تحديد وصف المؤلف في العلاقات الدولية الخاصة

تحديد وصف المؤلف في العلاقات الدولية الخاصة

اختلفت النظم القانونية الواجبة التطبيق بين من يتمتع بصفه المؤلف، هل هو الشخص الذي يبتكر العمل الفكري أم هو الشخص الذي يمنحه القانون هذا الوصف، فضلاً عن أن الخلاف دار حول اساس تحديد القانون الواجب التطبيق، هل يحدد على أنه من أعمال التكيف أو من المسائل الأولية التي يعتمدها القاضي في تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع المعروض امامه، وهذ الأمور تبحثها تباعاً، على النحو الآتي:

 

أولاً: تحديد صفة المؤلف بين الابتكار والمنحة القانونية

 

      اختلفت التشريعات المقارنة كما الفقه حول من يتمتع بصفة المؤلف من عدمها، هل هو الشخص الذي يبتكر العمل الفكري أم هو الشخص الذي يمنحه القانون هذا الوصف، من ثم يتمتع بالحماية تبعاً لذلك، ونبحث تباعاً كلاً من الامرين على النحو الآتي: -

 

1-     المؤلف هو مبتكر العمل الفكري

 

     يعرف هذا الاتجاه بالاتجاه اللاتيـــني، إذ ينهض تعريف المؤلف على فكرة أن العمل الفكري المطلوب تقرير الحماية له لابد أن يتضمن قدرا من الابتكار، ويحمل إسهامــــاً ذاتياً وإبداعاً فكرياً من جانب من قام به، لذا فأن المؤلف في الدول اللاتينية هو مبتكر العمل فعلاً أو من اسهم إسهاماً ذاتياً من جانبه في إيجاد العمل، فمــــسألة وصف المؤلف وفقاً لهذا المنظور تعتبر مســــألة واقع؛ أي أن هذا الوصف لا يمنح للشخص سواء كان طبيعياً أو معنوياً إلا إذا تحققت واقعة معينة من قبله وهي الابتكار، وهو بهذا المعنى يشمل كل من وضع مصنفاً مبتكراً من نتـــــاج ذهنــــه، أياً كان نوعه وأهميته وطريقة التعبير عنه، طالمــــا كان على قدر من الابتكار.

 

     والابتكار كما يراه جانب من الفقه الفرنسي بأنه: "البصمة الشخصية التي يضعها المؤلف على مصنفه"، أما الفقه المصري، فقد اختلف في تحديد معنى الابتكار، فذهب جانب من الفقه إلى أن المقصود بالابتكار "المجهود الذهني الذي بذله المؤلف والذي يسفر عن خلق فكرة تتميز بطابع شخصي خاص، تبدو فيه بصمة شخصية واضحة وبارزة على المصنف"

 

     وهو بهذا المعنى لا بد أن يتضمن الأصالة أو الجدية في المصنف المتميز بشخصية طابع مؤلفه سواء في الانشاء أم في التعبير، فالعبرة بكون المصنف مبتكراً يعني أن تظهر فيه روح المؤلف وطابعه الخاص حتى يحظى بحماية حق المؤلف حتى لو لم يكن جديداً، بعبارة أخرى حتى لو كان قد سبقه إليه أحد آخر، أي أن يتسم ابتكار المؤلف بطابعه الشخصي على نحو يميزه من غيره من الابتكارات فيجعل من العسير الخلط بينهما.

      أما الفقه العراقي فعرف الابتكار بأنه بروز المجهود الشخصي لصاحب الفكرة بصرف النظر عن قيمتها الأدبية واهميتها المادية سواء كان الإنتاج كله من خلق المؤلف أو قام على عناصر مختلفة جمعها ورتبها بشكل خاص، أي يجب ان تبرز شخصية المؤلف عند انتاج مصنفه.

     وهذا الامر يستوجب أن يبذل المؤلف مجهوداً ذهنياً يضفي من خلاله على مصنفه طابع شخصي يكون نابعاً عن روحه وملكاته، والاصالة في الانشاء تعني بروز شخصية المؤلف في بناء المصنف وتركيبه، فيكون الانشاء وليد أفكاره دون أن يكون مصنفه مشتقاً من مصنف آخر، كما أن فكرة الابتكار لا تنضج ولا تظهر محتواها ومضمونها إلا بمقارنتها بفكرة الجدة، بالرغم مما يدعيه البعض من أن هاتين الفقرتين متطابقتين فإن بينهما فارقاً كبيراً.

