أ . د. ياسر خلف رشيد الشجيري

أ . د. ياسر خلف رشيد الشجيري

  عناصر المنهج الدراسي

Elements of Curriculum

أ . د. ياسر خلف رشيد الشجيري

الصفحة الرسمية الالكترونية للكاتب

dr.yasir.alshojairi@uoanbar.edu.iq

 

المنهج المدرسي في مفهومه التقليدي مجموع المعلومات والحقائق والمفاهيم والأفكار التي يدرسها الطلبة في صورة مواد دراسية أصطلح على تسميتها بالمقررات الدراسية، وقد جاء هذا المفهوم كنتيجة طبيعية لنظرة المؤسسة التعليمية التقليدية إلى وظيفتها واهدافها، حيث كانت ترى أن هذه الوظيفة تنحصر في تقديم ألوان من المعرفة إلى الطلبة ثم التأكد عن طريق الاختبارات ولاسيما التسميع من حسن استيعابهم لها، ولعل السبب الرئيس في تشكيل تلك النظرة الضيقة لوظيفة المؤسسة التعليمية يعود إلى تدريس المعرفة بعّدها حصيلة التراث الثقافي الثمين الذي ورثه الجيل الحاضر عن الأجيال السابقة، والذي لا يجوز إهماله أو التقليل من قيمته بأي حال من الأحوال, ولكن المفهوم الحديث للمنهج الدراسي تعدى تلك الحدود ليشمل كل دراسة أو نشاط أو خبرة يكتسبها أو يقوم بها الطالب تحت إشراف المؤسسة التعليمية وتوجيهها سواء أكان ذلك في داخل الفصل أم خارجه.

وقد جرت العادة على تنظيم المادة الدراسية (المعارف والمعلومات) في موضوعات وتوزيع تلك الموضوعات على السنوات الدراسية للمراحل التعليمية المختلفة، وكان يطلق على المواد الدراسية التي تدرس في سنة معينة المقررات الدراسية, وأصبحت الكتب هي المصدر الوحيد الذي يتلقى منه الطلبة علومهم، أما مهمة إعداد المنهج في مفهومه القديم، فقد كانت تناط بلجانٍ المتخصصين في المواد الدراسية, وكان المسؤولون في التعليم يشددون على ضرورة التقيد التام بالموضوعات التي يتم تحديدها من تلك اللجان، وعلى عدم جواز إدخال أي تغيير أو تعديل فيها تحت أي ظرف من الظروف, وكان المنهج مقتصر على عنصر واحد هو المحتوى الدراسي في حين المنهج الدراسي يتكون من أربعة عناصر أساسية مترابطة ومتفاعلة هي: الأهداف، والمحتوى، والطرائق والأساليب والنشاطات والخبرات التعليمية، والتقويم.

أولاً: الأهداف التربوية.

يعرّف الهدف التربوي بأنه: " وصف للسلوك المتوقع من الطالب نتيجة لاحتكاكه بمواقف التعلم " والأهداف هي التوقعات المرجوة، أو النتاجات التعليمية التي تسعى المؤسسة التربوية إلى تحقيقها بوساطة المدرسة أو الجامعة، ويُعَدُّ تحديد الأهداف بدقة ووضوح أمراً في غاية الأهمية لنجاح المناهج الدراسية، ولتسهيل عملية اختيار المحتوى، والطرائق والأساليب، والوسائل التي تعمل على تحقيق الأهداف، وما أن ذلك يساعد على اختيار وسائل التقويم التي يمكن بوساطتها معرفة مدى تحقق الأهداف المنشودة، هذا فضلاً عن ضرورة أن تكون الأهداف شاملة ومترابطة، ومتكاملة وواقعية، وقابلة للقياس والتقويم.

وتقسم الأهداف التربوية بحسب شمولية تغطيتها على ما يأتي:

أ- الأهداف العامة: وهي أهداف تضمن للعملية التربوية توجيهاً عاماً وشاملاً، وتشتق من فلسفة التربية، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمجتمع وفلسفته وحاجاته، ويعبّر عنها عادة بتعبيرات عامة وواسعة وشاملة.

ب- الأهداف التعليمية أو الخاصة أو الإجرائية: وهي أهداف مشتقة من الأهداف العامة وتتصف بأنها محددة ومفصلة، وتركز على الطالب.

ج- الأهداف السلوكية النهائية: وهي أهداف تصف الأداء المتوقع في نهاية الموقف التعليمي أو بعد انتهاء الخبرة المتاحة للطالب، وتعد هذه الأهداف جزءاً من الأهداف التربوية العامة، ومكمّلة للأهداف التعليمية، ومحللة لها، وتركز على إنتاج مهارات شخصية لدى الطالب، ويشترك التدريسي أو المدرّس عادة مع الطلبة في قياس ما تحقّق من هذه الأهداف، ومعرفة المعوّقات التي حالت من دون تحقيق بعضها.

