ا.م.د. اياد محمد مخلف العدوان

ا.م.د. اياد محمد مخلف العدوان

 الهبة الديموغرافية في العراق وهدر رأس المال البشري

The demographic gift in Iraq and the waste of human capital

ا.م.د. اياد محمد مخلف العدوان

ed.iyad.mohammed@uoanbar.edu.iq

الصفحة الرسمية للكاتب

يعد التغير في التركيب العمري للسكان ،هو نتيجة عمليات ديموغرافية خلال مدة زمنية طويلة نسبيا، حيث تراكمت مؤشراتها في مراحل سابقة ،وشكلت اساسا لعمليات ديموغرافية هامة ستحصل في السنوات المقبلة ؛ لذلك فان هذا التغير الجاري في السكان، حاليا خصوصا في الدول لعربية ومنها العراق ،والذي يتسم بارتفاع حجم السكان في سن العمل والانتاج، مقابل تراجع حجم الفئات العمرية المعالة (الاطفال وكبار السن), ان هذه الدينامية في السكان ستؤدي الى ولوج العراق في عتبة تغير ديموغرافي جديد وهي ظاهرة (الهبة الديموغرافية).

تعرف "الهبة الديموغرافية" أو " النافذة الديموغرافية" "إنها المرحلة التي يبلغ فيها مجتمع ما الذروة في حجم السكان في سن العمل مقابل أدنى نسبة للسكان المعالين الاطفال والمسنين". بمعنى ان نسبة السكان في سن العمل (15 سنة الى 64سنة) يتجاوز نسبة السكان في الفئات المعالة (فئه اقل من 15سنة واكثر من 65سنة) مما يعني ضرورة توفير فرص عمل اكثر وبناء قدرات الموارد البشرية.

من أهم نتائج التحول الديموغرافي في المجتمعات العربية ومعظم المجتمعات الأقل نموا، ومنها العراق، تطور البناء العمري للسكان، ووجود نسبة كبيرة من السكان في سن العمل ( 15-64سنة،) وانخفاض فئات العمر الصغرى  (0-14سنة) وفي المقابل، هناك زيادة تدريجية في الأعمار الأكبر سنا، أي 65 سنة فأكثر، وهو ما يدلل على دخول العراق مرحلة الهبة الديموغرافية التي تمثل فرصة ونافذة نحو التنمية في حال استغل انخفاض نسبة المعالين مقابل زيادة القوى العاملة مع استمرار الانخفاض في معدلات الخصوبة. غير أن هذه الفرصة قد تكون سلبية بالنسبة إلى التنمية إن لم يستطع متخذو القرار التخطيط لها وتوفير الظروف الملائمة للتعامل معها

قد ينتج عن هذا التغير فرصة سانحة للتنمية فيما اذا تم بناء القدرات البشرية وتنميتها على اساس التفاعل بين كفاءتها على مستوى التعليم والمهارات وبين ما تتطلبه عملية النمو الاقتصادي والتنمية بشكل عام , وفي ضوء هذه التغيرات الديموغرافية والمدى الذي تستغرقه ينبغي مقاربة مدى انفتاح النافذة الديموغرافية وتوافرها على فرص تنموية كاملة وبين المحددات والقيود على المستويين المحلي والوطني المتمثلة في بناء قدرات رأس المال البشري وتعزيز مهاراته وتمكينها وتوفير فرص عمل مناسبة فضلا عن الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة, في ضوء معايير التنمية البشرية المستدامة

يعود تدني مستويات المعيشة في العراق إلى غياب الاستثمار في البشر، وعدم الاستفادة من الهبة الديموغرافية الراهنة، التي تتحدد في مجموعة مؤشرات تعبر عن هدر رأس المال البشري، وتخلق تحديات أمام التنمية وتحسين نوعية حياة المواطن العراقي

تشير المعطيات إلى أن رأس المال البشري في العراق مازال غير مستغل بصورة مثلى، ومن بين الشواهد ارتفاع نسبة الفقر والحرمان بأبعاده المختلفة، وتدني مستويات التعليم وانفصامه عن سوق العمل، وانخفاض مستوى مهارة العاملين من الشباب، وارتفاع نسبة العاطلين ، وتفاقم الطلب على الهجرة الخارجية. لهذا أن التنمية الحقيقية تلك التي تعتمد على الاستثمار في الشباب من خلال التعليم والعدالة الاجتماعية، مع إزالة جميع المعوقات.

الكلمات الافتتاحية: الهبة الديموغرافية، التحول الديموغرافي، راس المال البشري