      فالابتكار يشترط فيه ابتداءً أن يتضمن ما يدل على شخصية المؤلف بحيث يكون انعكاساً لهذه الشخصية، بمعنى آخر أن يكون الابداع أصيلاً، أي أن يدل المصنف بشكل قاطع على المؤلف الذي قام بإبداعه، ويجعل من هذا المصنف وليد فكره لا فكر غيره، أي أن يحمل العمل الفكري بصمة شخصية تدل بلا أدنى شك على من اوجده واخرجه للوجود.

     فمتى ما وجد أن هناك إبداع مرتبط بفكـــــر المؤلف ارتباطاً وثيقاً، لذا يشترط فيه أن يتضمن ما يـــــدل على شخصية المؤلف بحيث يكون انعكاساً لهذه الشخصية، بمعنـــــى آخر أن يكون الإبداع أصيلا، أي أن يدل المصنف بشكل قاطــــع على شخص المؤلف الذي قام بإبداعـــــه، ويجعل من هذا المصنف وليد فكره لا فكر غيره.

     وعلى الرغم من أن قانون حق المؤلف العراقي لم يحدد بشكل دقيق من هو المؤلف إلا أنه حدد من يتمتع بحماية القانون بالقول أنه: "يتمتع بحماية هذا القانون مؤلفوا المصنفات الاصيلة في الآداب والفنون والعلوم أياً كان نوع هذه المصنفات او طريقة التعبير عنها او اهميتها والغرض من تصنيفها".

      ويتبين من ذلك إن كل شخص أنتج مصنفاً مبتكراً يكون له حق المؤلف على ما وضع فيه من ابتكار وإسهام فكري وعلى القانون أن يحميه من أي اعتداء أو انتهاك على ما أنتجه.

 

      كما إن التشريع المصري وصف المقصود من المؤلف بالقول: "المؤلف الشخص الذي يبتكر المصنف....".

 

      بينما ذهب المشرع الفرنسي بتعريفه للمؤلف بالقول بأنه: "من يقدم عملا ذهنيا أيا كان نوعه وطريقة التعبير عنه أو أهميته "، وقد أشار أيضا في نص آخر على " إن صفة المؤلف تخص الذي تم تحت اسمه نشر الإنتاج ألا إذا قام الدليل على عكس ذلك".

    ويتبين لنا من هذا العرض أن شخص المؤلف هو من تثبت له صفة ابتكار العمل الفكري، وقد تبنى التشريع في فرنسا ومصر والعراق ضمنياً لهذا المفهوم في تعريف المؤلف، وأن كان هناك من ينتقد تعريف المؤلف بأنه " الشخص الذي يبتكر المصنف " ويرى استبداله بتعريف " صاحب الإنتاج الفكري "، على اعتبار أنه ليس كل نتاج فكري يمكن أن يرقى إلى مستوى الابتكار، مما يعني أن الآخذ بهذا القول يجعلنا نأخذ بالمفهوم الموضوعي للعمل الفكري بدلاً من المفهوم التقليدي، الذي جعل من المؤلف مصدر اهتمام التشريع وأصبح الابتكار هو المحور الذي يرتكز عليه تعريف المؤلف أو تحديد صفته.

     والملاحظ أن الأساس الذي ينهض عليه هذا الاتجاه، هو الطابع الشخصي المستمد من قدرة المــــؤلف على الابتكار والإسهام الخــــــلاق في مجال من مجالات المعرفة والآداب والعــــــلوم، بشكل لا يجعل هناك شك حول نسبة هذا الابتكار إليه، بمعنى أكثر دقة أن تظهر بصمة المــــــؤلف الشخصية بشكل واضح على نتاجه الفكري.

     وقد أثرت الفلسفة الشخصــــــية على تعريف الابتكــــــار فقهاً وقضاء، إذ أصبح المحور الذي ترتكز عليه هذه التعريفات يرتبط بما يعبر به المؤلف عن شخصيته، لذا نجد التعريف الفقهي له بأنه: "نتاج العمل الذهني الحر الذي يعبر به المبدع عن شخصيته"، أو "هو البصمــــــة الشخصيــــــة التي يضعها المــــــؤلف على مصنفه"، والناظر للقضاء الفرنسي يجد انه يتلمس البعد الشخصي لمفهـــــوم الابتكـــــــار فيما إذا كان المــــــؤلف قد خلع شيئاً من شخصيته على المصنف سواء أكان ذلك في تنظيمه للآراء أم في طريقــــــة التعبير عنه أم أسلوب المعــــــالجة، وتقدير مثل هذا الأمر يعود بطبيعة الحال لسلطة القضاء تبعــــــاً لكل حالــــــة على حدة.

