حكم تقدير الماء القليل الذي خالطته نجاسة

حكم تقدير الماء القليل الذي خالطته نجاسة

 

حكم تقدير الماء القليل الذي خالطته نجاسة

أجمع العلماء على أن الماء إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت طعمـه أو لونه أو رائحته فانه ينجس سواء كان الماء راكدا او جارياً قليلا أو كثيراً.

 اما اذا كان الماء راكدا فحلت فيه نجاسة فلم تغير طعمه أو لونه أو رائحتـه فقد اختلف فيه العلماء على مذاهب منها:

المذهب الأول :

إن كان الماء قلتين[1] فأكثر لم ينجس وإن كان دون قلتين نجس. وهو مذهب ابن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد . والى ذلك ذهب الشافعي والأظهر من مذهب احمد رضي الله عنهم .

واستدلوا بأدلة منها:

1- عن ابن عمر رضي ا الله عنهما قال سمعت رسول الله ? وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض ومـا ينوبه والدواب .

قال: فقال رسول الله صلى الله وسلم (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث )رواه ابن خزيمة ، وقد ورد في لفظ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه ( أن رسول الله  سئل عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال رسول الله ? إذا كـان الماء قلتين لم ينجسه شيء) رواه احمد والنسائي .

وجه الدلالة:ان تحديد الماء بالفلتين يدل على أن ما دونهما ينجس ،إذ لو اسـتوى حكـم القلتين وما دونهما لم يكن التحديد مفيدا

ورد بعضهم بان اسانيد الحديث معلولة

وأجاب النووي عن ذلك  رحمه ان الحديث ليس فيه اضطراب وقد رواه محمد بن جعفر ومحمد بن عباد وهما ثقتان  وقد صححه الامام الطحاوي من الحنفية وقال الخطابي   وقد صححه نجوم اهل الحديث

وقال الحاكم حديث صحيح على شرط الشيخين

 ?ـ عن ابن عمر رضي الله عنه قال (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل نجساأو كلمة نحوها) مصنف ابن ابي شيبة .

و قال بعضهم ان الماء الكثير لا يمكن حفظه في الأوعية فعفي عنه ، و أن الماء اليسير يمكن حفظه في الأوعية فلم يعف عنه وجعلت القلتـان حـدا بـيـن القليـل والكثير .

المذهب الثاني:

إذا سقطت في الماء نجاسة فلم تغير لونه ولا طعمه ولا ريحه فهـو طـاهر سواء كان الماء قليلا أو كثيرا . وهو مذهب ابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن البصري  والى ذلك ذهب مالك ورواية عن احمد . وذهب بعض أصحاب مالك إلى أن الماء القليل يفسد بقليل النجاسة بخـلاف الكثير الذي لا يفسد إلا بتغير لونه أو طعمه او ريحه ولم يحدوا في ذلك حدا يجعلونه فرقا بين القليل والكثير (1). وقد روي ان الحد بين القليل و الكثير ،هو ما زاد علـى انيـة الوضـوء أو الغسل

واستدلوا بأدلة منها  :

 

1-    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنها) قال (قيل يـا رسـول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها  فيها الحيض) ولحـوم الكلاب والنتن قال رسول الله ان الماء طهور لا ينجسه شيء ) رواه الترمذي .

وأجيب عن ذلك: -بأن هذا الحديث علم وخصص بحديث القلتين .

- ان حيث ير بضاعة لا يخالف حديث القلتين لأن ماءها كان كثيـراً لا يغيره وقوع النجاسات فيه

2- - عن ابن عباس رضي الله عنه قال (الماء طهور لا ينجسه شيء) .

المذهب الثالث :ذهب الحنفية لي إن الماء اذا كان بحال يخلص بعضه إلى بعض فهو نجس وإن كان لا يخلص بعضه إلى بعض فلا ينجس. واختلفوا في تفسير الخلوص ، فروي انه يعتبر بالتحريك فإن تحرك طرف منه بتحريك الجانب الآخر فهذا مما يخلص وإن كان لا يتحرك فهو ممـا لا يخلص، وروي بعضهم إن كان عشرا في عشر فهو مما لا يخلص وإن كان  تونه فهو مما يخلص (?).

واستدلوا بأدلة منها  :

1-عن أبي هريرة * أن النبي ? ( قال إذا استيقظ أحدكم من نومه فـلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده) (رواه مسلم ).

وجه الدلالة: لو كان الماء لا ينجس بالغمس لم يكن النهي عن غمس اليد في

الإناء .

واجاب النووي رحمه الله : ان النهي عن غمس اليد خشية النجاسة، ويعلم بالضرورة أن النجاسة

 

التي قد تكون على يده وتخفى عليه لا تغير الماء، فيدل على ان الماء قد تحل

فيه نجاسه تنجسه ولا تغير الماء.

?ـ عن أبي هريرة ر الله عنه قال: (قـال رسـول الله ? إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار) رواه مسلم .

وجه الدلالة :ان الماء يمكن ان ينجس ، والأمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب مـع أنـه لا يغير لونه ولا طعمه ولا ريحه

 

استدل الحنفية من الأحاديث والآثار  ان الماء يمكن ان ينجس، ثم قالوا نه لا يصح حديث في تحديد مقدار الماء الذي ينجس، ولذلك ترجع في التقدير إلى الدلائل الحسية دون الدلائل السمعية ،وهو خلوص الماء بعضـه الى بعض أو عدم خلوصه . وهو إنه إن كان بحال لو حـرك طـرف منـا يتحرك الطرف الآخر فهو مما يخلص وإن كان لا يتحرك فهو مما لايخلص

والذي يبدو لي أن الراجح هو تحديد الماء القليل عن الكثير بالقلتين لتصحيح نجوم أهل الحديث  لحديث القلتين ، ولانه يمكن حمل حديث بئر بضاعة على حمل الخاص على العام وبعبارة أخرى أن الماء اذا كان قلتين فاكثر لم ينجس وان كان دون القلتين نجس  والله تعالى أعلم


[1] -القلتان : لغة مفردها قلة، وجمعها قلال، والقلة هي الحب العظيم وقبل الجرة العظيمـة ، والقلتين تساوي ??? لتر تقريبا أو سعة مكعب طول ضلعه ?? سم .