مقال أكاديمي لدكتورة هديل رعد تحسين

مقال أكاديمي لدكتورة هديل رعد تحسين

 

 

مقال أكاديمي لدكتورة هديل رعد تحسين بعنوان ((المتلازمات في اللغة العربية))

 

         المتلازمات ألفاظ اصطلاحية متناغمة ، بينها نوع من الترادف والتوارد ، وتعرف ( بأنها مجموعة من الكلمات اللغوية أو الاصطلاحية لها معنى محدد ، وتتقارب فيما بينها في الحقل الدلالي العادي أو الاصطلاحي بحكم العادة في الدلالة والاستعمال ) .

ولها عدة مسميات منها ( المقترنات اللفظية – المترافقات اللفظية – المتلازمات اللفظية – التجمعات اللفظية – المتواردات اللفظية – والمسكوكات اللفظية ) .

وقد اهتم علماء اللغة العربية بهذا الجانب منذ زمن بعيد وافردوا لها معاجم لغوية رتبت على أساس المعنى وليس اللفظ ، ومن أشهر المعاجم التي وضعت ( الالفاظ لأبن السكيت – المخصص لأبن سيده – والالفاظ الكتابية للهمذاني – ونجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف والمتوارد لليازجي ....) .

وأهم ما تميزت به من خصائص إيجاز اللفظة وإصابة المعنى ، وحسن التشبيه وجودة الكتابة ، فهي مغلقة على نفسها ومكتملة بذاتها ، ولا يجوز  التغيير في صياغتها التكوينية بحذف أو إضافة على الرغم من ذيوعها أساساً على نحو شفهي ، فهي تشبه الأمثال في وظيفتها الجمالية والاستدلالية والإشارية .

أما فائدتها :- تتيح معرفة المتلازمات للمترجم معرفة الاستخدامات المختلفة للكلمة الواحدة ، واستنتاج الجوهر المشترك للألفاظ ، وفهم معنى الكلمات وفق نسق نوادرها وتفادي التعبير الركيك ، فالحاجة ماسة الى جمع التعابير الاصطلاحية والسياقية في العربية اليوم وتصنيفها بحسب أقسام الكلم وتحليل العلاقات البنيوية والدلالية التي تربط بين مفرداتها ؛ليكون ذلك منفذا من منافذ الابداع وتحقيق جمالية النص بكسر أفق انتظار المتقبل والربط المسهم في اتساق النصوص ، وينطوي في مضمونه على لمسة موضوعية في التحليل الموضوعي لنص القران العظيم فهو أول كشاف يجمع بين فكرة اللفظ وفكرة الموضوع ، فقد جمع بين الصفة والموصوف  (العذاب الاليم) في قوله تعالى : ((وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ )) " الحجر : 50"  ،والمعطوف والمعطوف عليه ( الليل والنهار ) في قوله تعالى ((وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ)) "الانبياء :33 " ، والمضاف والمضاف اليه (أصحاب الجنة ) في قوله تعالى : ((أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ)) "الحشر :20" ، والفعل والمفعول (واذكروا الله )في قوله تعالى ((وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)) "اليقرة :203" .

ولها اصناف ذات معطيات مهمة من الناحية المعجمية وقد وردت في الامثال: (إنما أكلتُ أكل الثور الابيض ) ، كذلك تدخل في العبارات التقليدية في قولهم : (أدام الله عزك ) ، وكذلك عبارات التحية والمجاملة في قولهم : (السلام عليكم ) ، وفي الفرائد اللغوية ( ما هَلَك امرءُ ) ، وكثيراً ما تحولت الأقوال السائرة الى أمثال أو عبارات تقليدية ، وهذا ما تكشفه من علاقات تأريخيه بين الشعوب والحضارات وما تعبر عنه من نظرة الانسان الى قضايا الترجمة ومظاهر التشابه والاختلاف بين اللغات في تكوين المتلازمات اللفظية ، فهي وحدة معجمية بسيطة متلازمة تعبر عن خصوصيات في تجربة الجماعة اللغوية في الكون .

وأخيراً أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينفع بها كاتبها وقارئها ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .  

 

 

 

د. هديل رعد تحسين
قسم اللغة العربية