 
 
 

 

2-     المؤلف هو من يمنحه القانون الحقوق

 

   إن صفة المؤلف وفقاً لهذا الاتجاه تمنح لأشخاص محددين ولو لم يكن هؤلاء هم من قاموا بابتكار العمل الفكري فعلاً، وعليه فأن مسألة من هو المؤلف تعد مسألة قانون؛ بمعنى أن القانون أفترض أن الشخص الذي يتمتع بحقوق وامتيازات حق المؤلف، هو المؤلف بغض النظر عن كونه هو من قام فعلاً بابتكار العمل أو لا.

     ويسود هذا الاتجاه في الدول الانكلوسكسـونية التي تكيف حق المؤلف على أنه ذو طبيعة ماليـــة دون الاعتداد بالحقـــوق المعنوية، وعليه ووفقاً للقانون الأمريكــــي لا يكون الشخص الذي يبتكر عمــــلاً فكرياً أثناء تأديته لعمله لــــــدى رب العمل مؤلفـــــاً، وإنما يكون صاحب العمل هو المؤلف.

     فصفة المــــــؤلف تنهض في هذا الاتجاه على أســـــاس مــادي وليس شخصي فرب العمل على سبيل المثال هو الأساس في إيجاد العمل وليس من ابتكر العمل ولولاه لما وجد العمل، فجدارة الحماية هنا ترتبط بمن أوجد العمل وهي بهذا المفهوم تحمي النـــــاشر أو من تولى الطبع وليس المــــؤلف، على عكس الاتجاه التقليـــــدي الذي يقوم على ارتباط شخصي بين المؤلف والنتاج الفـــكري، لذا فان الفقه الإنجليزي يعرف المصنف المبتكر بأنه: " كـــــل ما ليس منقــــولاً عن غيره"، مؤكـــــد في ذلك على أن الابتكار يكون أقرب إلى الموضــــوعية منه إلى العنصر الشخـــــصي.

    ونميل إلى القول بالاتجاه الأول الذي يجــــــعل من المؤلف كل شخص ابتكر نتاجاً فكرياً واسهم إسهاماً فاعلاً في إنتاجه، على خلاف الاتجاه الموضوعي الذي جرد المـــــؤلف من حقه في نسبة الابتكـــــار إليه وغلب العنصر المــــــادي على العنصر المعنوي، الذي هو بغية المشرع من سن التشريعات والقوانين التي تحمي المؤلف ونتاجه الفكــــــري، بالشكل الذي يجعل من الابتكار محــــــور الحماية وأساسها.

 

ثانياً: تحديد صفة المؤلف بين أعمال التكيف والمسائل الأولية

 

    لتحديد القانون الواجب التطبيق الذي يحكم وصف المؤلف بالشكل الذي بيناه، ينبغي أن نقف عند الخلاف الفقهي الذي ثار في مجال العلاقات الخاصة الدولية، والذي يتمحور حول هل يعد تحديد وصف المؤلف من أعمال التكييف أم هو من أمور المسائل الأولية؟ وهو ما نبحثه تباعاً: -

 

1-     تحديد وصف المؤلف يعد من أعمال التكييف

 

     هناك من يرى أن تحديد صفة المؤلف يعد من أعمال التكييف، لذلك فإن أول ما يتصدى له القاضي وهو بصدد الفصل في نزاع ذي طابع دولي هو تحديد الوصف القانوني للمسألة أو العلاقة موضوع النزاع بقصد إدراجها في أحد الطوائف التي خصها مشرعه بقاعدة إسناد، تمهيداً لتطبيق الأحكام الموضوعية في القانون المختص الذي حددته قاعدة الإسناد ابتداءً، وتسمى هذه العملية بالتكييف، والتكييف في القانون الدولي الخاص يعرف بأنه: "عملية فنية تستهدف تحديد الطبيعة أو الوصف القانوني للمسألة التي تثيرها وقائع المنازعة ذات العنصر الأجنبي، وذلك بغية إدراجها في طائفة معينة من طوائف العلاقات القانونية التي وضع لها القانون قاعدة تنازع"، بمعنى القواعد التي يتم من خلالها تحديد طبيعة المسألة المتنازع فيها لتحديد طبيعتها ووضعها في نطاق طائفة من النظم القانونية لكي يسند حكمها إلى قانون معين".

