المحكمة الاتحادية في العراق بين النصوص الدستورية والتوافقية السياسية

المحكمة الاتحادية في العراق بين النصوص الدستورية والتوافقية السياسية

 اعداد: د. وديع دخيل

        ان تجربة المحكمة الاتحادية العليا في العراق حديثة نسبيا بالمقارنة مع الدول الأخرى كالولايات المتحدة الأمريكية التي تعد من اولى الدول في هذه التجربة,  فالمحكمة الاتحادية في العراق تعمل بموجب نصوص دستور 2005 النافذ الذي بين  وجود هذه المحكمة حسب المادة (92/اولا) ,وبين أيضا تشكيلها الذي يتكون من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الاسلامي وفقهاء القانون  بموجب نص المادة(92/ثانيا) الا ان تشكيلها بقى وفق قانونها الذي صدر قبل هذا الدستور من تسعة قضة فقط ولم يتم اشراك خبراء الفقه الاسلامي وفقهاء القانون بسبب الخلافات السياسية حول هذا الامر ,وبين صلاحياتها المختلفة في المادة (93),  فهذه المحكمة يجب أن تعمل على وفق ما تقضي به النصوص الدستورية التي حددت الاختصاصات المختلفة للمحكمة الاتحادية,  دون الاكتراث للضغوط السياسية والحزبية لان العمل القضائي يكون بشكل محايد ومستقل ولا سلطان عليه لغير القانون وهذا ما نص عليه دستور العراق النافذ بالمادة (19/ اولا) فكل الأعمال التي تقوم بها هذه المحكمة من حيث النظر بدستورية القوانين, او تفسير نصوص الدستور, او اي اختصاص  اخر من اختصاصاتها يجب أن يكون وفق الدستور والقانون, الا ان الوضع السياسي في العراق يسير في كثير من الأحيان على التوافقات السياسية بين الاحزاب والكتل السياسية, إذ ان الوضع السياسي العراقي يقوم  على التوافق والتراضي بين هذه الكتل, مما يؤدي ذلك إلى خضوع الكثير من الأمور في  الدولة للتوافق السياسي, والمحكمة الاتحادية العليا في العراق ليست ببعيدة عن العملية السياسية وما يجري بها من توافقات سياسية , فكل صغيرة او كبيرة يتم الاختلاف عليها دستوريا يتم اللجوء إلى هذه المحكمة من أجل تفسير او تحديد المقصود بها, او لحسم النزاع الحاصل بين المتخاصمين, فنلاحظ المحكمة الاتحادية قد اصدرت العديد من القرارات في مواضيع متشابهة او مختلفة, الا انها تعدل وتتراجع عن قراراتها وتعطي مبدأ جديدا يختلف عن السابق و بنفس الموضوع, ومن هذه القرارات القرار رقم ??/ اتحادية / ???? في ??/ ??/ ???? الخاص بالأغلبية المطلقة إذ عدلت عن هذا القرار وبينت في قرار جديد ان الاغلبية المطلقة هي أكثر من نصف العدد الكلي لأعضاء المجلس اما الاغلبية البسيطة فتعني اكثر من نصف العدد الكلي للحاضرين بعد تحقق نصاب انعقاد الجلسة وكذلك قراراتها الخاصة بالمدد الدستورية الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية واختيار مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا وغيرها من القرارات الاخرى التي تدل على تأثر المحكمة الاتحادية العليا بشكل او بآخر  بالتوافقات التي تحصل بين الاحزاب والكتل السياسية وهذا يفسر إلى أن المحكمة الاتحادية تساير الوضع في العراق من أجل احتواء المشاكل السياسية والحفاظ على العملية السياسية في العراق, خصوصا وان العراق فيه تنوع سياسي كبير يحتاج إلى مرونة كبيرة في العمل وهذا الذي يجعل المحكمة الاتحادية تساير هذا أمور من أجل تسيير شؤون الدولة بما يخدم المصلحة العامة فأصبحت المحكمة الاتحادية في العراق تتاثر بشكل او بآخر التوافقات السياسية ولا تخرج عنها من اجل مسايرة الاحداث السياسية واعطاء مرونة للنصوص الدستورية لكي تنسجم مع الواقع الذي يعيشه العراق .