الرشوة

الرشوة

  الرشوة : 

 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. أما بعد

فيقول الله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:188] صورة من صور اكل أموال الناس بالباطل الرشوة من اسوء افعال المجتمع اليوم وكم لها من آثار خطيرة ومفاسد عظيمة ونتائج مدمرة . قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش) رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة والإمام أحمد في المسند.

تأمل ما فعلت الرشوة اليوم في أحوال الناس، من تضييع الحقوق، وتفويت الحق على أهله، ومن أخذ كثير من الناس لأمور ليست من حقهم، وإنما هي بأموال توصلوا بها إلى إبطال الحق وإحقاق الباطل، وهذا من الأمور التي تهدم المجتمعات، إذ إنها من الظلم الذي لا يرضاه الله، وإن سماها كثير من الناس بأسماء يوهمون بها أنفسهم وغيرهم أنها ليست رشوة، وهي عين الرشوة، كما يسميها بعضهم بغير اسمها .

ومن اثارها انعدام المقاييس بإيكال الأمر لغير المؤهل فقد يصل –عن طريق الرشوة – غير المؤهل وغير المستحق لاشغال بعض الوظائف والمراكز المهمة في الدولة مما يترتب على ذلك كثير من المفاسد الكبيرة والاضرار الجسيمة .

 

 الرشوة هي فرض مقابل غير مشروع للحصول على منفعة معينة، وهي ممارسة غير مقبولة ناتجة عن تعسف في استعمال السلطة، واستغلال الموظف لسلطته التقديرية وخيانته للأمانة سعيا وراء تحقيق دخل اضافي بطريقة غير مشروعة.

قال القرطبي: وقال أبو حنيفة: إن ارتشى الحاكم انعزل في الوقت وإن لم يعزل، وبطل كل حكم حكم به بعد ذلك، قلت: وهذا لا يجوز أن يُختلف فيه إن شاء الله، لأن أخذ الرشوة منه فسق والفاسق لا يجوز حكمه.

 فمن أهم الأسباب التي تؤدي إلى انتشار الرشوة :

 1 – ضعف الوعي الاجتماعي : فكثيراً ما نجد أن الانتماءات العشائرية والقبلية والولاءات الطبقية وعلاقات القربى والدم سبب رئيسي في هذه الانحرافات الإدارية ، بحيث يتم تغليب المصالح الخاصة على المصلحة العامة .

 2 – تدني المستوى التعليمي والثقافي للأفراد : حيث أن شريحة كبيرة من أفراد المجتمع تفتقر إلى الثقافة العامة ، ناهيك عن الثقافة القانونية ، فجهل المواطن بالإجراءات الإدارية ، وجهله بالقانون يجعل منه فريسة سهلة المنال بالنسبة للموظف الذي يحاول دوماً تعقيد الإجراءات للحصول على الرشوة . فالمواطن البسيط يجد نفسه مضطراً لدفع الرشوة في سبيل الانتهاء من معاملته بالسرعة المطلوبة.

 3 – ضعف إحساس الجمهور بمدى منافاة الرشوة لنظم المجتمع : فبعد أن كان المرتشي يعد في نظر المجتمع مرتكباً للخطيئة أصبح الأفراد يشعرون بأن دفع مقابل لإنجاز بعض أعمالهم لا يعتبر رشوة ، بل يجتهدون لإسباغها بنوع من المشروعية ، فالبعض يسميها إكرامية أو هدية أو أتعاب … الخ .

 4 – ضعف الوازع الديني والأخلاقي : حيث يعتبر الوازع الديني هو الرادع الأقوى والأجدى من جميع العقوبات الوضعية ، فهو يمثل رقابة ذاتية على سلوك الفرد ويوجهه نحو الخلق الحسن والسلوك القويم.

تأمل يامن تأخذ الرشوة وتبرر( أن ابي حميد عبد الرحمان بن سعد الساعدي رضي الله عنه، قال: استعمل النبي (ص) رجلا من الازد يقال له ابن اللتيبة على جمع الصدقات، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا إلي فقام الرسول (ص) على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ” أما بعد فاني استعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هذا لكم، وهذا هدية أهديت إلي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينتظر أيهدى إليه أم لا؟”)

هذا وليتأمل من يجمع المال غير مبال امن حلال ام من حرام ما يحيق به من اضرار دنيوية عاجلة من محق البركة وعدم إجابة الدعاء وفساد القلب ومعصية الجوارح ومانع من موانع قبول الطاعات والحجب والحرمان من رحمة الله وعذاب القبر نسال الله السلامة والعافية وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.