الشخصية وعلاقتها بالنشاط الرياضي

الشخصية وعلاقتها بالنشاط الرياضي

 

الشخصية وعلاقتها بالنشاط الرياضي 

  م.م وليد خالد فريح

      يبدو مفهوم الشخصية عند العامة من الناس مختلفاَ عن مفهومها العلمي عند العلماء والمختصين فعندما يدور الحديث عن الشخصية في الحياة اليومية يُقال بأن فلان من الناس يمتلك شخصية وعلى العكس من ذلك يُقال بأن فلان لا يمتلك شخصية.

      إن مصطلح الشخصية (Persona) مشتقٌ من الأصل اللاتيني ( Personalit) ويُعنى به القناع الذي  يلبسه الممثل في العصور القديمة عندما يريد أن يقوم بتمثيل دورٍ معينٍ فيظهر بمظهرٍ معينٍ أمام الآخرين على خشبة المسرح فيكون بذلك قد ظهر بمظهرٍ خاص يتلائم مع دوره في المسرحية. وهذا الدور يتجسد بالملامح الحادة للشخصية أو بملامح شريرة يتجسد من خلالها الشر وغير ذلك من المظاهر.  وقد تبنّى مفهوم الشخصية بعض علماء النفس وتُعنى عندهم بالمظهر الخارجي للفرد الذي يتمثل في سلوك الشخصية الظاهري.  وتعني الشخصية عند واسطون ( Watson1930) بأنها كمية النشاط التي يمكن اكتشافها بالملاحظة الدقيقة مدة طويلة حتى يتمكن الملاحظ من إعطاء  معلوماتٍ دقيقة وثابتة؛ فالشخصية هي التنظيم الديناميكي للفرد والتي تعكس الاستعدادات النفسية والجسمية التي تتحدد طريقتها الخاصة من خلال طبيعة التوافق مع البيئة.  وهنالك وجهات نظر متعددة فيما يخص فعاليات الإنسان الحركية ودراسة الشخصية الرياضية وكل ما يتعلق بالعلاقة التي يزاولها الرياضي والصفات التي يتصف بها. 

    إنَّ الاشتراك في المسابقات الرياضية على مستوياتٍ عالية يمكن أن يكون عاملاً مهماً في نمو الشخصية المتزنة وقد تكون مزاولة الرياضة وسيلةً يزاولها بعض الناس في التعويض عن النقص الحاصل في تكامل شخصياتهم، وهناك نظرة أخرى عن الشخصية  تتمثل  في مزاولة الفعاليات الرياضية التي تعد إحدى الممارسات العديدة التي يختارها الفرد لنفسه بعد توفر صفاتٍ معينة  فيه وإنَّ استمراره بمزاولة هذه الفعاليات سيؤثر في شخصيته إيجابًا أو سلبًا. 

   و مما لا شك فيه أنَّ التفاعل  الذي يحدث بين مكونات الشخصية الثلاثة: البدنية، والمعرفية، والانفعالية خلال تعاملها مع البيئة بمتغيراتها المختلفة والمتباينة تؤدي إلى تكوين شخصيةٍ لها سماتها التي تميزها من حيث النوع والدرجة عن تلك الشخصية التي لم تتفاعل مع البيئة الرياضية.  وبذلك يكون ما يميز  الشخصية الرياضية هو الأداء الحركي والانفتاح الذهني والاجتماعي وحسن التصرف والروح الرياضية وهي صفات يتميز بها الرياضيون. كما ويكون على الفرد الذي مارس الرياضة لمدة طويلة وخاض غمار التنافس في رياضته أن يكون مختلفًا بشخصيته عن ذلك الفرد الذي لم يتعامل مع البيئة أو يكون قد تعامل معها لفترة قصيرة فضلاً عن الفرد الذي تكون له الرياضة بمثابة نشاط ترويحي يمارسها في أوقات فراغه.

     إنَّ الممارسة الرياضية تختلف في طبيعتها ومتطلباتها عن الكثير من الممارسات الإنسانية الأخرى؛  إذ تتطلب سماتٍ معرفية وبدنية وكذلك سماتٍ انفعالية مميزة وهذه السمات قد يكون بعضها متوافرًا في الفرد قبل دخوله مجال الرياضة؛  فالممارسة الرياضية المنتظمة وخوض غمار المنافسات يعمل على دعم هذه السمات وزيادة ظهورها كما وتعمل على ظهور سماتٍ كانت كامنةً لدى الفرد وتتمثل في استعدادات الفرد البدنية والعقلية والانفعالية الموروثة من الملاحظات الرياضية المهمة. 

        نلاحظ في السنوات الأخيرة أنَّ مستوى النتائج الرياضية ارتفع بمعدل يزيد عن العقود السابقة ، اذ ان الابطال على المستوى العالمي حطموا الكثير من الارقام القياسية ومن يتتبع النتائج الرياضية العالمية يرى أنَّ التقدم في النتائج لم يتحقق نتيجة الخبرة فقط، بل نتيجة الاستفادة من البحوث العلمية التي أُجريت في دراسة الشخصية الرياضية وطرائق إعدادها فضلاً عن العلوم الإنسانية الأخرى .

    ومن الجدير بالذكر أنَّ دراسة الشخصية الرياضية تفيد العاملين في مجال الرياضة بعدة أمور منها : الأولى  أن الأداء الحركي الرياضي يعتمد على كل من المتغيرات البدنية والنفسية مما أدى إلى الدراسة المستفيضة من الناحية  النفسية المهمة في إعداد الرياضي لتمكينه من تقديم أفضل أداء حركي ممكن. والأخرى لكون عملية اختيار الأفراد الملائمين لممارسة نشاطٍ رياضي معين تعد هذه الدراسة  ذات أهمية في إعدادهم .