ملخص عن النواعير

 

تنتشر النواعير على ضفاف نهر الفرات الخالد الذي يمتد لمسافة (512) كيلومتراً داخل محافظة الانبار وتتمركز في (الحديثة) و(هيت) و(البغدادي) و(راوه) و(عنّه) القديمة و(القائم) الا ان اغلب هذه النواعير اندثرت بسبب انحسار المياه في نهر الفرات نتيجة انشاء سد القادسية فضلاً عن العوامل.

 

 

واصر ابناء الانبار على اعادة هذا التراث الحضاري والحفاظ عليه وقد اعيد فعلاً (22) ناعوراً الى العمل من جديد في منطقة الحديثة من قبل اصحاب الاراضي الذين تقع النواعير ضمن ممتلكاتهم ومن بينها ستة نواعير في ناحية بروانه فيما تم اعادة ناعور الشاغوفة في (هيت) وكان العمل جارياً لإعادة ناعور آخر على نفس الدالية التي تقع على يسار القلعة الشهيرة وناعور ثالث في منطقة التربة وكان من المنتظر ان يبادر ابناء القرى الى اعادة النواعير غير المتضررة دواليها كثيراً الى العمل في مناطق مختلفة من (هيت).

 

 

والشاغوفة في (هيت) هو من اكبر النواعير وقد كانت دالية تحمل سبعة نواعير تروي مساحات واسعة من الارض وبعودته عادت الحياة الى مدينة (هيت) التي يعتز ابناؤها كثيراً بتأريخهم وتراثهم ويعملون بجد للحفاظ عليه. 

 

 

كذلك الحال في (البغدادي ) المنطقة السياحية المعروفة في المحافظة والتي امتلكت كل مقومات جمال الطبيعة من غابات نخيل وجبال شماء وسحر الفرات الخالد والنواعير التي كانت وما زالت محطة الاستراحة الرئيسة بين بغداد والشام لوقوعها على منتصف الطريق ولمميزاتها السياحية بمطاعمها الفاخرة وسمكها المسكوف..!

 

 

اما في راوة وعنّه فقد ادى انحسار المياه الى استحالة النواعير وقد عمد بعض مواطني راوة واعتزازاً منهم بهذا التراث الى اقامة ناعور في احدى الساحات الرئيسة في المدينة يرفع اليه الماء من حوض كبير بواسطة آلة ميكانيكية ليعيده الناعور ثانية الى الحوض..! اما في القائم فقد بقيت النواعير وموضوع اعادتها على طاولة النقاش بإستثناء بعض المحاولات الفردية المتحمسة لموضوع التراث.

 

 

 

الاختلاف عن نواعير حلب

 

ويؤكد الآثاري ياسين خليل جبارة من مراقبية آثار حديثة ان نواعير المنطقة الغربية من محافظة الانبار تختلف عن نواعير مدينة حلب السورية كون الاخيرة مصنوعة من الآهين اما نواعير الفرات فمصنوعة من خشب (التوت) تحديداً وبأربعة وعشرين دلواً تمثل ساعات اليوم ويشترك عدة فلاحين في انشائها ويتم تقسيم المياه بينهم حسب الاوتار المشاركة مقارنة بالساعات كما توجد في اغلب مدن الانبار وخاصة الحديثة عوائل متخصصة في صناعة النواعير الا انها تأثرت كثيراً بإنخفاض زراعة اشجار التوت وعدم اهتمام الفلاحين بها.. 

ويعتز ابناء المنطقة بالنواعير التي لها حكايات في حياتهم ومن بين ما يخبرنا به احد مواطني الحديثة هو ان احد شيوخ الرمادي دعا شيخاً صديقاً له من منطقة آلوس وهي احدى الجزر في منطقة الحديثة.. ولإكرامه اوقف له (12) شخصاً ليصبوا له الماء ..! واعاد الشيخ الثاني الدعوة وبعد تناول الطعام طلب من صديقه ان يغسل يديه على مياه الناعور .. ووسط استغرابه وحكايا وقصص اخرى كثيرة عن اهمية الناعور في حياة المزارعين.

 

 

عشق للارض والهام للشعراء

والناعور عشق دائم للارض وحنين لا ينقطع وقد تغزل به الشعراء ووصفوه بالدمع المتناثر واطلقوا عليه شتى الاسماء.. ومن اكبر النواعير ناعور (جرعة) في حديثة .

وبما ان الناعور يصنع من خشب (التوت) فإنه يصدر اصواتاً مختلفة عند دورانه يميزها المزارعون في جلسات سمرهم ويعرفون ان الناعور الفلاني بدأ يحن (أي بعمل) وهذه الصفة غير موجودة في نواعير الآهين في حلب وقد قال فيه احد الشعراء قديماً كما تحفظ لنا كتب التأريخ..

 

 

وحنانة من غير شوق ولا وجد

 

يفيض لها دمع لمنتشر العقد

   

احن اذا حنت وابكي اذا بكت

 

وليس لنا من ذلك الفعل من بد

 

 

 

 
عدد المشاهدات :2188