سيمنار ترقية علمية لدكتور معاذ هلال              زيارة السيد مساعد رئيس الجامعة للشؤون العلمية              دورة التأهيل التربوي              كفاءة اللغة العربية              الأنبار في العهد العثماني

 تفاصيل الخبر

مقال علمي

2023-03-11

مقال علمي


 

الجملة التفسيرية في القرآن الكريم (نماذج من سورة الأعراف)

مقال للتدريسي م.م عمر عبد عيد

 

مفهوم الجملة التفسيرية عند النحاة القدماء والمحدثين

يقول ابن مالك: ((هي الجملة الكاشفة لحقيقة ما تليه ، ممّا يفتقر إلى ذلك )) . ووافقه في هذا التعريف أبو حيان الأندلسي ، أمَّا ابن هشام فلم يخرج عمَّا ذهب إليه ابن مالك سوى أنَّه أضاف له قيدا ، فقال في كتابه( الإعراب عن قواعد الإعراب): (( هي الكاشفة لحقيقة ما تليه ، وليست عمدة))، ونرى أنَّ ابن هشام في كتابه المغني يقدم هذا القيد عندما قال: "هي الفضلة الكاشفة لحقيقة ما تليه))، ولم يخرج المحدثون بتعريف يباين ما ذهب إليه السلف، فقد حدّها الدكتور عبدة الراجحي بأنَّها (( الجملة التي تفسِّر ما يسبقها وتكشف عن حقيقته))، في حين ذهب الدكتور علي أبو المكارم إلى أنَّها : ((الجملة التي تكشف غموض جملة أخرى سابقة لها))، إلا أن التعريف الذي ذهب إليه المحدثون منهم: (عبد الوهاب بكير ، وعبد القادر المهيري ، والتهامي نقرة ، وعبد الله بن عليه ) يكاد يكون أدقّ تعريف لدى المحدثين ، إذ عرَّفوها بأنَّها :

((الجملة التي توضّح معنىً مبهماً ، او تفصّل معنىً مجملاً ورد قبلها))

ونفهم من خلال تلك التعريفات أنَّ الجملة التفسيرية : ((هي التي توضح وتفسر مبهما في جملة سابقة))

الجمل التفسيرية التي وردت في سورة الاعراف

أولا: الجملة التفسيرية المصدرة بفعل ماض أو مضارع أو أمر

 إنَّ الجملة الفعلية هي الأوسع انتشاراً في الاستعمال القرآني، إذ تشكلت الجملة فيه بحسب البنية الصرفية للفعل في العربية، فكانت على ثلاثة أقسام هي : المصدرة بفعلٍ ماضٍ ، أو مضارع ، أو أمر:

1 ـ  الجملة التفسيرية الفعلية الماضية :

           وهي الجملة المصدرة بفعلٍ ماضٍ ، وللماضي دلالات زمنية تختلف باختلاف السياقات التي يرد فيها ،

 وقد ورد هذا النمط في موضع واحد في سورة الأعراف  ويتمثل بقوله I : ] وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ [

إذ تتحدث الآية الكريمة عن مشهد من مشاهد يوم القيامة ، وما آل إليه مصير أهل الجنة وأهل النار، نتيجة لما قدَّموا في حياتهم الدنيا من إيمان أو كفر، ومن خير أو شر، بشكل محاورة تكشف عن مصير كل فريق، ويلحظ أنَّ الجملة المفسِّرة ]  أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا [  قد صُدّرت بأداة التفسير( أَنْ ) وقد نـصَّ على وظيفة الأداة هذه الأخفش الأوسط ( ت 215 هـ ) ، وتابعه في ذلك من المحدثين ابن عاشور، في حين جوَّز الزمخشري، وأبو حيان، كونها تفسيرية، واحتملوا كونها مخففة من الثقيلة.

2 ـ  الجملة التفسيرية الفعلية المضارعة :

   وهي الجملة التفسيرية التي تتصدرها أداة التفسير متلوة بفعل مضارع حسب بنيته الصرفية، وصيغته على وزن ( يفعل ) وقد أشار النحاة إلى أنَّ هذه الصيغ ((لا يعرف وقتها ما كان منه للحال وما يكون في الاستقبال))، وبعبارة أخرى : ((إنَّ الدلالة الزمنية فيها لا تستفاد من نفس الصيغة بل من خلال السياق بما يحمله من قرائن وأدوات ترشحها للدلالة على أحد الأزمنة  ومن الجدير بالذكر أنَّ هذا النمط من الجمل قد سبق في جميع مواضعه الواردة في القرآن الكريم بأداة النهي الجازمة ( لا ) التي صرفت دلالته من الحاضر إلى ما يستقبل من الزمن، وقد جاء هذا النمط من الجمل في قوله تعالى: ]  أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ  [ [ الاعراف : 169 ]

فقد جوز الزمخشري أن تكون (أن) في قوله تعالى] أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ[ مُفَسِّرَةً لميثاق الكتاب، وتابعه من المحدثين محي الدين درويش، وذكر : ((أنَّ (أن) مفسرة لميثاق الكتاب لأنَّه في معنى القول دون حروفه، و «لا» عندئذ ناهية))، واحتمل  بهجت عبدالواحد أن تكون «إِنْ» مفسرة ..

