أ.د. صبحي احمد الدليمي

أ.د. صبحي احمد الدليمي

الصناعة والمجتمع

Industry and Society

أ.د. صبحي احمد الدليمي

كلية التربية للعلوم الانسانية/قسم الجغرافيا  

         ed.subhi.ahmed@uoanbar.edu.iq

https://www.uoanbar.edu.iq/staff-page.php?ID=212

في علم الاجتماع، يعتبر المجتمع ما بعد الصناعة مرحلة تطور المجتمع الذي يولد في اقتصاده قطاع الخدمات ثروةً أكبر من قطاع الصناعة.مع استخدام المصطلح، بدأت بعض المواضيع الشائعة، بما في ذلك المواضيع أدناه في الظهور:

1.   يمر الاقتصاد بمرحلة انتقالية من إنتاج السلع إلى تقديم الخدمات.

2.   تصبح المعرفة شكلًا ذا قيمة لرأس المال.

3.   إنتاج الأفكار هو الطريقة الرئيسية للتنمية .

4.   اعتمادًا على عمليات العولمة والأتمتة، تنخفض قيمة وأهمية اقتصاد عمال الياقات الزرقاء والعمل النقابي والأعمال اليدوية، بينما ترتفع قيمة الأعمال الخاصة بالعمال المحترفين وأهميتها (على سبيل المثال، العلماء والمتخصصون في الصناعة الإبداعية ومتخصصو تكنولوجيا المعلومات.

5.   تطوّر العلوم والتقنيات السلوكية والمعلوماتية وتُطبّق. على سبيل المثال، الاقتصاد السلوكي  وعلم التحكم الآلي ونظرية الألعاب ونظرية المعلومات.

يتميز المجتمع ما بعد الصناعي بزيادة تقدير المعرفة. هذا التقدير في حد ذاته ليس مستغربًا، فقد توقعه افتراض دانييل بيل حول كيفية تطور أنماط العمالة الاقتصادية في مثل هذه المجتمعات. يؤكد افتراض بيل أن العمالة ستنمو بشكل أسرع في القطاعين الثلاثي والرباعي مقارنة بالقطاعين الأولي والثنائي، وأن الأسبقية في الاقتصاد ستكون للقطاع الثلاثي، وبطبيعة الحال للرباعي، وسيستمر هذا الأمر بالحدوث، فيتوسّع «تأثير الخبير» وتصبح السلطة حكرًا على أصحاب المعارفبما أن وظائف القطاعين الثلاثي والرباعي موجهة بشكل أساسي نحو المعرفة، ستُعاد هيكلة التعليم، على الأقل في تفاصيله الدقيقة. ستصبح القوة الجديدة إذًا بيد الخبير، وهو ما سيؤدي إلى تزايد دور الجامعات ومعاهد البحوث في المجتمعات ما بعد الصناعية. أصبحت المجتمعات ما بعد الصناعية نفسها موجهة نحو هذه الأماكن المنتجة للمعرفة والخبرات وباتت تتخذها مراكز جديدة لها. من هنا نجد أن أكبر المستفيدين في المجتمع ما بعد الصناعي هم المهنيون الشباب في المناطق الحضرية. بما أنهم جيل جديد ومتعلم ومهتم أكثر بقضايا  العدالة الاجتماعية والبيئية، غالبًا ما  يُعتبر تحول السلطة إلى أيديهم نتيجة لمعارفهم أمرًا جيدًا.

درس الاقتصاديون في جامعة بيركلي قيمة المعرفة كأحد أشكال رأس المال، مضيفين هذه القيمة إلى رأس المال المادي مثل المصنع أو الشاحنة. تماشيًا مع الخطوط العريضة التي وضعوها، يمكن أن يصبح إنتاج المعرفة أساسًا لما يمكن اعتباره «السياسات ما بعد الصناعية» التي تهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي. من المفارقات أن تقييم المعرفة العلمية والتكنولوجيا يمكن أن يقلل من قيمة الأفراد في المجتمع ما بعد الصناعي لأنهم ما زالوا يتوقعون فوائدها، لكنهم أكثر تحسسًا للمفاضلات الأخلاقية والمخاطر.

عندما يصبح التعليم نفسه أكثر توجهًا نحو إنتاج أشخاص قادرين على تلبية الحاجة إلى تحقيق الذات والإبداع والتعبير عن الذات، تصبح الأجيال المتعاقبة أكثر قدرة على المساهمة في هذه الصناعات الإبداعية وتأمين ديمومتها. هذا التغيير الدقيق في التعليم، وكذلك التغيير بين أفراد الطبقة الناشئة من المهنيين الشباب، هو نفسه الذي بدأه ما يُعرّفه جيمس دي رايت بأنه «ثراء اقتصادي غير مسبوق وإشباع الاحتياجات المادية الأساسية». يتم التأكيد مرارًا وتكرارًا على أن المجتمع ما بعد الصناعي هو المجتمع الذي تكون فيه المعرفة هي القوة، والتكنولوجيا هي الأداة. بطبيعة الحال، عندما يمتلك المرء موهبةً، فإنه يحظى بمزايا في هذا النوع من المجتمعات. إن مبدأ «السرعة وقابلية الحركة والليونة» مناسب تمامًا لصناعة إبداعية ديناميكية، فيؤدي انخفاض أهمية الصناعات الانتاجية إلى تمهيد الطريق للفنانين والموسيقيين وغيرهم ممن تُوظَّف مهاراتهم بشكل أفضل من قبل القطاعين الثالث والرابع. تنعكس هذه الجدارة المتزايدة للمجتمع ما بعد الصناعي من خلال الصناعات الإبداعية في التاريخ الاقتصادي للمجتمعات ما بعد الصناعية.

 

الكلمات الافتتاحية

المجتمع

العولمة

العمالة

قطاع الخدمات