      والتكييف هو السبيل الذي يتم من خلاله معرفة قاعدة الإسناد التي تحكم المسألة المطروحة، وقد نادى بعض من الفقه في مجال حق المؤلف بضرورة إلا نخضع مسألة تحديد من يتمتع بصفة المؤلف لقواعد تنازع القوانين، بل يجب اعتبار هذه المسألة من مسائل التكييف، وعليه ينبغي أن تخضع لقانون القاضي المعروض عليه النزاع، إلا أن هذا الرأي مرفوض من جانب من الفقه، والذي يرى أن من شأن التكييف أن يؤدي إلى تحديد الطائفة القانونية للإسناد والتي بدورها تؤدي إلى تحديد القانون الواجب التطبيق، وهذا الأمر ما لا يتصور أن يتم أو يمكن أن نصل إليه عند تحديد وصف المؤلف؛ لأن تحديد من هو المؤلف ــــــ هل هو مبتكر العمل الفكري أم من يعطيه القانون هذه الامتيازات ــــــ لا يتوقف عليه تحديد طائفة قانونية معينة من طوائف الإسناد كما هو الحال في التكييف، بل يترتب عليه مدى أحقية المدعي في رفع الدعوى؛ ولهذا فهو يختلف عن التكييف ولا يعتبر من مسائل التكييف، لاسيما وأن تحديد طائفة الإسناد القانونية في نزاعات حق المؤلف تبدأ من بعد تحديد مدى أحقية الشخص في رفع الدعوى بكونه مؤلفاً من عدمه، ويتم ذلك من خلال النظر إلى العمل الذهني ذاته ومعرفة انتمائه إلى أي طائفة قانونية من طوائف الإسناد، ومن الثابت أن تحديد الأعمال الذهنية يختلف من دولة إلى أخرى، فبعض الدول تحدد الأعمال الذهنية التي تخضع للحماية، بينما تحدد دول أخرى الشروط والمواصفات التي يجب توافرها في العمل حتى تشمله الحماية ، وهو ما يعني عدم إمكان النظر إلى صفة المؤلف على أنها مسألة تكييف، لان تحديد من هو المؤلف يسبق مسألة التكيف نفسها.

 

2-     تحديد وصف المؤلف من المسائل الأولية    

 

     يذهب رأي أخر -مخالف لما سبق ذكره- إلى اعتبار تحديد وصف المؤلف من المسائل الأولية، وإن تحديد المسائل الأولية قد يتم وفقاً لقواعد التنازع الوطنية وهي قواعد التنازع الواردة في قانون دولة القاضي، أو أن يتم وفقاً لقواعد التنازع الموجودة في القانون المختص بحكم المسألة الأصلية، وهو ما نبحثه على النحو الآتي: -

 

أ‌-      تحديد المسائل الأولية وفقاً لقانون القاضي

 

     يرى جانب من الفقه ضرورة الرجوع إلى قواعد التنازع الموجودة في قانون القاضي المعروضة لديه الدعوى، لفض النزاعات المتعلقة بالمسائل الأولية والتي قد تثور عند النظر في المسائل الأصلية، أي معاملة المسائل الأولية كمعاملة المسائل الأصلية والتي يرجع لفض التنازع فيها إلى قانون القاضي؛ فهم يرون أن المسائل الأولية يجب ألا تكون مستقلة عن المسائل الأصلية، ولأنصار هذا الرأي حججهم وأسانيدهم التي يرون فيه سبب مقنع للأخذ بهذا الرأي، وهذه الحجج نجملها بالآتي: -

v   شمولية اختصاص قواعد التنازع، فهذه القواعد لها دور محدد ينصب على اختيار انسب القوانين لحسم المسألة موضوع النزاع، وليس هناك من مبرر للتنازل عن هذا الدور لقواعد التنازع الأجنبية في مسائل أولية تثار أمام القاضي الوطني الملزم باحترام قواعد التنازع في قانونه.

v   وحدة الطبيعة الجوهرية للنزاع، أي خلاف بين المسائل الأصلية والمسائل الأولية لا يعد خلافاً في جوهر وطبيعة المسألة، وإنما هو خلاف في الأسبقية الزمنية، فالمسألة الأولية تسبق المسألة الأصلية في العرض على القضاء، ومثل هذا الخلاف يجب ألا يؤدي إلى اختلاف قواعد التنازع الواجبة التطبيق.

v   الارتباط بين المسألة الأولية والأصلية، وهذا الارتباط يجعل الفصل في المسألة الأصلية غير ممكن قبل البت في المسألة الأولية، وهذا الارتباط يدعو للقول بتطبيق قواعد التنازع ذاتها على المسألتين.

v   يعتبر تطبيق قواعد التنازع في قانون القاضي هو التطبيق الأمثل لاسيما في الدول التي لا تأخذ بنظام الإحالة، إذ أن تطبيق قواعد التنازع في قانون الدولة التي تحكم المسألة الأصلية إنما هي من مسائل الإحالة المرفوضة لدى العديد من الأنظمة القانونية.

