبين الوحدات الزراعية وحول الأبنية والمنشأة والحدائق المنزلية ويتم في كل عام زراعة مسافات جديدة حيث تقوم المنظمات العالمية بتوزيع ما يزيد على مليون غرسة حرجية على المواطنين والمؤسسات مجاناً لهذه الغاية.

 المصادر

1.    عبد الكريم التوما، منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو)، طرق التشجير في المناطق القاحلة، بغداد، العراق.

2.    فاروق التلاوي، مصدات الرياح فوائدها- تصميمها- أنشاؤها- دمشق، سوريا.  

3.    محمد عبيدو، الأسيجة ومصدّات الرياح ، مطبعة الاتحاد، منشورات جامعة دمشق.

4.    هشام قطنا، علم الغابات والتشجير الحراجي، منشورات جامعة دمشق.

 
عدد المشاهدات : 1125