3-الجملة التفسيرية الفعلية الأمرية

 وهي الجملة المصدرة بفعل أمـر وصيغتها ( افعل ) وهي لا تختلف من حيث الدلالة الزمنية عن الصيغ الأخرى ، إذ شأنها شأن قسيمتيها ( فَعَلَ ، ويَفْعَل ) من حيث دلالتهما على أزمنة نسبية وأحداث اعتبارية  ، وسنرى من خلال طائفة من النماذج القرآنية انّ هذه الصيغة تختلف دلالتها الزمنية باختلاف السياقات التي ترد فيها والقرائن التي ترافقها ، فهي قد تدل على الماضي أو الحاضر أو المستقبل أو الزمن العام ، وقد ورد هذا النمط في ثلاثة مواضع من سورة الأعراف، نأخذ على سبيل المثال قوله تعالى : ] وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ [.[ الاعراف : 50 ].  قال الزجاج : ((والأجود - عندي - أن تكون أن في موضع تفسير النداءِ، كان المعنى، ونودوا أن تلكم الجنة أي: قيل لهم،: تلكم الجنة))، و تابعه من المحدثين ابن عاشور فذكر أنَّ (أن) هنا تفسيرية لمعنى النداء، وتابعه إلى مثل ذلك محمود عبدالرحيم صافي صاحب كتاب (الجدول في إعراب القرآن الكريم) فذكر أنَّها تفسيرية وجوز الاستانبولي والآلوسي ومحي الدين درويش أنَّ تكون جملة ((َأنْ أَفِيضُوا)) تفسيرية واحتملوا أن تكون (أن) مخففة من الثقيلة.

ثانيا: الجملة التفسيرية الاسمية

وردت الجملة الأسمية تفسيرية في القرآن الكريم بشكل قليل لا يتجاوز الأربعة مواضع، وثلاثة من هذه المواضع جاءت في سورة الاعراف ، نأخذ من هذه المواضع على سبيل المثال: قوله تعالى: ] وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونْ[  [ الأعراف : 43 ] . و( أنْ ) في قولهI :] أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ [ مفسرة لما في النداء من معنى القول وقد قال بذلك الزجاج، فقال: ((والأجود - عندي - أن تكون أن في موضع تفسير النداءِ، والمعنى ونودوا ان تلكم الجنة أي: قيل لهم تلكم الجنة))، وتابعه في ذلك النحاس، والزمخشري، والعُكبري، وأبو حيان، وأبو السعود، ومن المحدثين ابن عاشور، ومحمود الصافي، كما نص هؤلاء عدا ابن عاشور على انَها تحتمل أيضا أنَّ تكون مخففة من الثقيلة.

وخلاصة  الموضوع:

-     إن مفهوم التفسير مصطلحا ودلالة كان قائما في إذهان النحاة العرب وعلى رأسهم سيبويه ومن تلاه من النحاة ، وكذلك عند أصحاب مصنفات معاني القرآن وإعرابه والمصنفات المتخصصة بحروف المعاني، فقد اشاروا الى أن الجملة التفسيرية تكون مصدرة بأداة تفسير أو مجرده عنها.

-      على الرغم من تنوع الجمل التفسيرية في القرآن الكريم ما بين ندائية وفعلية واسمية إلا انها لم ترد في سورة الاعراف إلا الاسمية والفعلية ، فقد جاءت الجملة التفسيرية الفعلية الماضية في موضع واحد والجملة التفسيرية الفعلية المضارعة في موضع واحد والجملة التفسيرية الفعلية الأمرية في ثلاثة مواضع والجملة التفسيرية الاسمية في ثلاثة مواضع أيضا.

-      من خلال تتبع الجمل التفسيرية في سورة الأعراف لا سيما فيما يتعلق بـ(أن) المفسرة نجد أنَّ النحاة أن النحاة لم يلتزموا بما ذكروا من قواعد فهم بعد أن جعلوا لها شروط شكلية عادوا ثانية فنقضوها بتجويزهم في كثير من المواضع القرآنية التي تحققت فيها الشروط الشكلية لـ(أن) المفسرة وجوها أخرى كان يقولوا : وتحتمل (أن) هنا ان تكون مصدرية أو مخففة من الثقيلة، فضلا عن كونها لأن تكون مفسرة.

 

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 تعليقات الفيسبوك

 المزيد من الاخبار

 تعلم البرمجة بلغة Python في وقت قصير

 مقال للتدريسي وسام خالد جمار

 مقال للتدريسي وسام خالد جمار

 حرب الانفصال اليمنية عام 1994

 مقال علمي للدكتور سدير عبد الواحد فاضل

 E-mail Spam Classification by Machine Learning

 اسماء المشاركين بدورة كفاءة اللغة العربية

 الأنبار في العهد العثماني

التصويت

ما رأيك بأداء التريسيين في الدورات المقامة في المركز؟

 ممتاز
 جيد جدا
 جيد
 لا بأس به
 متدني

مجموع التصويتات 127

الاساتذة والاداريين


المركز
اللقب
الاسم


خريجي الكلية

المركز
الشهادة
السنة
النوع
الجنس
الاسم

طلبة الكلية

المركز
المرحلة
الشهادة
النوع
الجنس
الاسم