الاقتصاد الرقمي وتحديات تطور تكنولوجيا المال في العراق

الاقتصاد الرقمي وتحديات تطور تكنولوجيا المال في العراق

 الاقتصاد الرقمي وتحديات تطور تكنولوجيا المال في العراق

الاستاذ الدكتور/ احمد حسين بتال

المقدمة

أدى التطور السريع للتقنيات الرقمية إلى ظهور ظاهرة "الاقتصاد الرقمي" و الاخير هو اقتصاد يقوم على التقنيات الرقمية والمعلوماتية والاتصالات ،اذ تؤثر التحولات الرقمية على جميع المجالات الإنتاجية وكذلك على النشاط الاقتصادي والاجتماعي ، والخدمات اللوجستية ، والتسويق ، خدمات الإدارة العامة .ويوفر الاقتصاد الرقمي التفاعل بين مؤسسات الأعمال في مجالات كثيرة مثل إنشاء واستخدام تقنيات ومنتجات جديدة ، وخدمات الاتصالات ، والأعمال التجارية الإلكترونية ، والتجارة الإلكترونية ، والأسواق الإلكترونية ، والخدمات عن بُعد . لذلك يعد الاقتصاد الرقمي احد الاسباب الرئيسية للانتقال الى الثورة الصناعية الرابعة . وتظهر الاحصائيات ان الانتاجية ارتفعت الى 30 ضعفا بين عام 1760 م والوقت الحالي والسبب الاساسي هو التطور التكنولوجي السريع في مجال الاتصالات والصناعة المالية(FinTech أو fintech) . كما يلغ حجم الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا المالية لعام 2020 ما يقارب 1216 مليار دولار على مستوى العالم .

التمويل الافتراضي وتكنولوجيا المال

نظرًا لإضفاء الطابع الافتراضي على التمويل الحديث ، تتطور شركات التكنولوجيا المالية انشطتها باستمرار ، وتساهم الطبيعة الافتراضية للتمويل في تسارع الرقمنة للعمليات المالية المختلفة وتنشيط الابتكارات المالية الحديثة والابتكار الامر الذي يسرع  في تطوير القطاع المالي في الاقتصاد الرقمي، لذلك يتم استخدام التقنيات المالية الرقمية الجديدة في مختلف القطاعات الاقتصادية ، اذ من خلال امتلاك هاتف محمول يمكن اجراء عمليات مالية مختلفة منها ؛ الإقراض غير المصرفي والتمويل الأصغر ؛ تحويل الأموال والتداول عبر الإنترنت ؛ التطبيقات التي تساعد في إدارة الشؤون المالية الشخصية وإجراء المحاسبة الإلكترونية في مجال الأعمال التجارية الصغيرة ؛ إدارة المبيعات باستخدام التسويق الرقمي، خدمات التأمين الرقمي والتمويل الجماعي ؛ المحافظ الإلكترونية وبطاقات الخصم والائتمان ؛ منصات تسجيل النقاط المستخدمة لتقييم مخاطر الاستثمار ؛  والتي بفضلها أصبحت المعاملات اكثر شفافية ، يتم تنفيذها على الفور ، وتقصير الوقت وتغطية أي مسافة. ، كما تُستخدم تقنية (بلوكشين) للتحويلات والمدفوعات والأمن السيبراني وضمان السيولة العالية للأصول.