وتقسم الأهداف من حيث المضمون على ثلاثة أنواع، هي:

أ- الأهداف المعرفية الإدراكية: وتركز على الجانب السلوكي العقلي ولها ستة مستويات هي:
ا
لمعرفة، والفهم، والتطبيق، والتحليل، والتركيب، والتقويم.

ب- الأهداف الانفعالية الوجدانية: وتتعلق بتنمية مشاعر الطلبة وتطويرها، وتنمية عقائده كالإيمان بالله ورسوله، وبالمثل العليا، وتنمية استعداده، ومواقفه وقيمه واتجاهاته وتطويرها.

ج- الأهداف المهارية الحركية (النفسحركية): وتتعلق بكل أنواع السلوك الحركي والمهاري كالسباحة، والطباعة، والكتابة وغير ذلك من أنوع الأداء التي تتطلب التناسق الحركي النفسي والعصبي.

ثانيا: المحتوى:

يُعَدُّ المحتوى ثاني عنصر من عناصر المناهج الدراسية، ويعرف بأنه " نوعية المعارف التي تقع عليها الاختيار والتي يتم تنظيمها على نحو معين سواء أكانت هذه المعارف مفاهيماً أم حقائقاً أم أفكاراً أساسية " ونوعية معارف المحتوى تتكوّن من:

أ- معرفة أكاديمية: تنبع من الحقل الأكاديمي للبرنامج التعليمي.

ب- معرفة ثقافية: يقدّمها المجتمع عادة لاستمرار حياته والمحافظة على هويته المحلية.

ج- معرفة حديثة – آنية: يشتقّها المختصّون بما يتناسب ومصادر العصر الإضافية للبرنامج مثل التطوّرات التربوية والتكنولوجية والاقتصادية والعلمية المعاصرة.

وعملية اختيار المحتوى تتمّ بدلالة الأهداف المحددّة وتتطلّب فريقاً متكاملاً من المختصّين بالبرامج، وأنّ المحتوى يتغير في ضوء تغيّر الأسس التي يقوم عليها المنهج، أما بسبب التطوّر العلمي، أو بسبب ما يستجد حول شروط التعلّم، أو طبيعة العمليات المعرفية التي يستطيع الطالب أن يمارسها، أو بسبب التغيرات المستمرة الحاصلة في المجتمع.

ثالثا: الطرائق والأساليب والنشاطات والخبرات:

وتشمل أساليب تنظيم عمليات التعليم والتعلّم، ووسائل توصيل المحتوى إلى الطلبة، ومرورهم بالخبرات المخطط لها والتفاعل معها من أفعال وأقوال التي تصدر عن المشاركين في عملية التفاعل التعليمي التعلمي، وفي المواقف الصفية واللاصفية المخصصة لها التي ينظّمها المدرّسون ويزاولونها مع طلبتهم، للرُّقي بقدراتهم ومهاراتهم ورفع مستوى معارفهم وإثراء خبراتهم وإشباع حاجاتهم وتلبية اهتماماتهم.

طرائق التدريس هي مجموعة القواعد العامة والضوابط التي يلتزمها المدرّس في المواقف الصفّية لتحقيق التعلّم المخطط له والمقصود, أما الأساليب التدريسية هي الإجراءات التي يتبعها المدرّس في تنفيذ طريقة من طرائق التدريس من أجل تحقيق الأهداف المحددة للمادة التعليمية مستعينا بوسيلة من الوسائل التعليمية المناسبة وتختلف أساليب التدريس باختلاف المدرسين وفلسفاتهم، وطرائق التدريس التي يعتمدونها وطبيعة المادة التي يعلمونها.

ويعرف النشاط بأنه: " الجهد العقلي أو البدني الذي يبذله الطلبة من أجل بلوغ هدف ما" ومن هنا يتبين أن النشاط له مضمون وله خطة يسير عليها، وهدف يسعى إلى تحقيقه وهو بحاجة إلى تقويم لمعرفة مدى نجاحه في تحقيق الهدف المقصود.

وتساعد النشاطات المدرسية الصفية واللاصفية على تقوية العلاقات الأكاديمية والاجتماعية بين الطلبة من جهة وبينهم وبين المدرسين من جهة أخرى وتنمي لدى الطلبة روح التعاون والتنافس الخلاق والولاء للمؤسسة التعليمية وتكشف عن ميولهم ومواهبهم وقدراتهم وحاجاتهم مما يساعد على توجيههم وإرشادهم وتساعدهم على قضاء أوقات الفراغ بطريقة نافعة، وتزيد من محبتهم للمواد الدراسية وشوقهم إليها.

