ا.د احمد فليح فياض

ا.د احمد فليح فياض

 

الموارد المائية في العراق بين مشكلة التغيرات المناخية وأزمة الإدارة

Water resources in Iraq between the problem of climate change and crisis management

ا.د احمد فليح فياض

 Ed.ahmed.flaih@uoanbar.edu.iq

الصفحة الرسمية للكاتب  

تعد إدارة الموارد المائية من الاعمال والتدابير والاستراتيجيات التي تحقق بمجموعها الاستخدام الأمثل للموارد المائية. وتبرز أهمية (الإدارة) للموارد المائية في العراق إذا ما علمنا ان المناخ الجاف وشبه الجاف هو السائد، كما ان العراق يعد من دول المصب لنهريه الرئيسيين (دجلة والفرات)، أي ان منابعه تقع خارج الحدود الولية للعراق وهذا ما يجعل هذه الدول تعتمد ممارسات سياسات ضغط ضد العراق.  يستمد حوضي نهري دجلة والفرات معظم مياههما من الأراضي التركية بالدرجة الأولى  والإيرانية بالدرجة الثانية ، أي ان معظم مصادر تغذية النهرين تقع خارج الحدود العراقية لاسيما نهر الفرات ، اما نهر دجلة فتغذيه أربعة روافد داخل الحدود العراقية والإيرانية هي كل من (الزاب الكبير ، الزاب الصغير، العظيم، ديالى,) ،  وهي الأخرى يقع جز من مساحة احواضها داخل الأرضي الإيرانية ، وقد تأثرت معظم هذه الروافد بظروف الجفاف الناتج عن التغيرات المناخية في الآونة الأخيرة مما انعكس على ايراداتها المائية، فضلا عن السياسات المائية لهاتين الجارتين، ففي تركيا شرعت الأخيرة الى إقامة مشاريع كبيرة للري من خلال إقامة سدود وخزانات كان من اكبرها مشروع (GAP) على حوض الفرات، والذي يتكون من منظومات متعددة للتحكم واستثمار مياه النهر،  والذي اثر بشكل كبير على الإيرادات المائية لنهر الفرات. اذ يبلغ متوسط الايراد المائي لنهر الفرات نحو (31.4) مليار م3 سنوياً أي ما يعادل نحو (995) م/ثا، وفق القياسات التركية في محطة (بيرجك) على الحدود التركية السورية، قبل انشاء مشاريع الري الحديثة (GAP). الا ان هذا المعدل انخفض ليصبح (500) م3/ثا بموجب الاتفاقية المؤقتة لعام (1987) بين تركيا وسورية. اما في العراق فان معدل الوارد المائي لنهر الفرات داخل الأراضي العراقية عند محطة القائم من المدة من عام 1930 الى عام 1970 بحدود (30.3) مليارم3 سنويا وهذا الايراد قد انخفض خلال مدة املاء سد كيبان في تركيا وسد الطبقة في سورية الى (9.2) مليار م3 عام 1974، والى ما يقرب من الكمية ذاتها في وقت املاء سد اتاتورك في تركيا خلال عام 1990. ولمعرفة الفرق بين الاستخدام للمياه قبل عام 1974 والمخطط في العراق للعام 2040 نلاحظ: ان العراق سيسجل عجزاً في الإيرادات المائية عند شط العرب بحدود (6.441) مليون م3. في ضوء الزيادة السكانية والتوسع في استخدامات المياه المختلفة.

ورغم تقدم التكنلوجيا في العالم وبشكل خاص تكنلوجيا المياه، الا ان بلدنا العراق لا زال يجسد القصور في هذا الاستخدام. لقد أصبحت ندرة الموارد المائية وتدني مستوى استخدام تكنلوجيا المياه، وعوامل الضغط التركي والإيراني لأسباب اقتصادية تارة وسياسية تارة أخرى، امرا يفرض على العراق تحسين إدارة مياهه لا سيما  نهري دجلة والفرات، لمجابهة ما تتعرض له هذه المياه من ابتزاز واستحواذ الدول المتشاطئة لا سيما الجارتين المذكورتين، مع ضرورة استمرار التواصل والتفاوض لتحقيق قسمة عادلة للمياه بين الدول المتشاطئة. ان انخفاض كمية الوارد المائي هذا سيؤثر قطعاً في إمكانية توسع الأراضي الزراعية في العراق أذ ان فقدان كل (مليار)م3 يؤدي الى خروج (260) ألف دونم من الأراضي المزروعة في ظل الحاجة الماسة للتوسع مع زيادة النمو السكاني للعراق. ناهيك عن الاستخدامات الأخرى. وبسبب الاحتلال الأمريكي للعراق عام (2003) وما تلاه من من انهيار في منظومة الإدارة المائية في العراق حتى الوقت الحاضر (2022) ، آن الأوان للحكومة العراقية من اعتماد منظومة الإدارة الإنمائية المتكاملة  للمياه (International Water Resources Management)،  لقد أدت إدارة المياه تحت ظروف الندرة والجفاف الى استنباط هذا المفهوم والذي يجمع بين المنظور الهندسي للمشكلة المائية والمنظور الاجتماعي لها (الفعاليات البشرية والنظم الاجتماعية والبيئية) والذي يعبر عن النهج التكاملي في التخطيط وإدارة الموارد المائية المتاحة.  لقد ارتكز مفهوم الإدارة المائية المتكاملة على مبدأ التخطيط المركزي وبالتالي تبلورت فكرة اعداد خطط مائية وطنية (Water Master Plan)، توكد على مفهوم إدارة إنمائية متكاملة للموارد المائية المتاحة من خلال التأكيد على:

1.   توفر منهج متسق لأداره الموارد المائية.

2.   توفير قاعدة بيانات دقيقة وشاملة.

3.   الأطر للسياسات المائية والاقتصادية والتشريعية.

4.   اتساق الاستراتيجيات الوطنية مع الاستراتيجيات الإقليمية والدولية.

5.   اعتماد معاير لتقييم الأثر البيئي للإدارة المائية وعلى المستفيدين الاخرين.

6.   الاتفاق مع الدول المتشاطئة للموارد المائية السطحية والجوفية في مجال السياسات وإدارة الموارد المائية مع كل من تركيا وإيران وسورية.

7.   ربط إدارة استخدام الأراضي بالإدارة المستدامة للمياه.

 

الكلمات الفتاحية : الإدارة  المائية, التخطيط المركزي, تكنولوجيا المياه