تحديات التكنولوجيا المالية على الاستقرار الماليتمارس التقنيات المالية دورًا خاصًا في التحول الحديث للنظام المالي ، كما أنها تساعد في تحسين النشاط المالي وزيادة ربحيته، علاوة على ان  السمة الرئيسية للتقنيات المالية هي قدرتها على خلق ابتكارات في النظام المالي. كما انها تزيد  العولمة المالية للأنظمة الاقتصادية ، وزيادة عدد المشاركين في السوق المالية العالمية وتفاعلهم السريع المتأثر بتطور التقنيات الحديثة ادى إلى تزايد التعقيد المؤسسي للنظام المالي العالمي وبالتالي يتم إنشاء المزيد من الفرص لتطوير النظام المالي. الا  ان التعقيد المتزايد للنظام يؤدي إلى زيادة التزامن بين أجزائه المختلفة قد يقود الى عواقب غير متوقعة وتراكم الاختلالات الاقتصادية ، مما يؤدي إلى بيئة يحتمل أن تكون غير مستقرة وغير مؤكدة إلى حد كبير. وقد تهدد التكنولوجيا المالية استدامة النظام العالمي بأكمله ، لأن استخدام الانظمة المالية الاشرافية التقليدية قد تصبح غير فعالة  في مواكبة التقنيات المالية الجديدة، مما يؤدي إلى عواقب غير متوقعة مزعزعة للاستقرار المالي. مما قد يجعل البنوك المركزية والمؤسسات الدولية ذات العلاقة غير قادرة على تحمل التحديات الجديدة ، وهو عامل إضافي في زيادة عدم اليقين والاضطراب في النظام المالي.

التكنولوجيا المالية في العراق

وعلى الصعيد المحلي يعاني العراق من ضعف في استخدام التكنولوجيا المالية ، وعلى الرغم من انتشار استخدام الهاتف النقال بشكل واسع اذ بلغت نسبة مستخدمي الهاتف النقال اكثر 96% ، لعام 2019 ، بينما بلغت نسبة مستخدمي الانترنيت ما يقارب 50% من اجمالي السكان ، لكن لازال استخدام التكنولوجيا المالية محدودة قياسا الى عدد مستخدمي الهاتف النقال ، وحسب احصائيات عام 2018 بلغ حجم التحويلات المالية ما يقارب 400 مليون دينار عراقي فقط من خلال الهاتف النقال، وهو مبلغ ضئيل ، يعكس ضعف السياسات الحكومية في نشر وتوفير البنى التحتية سواء كانت قوانين او مؤسسات متخصصة في تعزيز الشمول والتنمية المالية ومن ثم تعزيز تكنولوجيا المالية، لذلك هنالك حاجة ماسة لدعم سياسات محو الامية المالية ونشر المعرفة المالية من خلال وزارة المالية والبنك المركزي العراقي ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات ذات العلاقة ، بما يساهم في نشر الخدمات المالية لكل فئات المجتمع وهذا سوف يساهم في مواجهة البطالة ودعم النمو والتنمية الاقتصادية ورفع المستوى المعيشي لكافة افراد المجتمع .

الخاتمة

في عصر الثورة الرقمية والثورة الصناعية الرابعة ، يعد تطوير صناعة التكنولوجيا المالية أولوية. هذه الصناعة ذات أهمية كبيرة لأنها تساهم في نمو الرفاهية والتقدم الاجتماعي والاقتصادي. لذلك ، هناك حاجة إلى دعم شامل لتطوير التقنيات المالية الرقمية الجديدة. أدوات هذا الدعم هي دعم إنشاء وتنفيذ الابتكارات المالية الرقمية ، وتحفيز الشركات الناشئة الرقمية ، ودعم الشركات في تنفيذ التقنيات المالية الرقمية ، وتشكيل سوق رقمية. ومن وجهة نظر القطاع الخاص ، يؤدي استخدام التقنيات الرقمية وتطويرها إلى خفض التكاليف وزيادة مستوى الربحية والتكيف بشكل أفضل مع متطلبات السوق. ومن المتوقع ومن خلال تسريع تطبيقات الذكاء الاصطناعي ، بالإضافة إلى التقنيات الرقمية الأخرى ، والتي سيتم استخدامها ، إلى جانب البيانات الكبيرة ، يمكن التنبؤ بتفضيلات المستهلك ، وتعزيز الأمن السيبراني ، وتحسين كفاءة كل من الشركات المالية التقليدية والرقمية.