وتُعَرَّف الخبرة بأنّها "عملية التفاعل بين الفرد وبين الظروف الخارجية في البيئة، سواء أكانت بيئة طبيعية أم فكرية أم نفسية أم اجتماعية… " وأنّ الخبرة تستلزم أن يكون الطالب ايجابياً نشطاً وأن يعتمد على نشاطه الذاتي في التعلم. وعلى التدريسي أو المدرّس أنْ يقدّم الأنواع المتعدّدة من الخبرات، وأنْ يهيِّئ البيئة وأنْ يحدّد المواقف التعليمية بحيث يثير نوعاً من الاستجابات المرغوب فيها عند الطالب، وتتوقف قدرة الفرد في بناء خبرته على عوامل متعددة منها: ذكاؤه وخبرته السابقة وطبيعة الموقف الذي يتفاعل معه.

وتقسم الخبرات على نوعين، هما:

أ- الخبرة المباشرة: وتقوم على تفاعل الطالب المباشر مع الشيء المراد تعلمه كما يحدث في واقع الحياة. ومن المعلوم أن ما يكتسبه الطالب في هذا النوع من الخبرة يظل أبقى أثراً في نفسه وسلوكه.

ب- الخبرة غير المباشرة (البديلة أو العوضية): وهي خبرة غير واقعية يكتسبها الطالب من غيره من طريق القراءة في الكتب أو المجلات أو من طريق استماعه للدروس والمحاضرات، وغير ذلك.

رابعاً: التقويم:

يثعَدُّ التقويم أحد العناصر الأساس المكونة للبرنامج التعليمي، ويعرف بأنّه " إصدار حكم على ظاهرة تعليمية تحصيلية، بالاستناد إلى عملية القياس " أو هو: " العملية التشخيصية العلاجية التي تهدف إلى معرفة مدى التقدم الذي أحرزه الفرد أو الجماعة نحو تحقيق هدف من الأهداف التربوية المحددة، وفي ضوء نتائج التقويم يمكن تحديد الخطوات الضرورية لتحسين العملية التربوية "

وهناك عدة أنواع من التقويم، وهي:

أ- التقويم القبلي: ويشير إلى الإجراءات التقويمية التي يقوم بها التدريسي أو المدرّس في بداية العام الدراسي أو قبل البدء بعملية التدريس، من حيث تعرفه على مستويات الطلبة، ودرجة دافعيتهم للتعلم، واستعداداتهم، ومواطن القوة والضعف في معلوماتهم وخبراتهم ومستوياتهم العلمية، وعلى الجانب المهاري لديهم، مما يساعدهم على تحديد استراتيجيات تعليمية تناسبهم.

ب- التقويم التكويني: ويشير إلى التقويم الذي يستعمله التدريسي أو المدرّس في أثناء عملية التعليم، ويتم بشكل دوري، لمعرفة التقدم الذي طرأ على تحصيل الطلبة، وللتأكد من إيصاله المعرفة إليهم بالشكل المطلوب، ويشمل ذلك عدة اختبارات مثل: الاختبارات اليومية والأسبوعية والشهرية، ويؤدي هذا النوع من التقويم تغذية راجعة للتدريسي والطالب على حد سواء، ومن ثم تصحيح الأخطاء التي وقعوا فيها في أثناء عملية التعليم والتعلم، ويساعد هذا النوع من التقويم التدريسي أو المدرّس على وضع، واستعمال استراتيجيات تعليمية جديدة مناسبة، واستخدام وسائل تعليمية ناجعة.

ج- التقويم الختامي: ويستعمل هذا النوع من التقويم للحكم نهائيا على مستوى التحصيل عند الطلبة، ومن أمثلته: الاختبارات الفصلية أو السنوية التي تعقدها المؤسسات التعليمية من مدارس ومعاهد وجامعات، وبناء عليه يتم وضع الدرجات النهائية للطلبة، وتصنيفهم والحكم على انتقالهم من صف إلى آخر.

فضلاً عن الاختبارات المتنوعة (الاختبارات الكتابية أو المقالية، والموضوعية و الشفوية، والعلمية، والمقننة) يعتمد التدريسي أو المدرّس على أدوات وأساليب أخرى لتقويم الطالب، مثل أسلوب الملاحظة، وأسلوب المقابلة الشخصية، ومقاييس التقويم الذاتي مثل الاستبانات ومقاييس الرتب والتقدير, وينبغي على التدريسي أو المدرّس أن لا يعتمد في حكمه على الطلبة على أسلوب أو أداة واحدة، وإنما ينبغي عليه أن ينوع في هذه الأساليب والأدوات وان يختارها في ضوء الأهداف التي سيتم تقويمها.