استراتيجية الحفاظ على المياه من الهدر في ظل التغيرات المناخية

استراتيجية الحفاظ على المياه من الهدر في ظل التغيرات المناخية
Share |
2024-02-05
استراتيجية الحفاظ على المياه من الهدر في ظل التغيرات المناخية

  

م.م. يزن ياسين جبار

جامعة الانبار/ رئاسة الجامعة- مركز الدراسات الاستراتيجية

Yezn.yaseen@uoanbar.edu.iq

 الماء سر الحياة وشريانها الرئيس وهو ضروري لجميع انواع الكائنات الحية، كما قال عز وجل في محكم كتابه العزيز (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ? أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) (سورة الانبياء، الآية30). ومما يدل على اهمية الماء منذ القدم هو قيام الحضارات الاولى بالقرب من مصادر المياه كحضارة وادي الرافدين وحضارة وادي النيل، لتمارس مختلف انشطتها الحياتية التي تعتمد على المياه بشكل اساس، وهذا ينطبق على جميع الحضارات الاخرى في العالم التي كان الماء اساس تواجدها وبقائها، وقد قدس الاسلام والحضارات القديمة عنصر الماء ودعوا الى الحفاظ عليه.

ان التغيرات المناخية أصبحت من المشكلات التي تواجه العالم وبدت اثارها ملموسة، وهذا ما بدا واضحا من خلال ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الحرائق وتغير أنماط سقوط الامطار والجفاف وتكرار العواصف الغبارية وذوبان الجليد في المناطق القطبية وارتفاع منسوب مستوى سطح البحر، وترقق طبقة الأوزون في الغلاف الجوي وغيرها من الاثار الاخرى الناتجة عن التغيرات المناخية التي كان سببها عوامل طبيعية وأخرى بشرية.

ان جميع دول العالم تعاني من اثار التغيرات المناخية، ولكن بنسب متفاوتة بين دولة وأخرى، ولكن المناطق الجافة وشبه الجافة هي الأكثر تضررا في ذلك، وبما فيها العراق اذ يأتي العراق في المرتبة الخامسة عالميا ضمن البلدان الأكثر تضررا جراء التغيرات المناخية.

يواجه العراق أزمة شحة مائية وجفاف حاد، تسببت بانخفاض المخزون المائي الاستراتيجي، وتنذر بمخاطر بيئية وانسانية، فيما تؤكد وزارة الموارد المائية انها تتبع إجراءات ومعالجات لمواجهة الأزمة.

لكن الأزمة طالت مناطق واسعة، وألقت بظلالها على أنهر وبحيرات وأهوار العراق، من بينها بحيرة الحبانية في محافظة الأنبار غربي البلاد وخروجها عن الخدمة بحسب تصريح السيد مدير الموارد المائية في الانبار لوكالة (واع) بتاريخ 4/8/2023م.

ان آثار التغيرات المناخية ستتفاقم في حالة عدم وجود إجراءات عاجلة وجدية من قبل الحكومة والشعب معا، وستكون التكاليف البشرية المحتملة لهذه التغيّرات كبيرة، وقد تضرر بالفعل عدد كبير من السكان ونزحوا من مناطق سكناهم وتركو أراضيهم واعمالهم الزراعية بسبب الجفاف وندرة المياه، لذا يتوجب العمل وفق استراتيجيات جدية وحقيقية قابلة للتطبيق على ارض الواقع لتقليل اثار التغيرات المناخية.

 ولكن قبل البدء في التطرق الى الإستراتيجيات المقترحة لابد ان ننوه على ان الشحة المائية ليست سببها التغيرات المناخية فقط، بل ضعف الإدارة العامة للموارد المائية للبلد والضعف السياسي في المطالبة بالحصص المائية الكافية من حيث الكمية والنوعية من دول المنبع، كلها اسباب اجتمعت لتفاقم ازمة الشحة المائية في البلد وانخفاض مناسب المياه في الأنهار وخروج بعض البحيرات عن الخدمة.

اما عن الاستراتيجية المقترحة للحفاظ على المياه في ظل التغيرات المناخية فهي:

1-  ضرورة رفع الوعي لدى عامة الناس في أهمية المياه وكيفية الحفاظ عليه وترشيده وعدم الاسراف به وان هذا واجب انساني ووطني وديني، من خلال وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، وإدخال منهج دراسي يبدأ من رياض الأطفال والمدارس الابتدائية ثم الثانوية وصولا الى الجامعات.

2-  التنسيق مع دول الجوار من اجل ضمان حصة العراق المائية بالكفاءة والنوعية الصالحة للاستخدام البشري، اذ ان المياه التي تصل الى العراق على الاغلب ستكون مياه مستعملة للأغراض زراعية او غيرها لذا ستكون ذات نوعية رديئة.

3-  استعمال تقنية حصاد المياه لتجميع وخزن المياه اثناء هطول الامطار في المناطق المكشوفة، فضلا عن حصاد المياه من سطوح المنازل والأماكن العامة، ثم استعمالها وقت الحاجة.

4-  رفع جميع اشكال التجاوزات الحاصلة على المصادر المائية بما فيها التجاوزات الحكومية كأنابيب الصرف الصحي للمدن والمستشفيات، وتطبيق القوانين وفرض العقوبات على المتجاوزين.

5-  كري وتعميق مجاري الأنهار والقنوات المائية لتقليل المساحة السطحية وبذلك تقليل نسبة التبخر، وتبطين القنوات الاروائية، كذلك يمكن استخدام كرات الظل العائمة لتغطية سطح المياه وهي كرات بلاستيكية مصنوعة من البولي ايثيلين عالي الكثافة وتستعمل في الدول المتقدمة واثبت نجاحها في تقليل كمية الضائعات المائية بسبب التبخر.

6-  تنصيب عدادات المياه في المنازل لترشيد استخدام المياه وعدم الاسراف.

7-  الابتعاد عن طرق الري التقليدي (الري السيحي) واعتماد طرق الري الحديثة (الري بالرش او التنقيط) لتقليل كمية المياه المستخدمة في عملية الري وكذلك تقليل الضائعات المائية سواء بالتبخر او التسرب.

8-  يجب ان تكون عملية الري في الصباح او المساء لتقليل نسبة التبخر.

9-  استعمال الأصناف النباتية القابلة لتحمل الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة، والابتعاد عن المزروعات التي تحتاج الى كميات مياه كبيرة.

10-         الاهتمام بزراعة الأشجار لدورها الكبير في تلطيف الجو وتقليل درات الحرارة مما يسهل في تقليل نسب تبخر المياه.

11-         أخيرا تحلية مياه البحر (مياه الخليج العربي) في البصرة جنوب العراق وهو مقترح بعيد التطبيق ولكن يبقى خيارا أخيرا.

 
عدد المشاهدات : 421