مقال أكاديمي للاستاذة  شيماء عدنان تايه

مقال أكاديمي للاستاذة شيماء عدنان تايه

 

 

 

   مقال أكاديمي بعنوان ((حواء بين الاحتواء والانطفاء))

     هل يستطيع احدنا ان يتخيل شكل الحياة دون وجود المرأة؟، ربما ستكون الحياة صعبة مليئة بالمشكلات التي لا تنتهي, فالحياة لا يمكن ان تكتمل بدون طرفي معادلة الحياة الا وهما آدم وحواء، الرجل والمرأة، الذكر والأنثى , فقد خلقهما الله كي ينشأ منهما أسرة سعيدة متعاونة، وليس تسلطًا من طرف على طرف آخر، وغلبة الجانب القوي على الضعيف منها, فالمرأة هي كائن خلقه الله لينًا هشًا ظاهريًا يحتاج إلى الاحتواء من الأب والأخ والزوج ليكون لها سندًا في هذه الحياة ليمسك بيدها ويسند ظهرها في كل خطوة تخطوها في مسيرتها العلمية، فيا لها من محظوظة من وجدت هذا السند في زوايا حياتها، حيث سيعمل على رفعها الى اعلى المراتب وايصالها الى العالمية في بعض الاحيان، من خلال دعمها اذا ما عثرت في خطواتها ويأست فحينها سينير لها شمعة الامل ويقويها بكلام يعيد لروحها بريق الحياة ويجعلها تكمل مسيرتها بكل فخر لأنها تملك من يعزها ويثني عليها ويحتويها، وهناك امثلة على وجود هذا الدعم والاحتواء والايمان بالفتاة ايمانًا قويًا فأخذها الى مواقع يتنافس عليها الرجال الا وهو قصة (سميرة) ووالدها موسى، فقد كان والد سميرة رجلا بسيطا غير متعلم ولكنه كان مهتمًا بأمور العلم والتعليم، وكان ميسور الحال يسكن في قرية تدعى (سنبو) في محافظة الغربية في جمهورية مصر العربية. في عام 1917 كان الحاج موسى على موعد لولادة بنت لتنضم لأخواتها الثلاث، وبالفعل اتت هذه النابغة الصغيرة والتي اطلق عليها إسم (سميرة) وعندما كانت في الصف الثالث الابتدائي وبالتحديد في عام 1927 توفي عراب الثورة المصرية سعد زغلول فحزن والدها عليه كثيرًا وقرر اقامة عزاء على روحه في داره، ولما تجمع الناس ارادوا قراءة نعي لسعد زغلول من مصدر الاعلام الوحيد انذاك الا وهو الصحف الرسمية، فلم يجدوا من يقرأه لهم، فنادى موسى ابنته لكي تقرأ لهم النعي، وبالفعل اتت سميرة ونظرت الى الجريدة نظرة خاطفة، ثم تركتها وتسلقت سلم منزلها وبدأت بقراءة النعي لهم عن ظهر غيب، فإنبهر الحضور بها وبذاكرتها الحادة، ولكن اكبر المنبهرين بها كان والدها الحاج موسى، فقرر بيع املاكه من اراضي وبساتين وان يسافر بها الى القاهرة لكي تنال افضل التعليم ولكي تعزز ايمانه الاعمى بها، وهذا ما حصل فقد اختارت سميرة ان تدخل كلية العلوم في عام 1936 الى ان اصبحت اول عالمة ذرة مصرية، واول معيدة في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا) ,هذا ابسط مثال على معنى الاحتواء والاهتمام الذي اعطاه الاب لأبنته فكم من انثى كان في حياتها مثل هذا السند من اب واخ وزوج وفمجتمعنا يزخر بمثل هذه الشخصيات العظيمة، و يا  لسوء حظها من كانت تحب العلم والتعليم ولم تجد مثل موسى والد سميرة فلم يكن امامها سوى ان تنطفئ شمعة املها ووهج حياتها وتكتفي لتكون شخصا ليس له اي طموح او احلام سوى ما يفرضه عليها مجتمعها والاشخاص الذين يتواجدون في حياتها, وتفني نفسها فقط من اجل الحصول على عطفهم وحتى هذا الشيء لن تجده بالسهولة التي تتوقعها، فلكل اب واخ وزوج,,, ازرعوا الامل في حياة بناتكم واخواتكم وزوجاتكم علكم في يوم ما تفتخرون بها مثلها مثل سميرة ووالدها.

                                                   بقلم التدريسية

                                                     م. شيماء عدنان تايه

                                                    كلية التربية للبنات/ فرع العلوم التربوية والنفسية