تطويع قواعد التنفيذ العيني الجبري وفق مبادئ حقوق الإنسان بين الرأفة بالمدين وتحقيق العدالة للدائن

 تدور فكرة الموضوع حول تطويع قواعد التنفيذ العيني الجبري مع متطلبات حقوق الإنسان من خلال انسنة طرق التنفيذ بجعلها تلبي متطلبات تطوير القواعد التنفيذية وتستوفي المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

 إذ تعمل الانسنة على  إيجاد وسائل تنفيذية تحقق الموازنة بين مصلحة الدائن ومصلحة المدين عبر جعل الذمة المالية للمدين وحدها ضامنة للوفاء بديونه . وإذا كان من الضروري الإبقاء على بعض الوسائل التي تتعارض مع قواعد حقوق الإنسان . فأن ذلك يجب أن يكون عبر تضييق نطاقها ووضع ضوابط لها .

وتأتي أهمية ذلك من ضرورة التركيز على جعل قواعد التنفيذ الجبري قواعد فعالة بحيث يكون للدائن استخدام وسائل تنفيذية لإجبار مدينه على الوفاء بالتزامه . ولكن يجب أن لا يكون ذلك عن طريق استخدام وسائل تنفيذية تحط من كرامة المدين وإنسانيته .

 إذ يجب وضع قواعــــد تنفيذية تحافظ على كرامة المدين وإنسانيته في كافة الظروف والأحوال . وأن تؤخذ حقوقه الأساسية بعين الاعتبار ، وفي ذات الوقت يكون للدائن القدرة على استيفاء حقوقه عن طريق وسائل تنفيذية فعالة لا تتقاطع مع قواعد حقوق الإنسان.

كما تبرز أهمية موضوع  تطويع تلك القواعد في كيف أن هذه الأسنة كما تساهم في استيفاء المعايير الدولية لحقوق الإنسان تسهم أيضاً في تطوير القواعد التنفيذية ورفع كفاءة دوائر التنفيذ عبر جعلها مواكبة لقواعد حقوق الإنسان.

ويكمن القصور في قواعد التنفيذ الجبري باحتوائها على وسائل تنفيذية على الرغم من إنها تمكن الدائن من استيفاء حقه إلا إنها تحد من حرية المدين، ومنها منع المدين من السفر ،وحبس المدين الوسيلة المتعارف عليها في ظل القوانين القديمة. وقد تم هجرها من قبل غالبية التشريعات الحديثة بعد تطور الفكر القانوني بهذا الخصوص.

 أن المشرع العراقي قد أعطى للدائن الحق في التنفيذ والذي يعد حق من حقوق الإنسان بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الحق في محاكمة عادلة اقرته الدساتير والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان .

مما تقدم تبين لنا أن المشرع قد منح الدائن وسائل فعالة تكفل استيفاء حقه فضلاً عن حق الدائن في الضمان العام على أموال مدينه ، والحق في القاء الحجوز التحفظية والتنفيذية ، يملك الدائن أيضاً وسائل أخرى مثل الحق في حبس المدين ومنعه من السفر ، غير أن هذه الوسائل من شأنها أن تنتهك كرامة المدين وحريته إذا ما تم وضع ضوابط وقيود لها .

 إذ أن المنع من السفر وحبس المدين هي أقل الطرق فعالية لاسترداد الديون، لا سيما من الأفراد المعوزين، وهو ما يتفق مع مجموعة كبيرة من الأبحاث العالمية التي أجراها البنك الدولي والمؤسسات المالية الأوروبية. كما أنها لا تعالج المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التي تؤدي إلى استدانة هؤلاء الأفراد في المقام الأول للخلاص من الحبس.

 

 

م.د ورود خالد محمد

جامعة الانبار / كلية القانون و العلوم السياسية

قسم القانون