 

ب‌-     القانون المختص بالمسألة الأصلية

 

    على عكس الرأي السابق يرى جانب آخر من الفقه أنه في حالة وجود تنازع بين القوانين في مسألة من المسائل الأولية كمسألة تحديد صفة المؤلف فأن القاضي من اجل فض هذا النزاع يلجأ إلى قواعد التنازع الموجودة في القانون الذي يحكم المسألة الأصلية التي ينظر فيها، بمعنى أن المسألة بكاملها (بمسائلها الأصلية والأولية) ألقيت على كاهل القانون الأجنبي ليحكمها ويفض أي نزاع قد ينشأ فيها لاحقاً طالما أن قواعد التنازع الوطني قد أشارت إليه ابتداءً، وأسانيد هذا الرأي ندرجها بالآتي: -

v   إن الأخذ بهذا الرأي يؤدي إلى احترام المنطق الداخلي للقانون الأجنبي المختص بالمسألة الأصلية، فالقانون الأجنبي قانون واحد لا فرق فيه بين قواعده الموضوعية وقواعده المتعلقة بالتنازع.

v   عدم وجود علاقة بين قانون القاضي والمسألة الأولية وهي بعيدة عن النظام القانوني للقاضي، وهذا يدفع أنصار هذا الرأي إلى استبعاد قواعد التنازع في قانون القاضي وبالتالي تطبيق قواعد التنازع في القانون المختص بالمسألة الأصلية.

v   صيانة الحقوق المكتسبة، وذلك لأن الارتباط بين المسألة الأولية والأصلية يكسب المسألة الأولية حقاً ووضعاً معيناً في ظل قانون الدولة الأجنبية المختصة بالمسألة الأصلية مما يعني احترامه وصيانته، والقول بخلاف ذلك يقود إلى الاعتداء على سيادة الدولة الأصلية، ويؤدي إلى عدم الاستقرار في المراكز القانونية التي نشأت أو انقضت وفقاً لقانونها.

     والقول الأخير بتطبيق قواعد التنازع الواردة في قانون الدولة المختصة بالمسألة الأصلية قد يقودنا إلى قبول الإحالة، وهي الأمر المرفوض من قبل بعض التشريعات التي لا تقر بالإحالة إلا من الدرجة الأولى فقط، وعليه لا يمكن التسليم بأنه في حال وجود تنازع في بعض القوانين فيما يخص تحديد صفة المؤلف باعتبارها مسألة أولية تثور عند النظر في مسألة أصلية فإنه ليس أمامنا إلا تطبيق قواعد التنازع الموجودة في قانون القاضي لفض مثل هذه النزاعات، على اعتبار أن التشريعات الوطنية غالباً ما ترفض الإحالة، ولقد ذهبت بعض الأحكام القضائية إلى مثل هذا القول كما هو الحال في الحكم الصادر من محكمة باريس في 14 مارس 1991 والذي قضت فيه إخضاع مسألة من هو صاحب حق المؤلف إلى قواعد تنازع القوانين الفرنسية بحكم معاهدة برن لم تتعرض لتحديد هذه المسألة .

     والملاحظ بأن المحكمة في الحكم المتقدم قد أخضعت تحديد من هو المؤلف باعتباره من المسائل الأولية إلى قواعد التنازع الواردة في قانون القاضي ليحدد القانون الواجب التطبيق عليها والذي سيختلف باختلاف تشريعات الدول، ومثل هذا التطبيق يؤكد أمرين: الأول، تطبيق القضاء الفرنسي لقانون الدولة الأصلية للعمل على مسألة مدى توافر صفة المؤلف في الشخص. والثاني، أن قانون الدولة الأصلية للعمل هو قانون الدولة التي ينشر فيها المصنف لأول مرة.

 
مقال مقدم من: م. إخلاص مخلص أبراهيم

مدرس القانون الخاص/جامعة الانبار/كلية القانون والعلوم السياسية-قسم القانون