الطفولة العراقية وتهديد مستقبل التنمية

الطفولة العراقية وتهديد مستقبل التنمية

 

 

الطفولة العراقية وتهديد مستقبل التنمية

Iraqi childhood and the threating the future of development

أ.د. معاذ احمد حسن

علم الاجتماع

art.maathhassan77@uoanbar.edu.iq

  لاشك ان طفولة اليوم هم رجال الغد... إنها حقيقة لا يمكن ان نغفلها أو نتجاوزها..وقد قيل كثيرا حدثني عن طفولة اليوم أخبرك عن المستقبل، وعند الحديث عن حاضر الطفولة في العراق... يدق ناقوس الخطر... ويتملكنا الخوف اتجاه مستقبلهم وهو في نفس الوقت مستقبل العراق...لاشك ان الحديث عن واقع الطفولة في العراق اليوم هو مؤلم وخطير وخاصة عندما يطلع احدنا على عدد الاطفال المتسربين من التعليم... و الأيتام... و أطفال الشوارع وغيرها من المظاهر التي يتميز بها الطفل في المجتمع العراقي... إنها حقيقة تعزز عند الجميع التشاؤم والشعور بخطر داهم... وإنها صدمة لمن يبحث عن مستقبل بلده...ان إهمالنا جميعاً للطفولة بدءً من المؤسسة الأسرية وصولا إلى المؤسسات الاخرى هو جريمة كبيرة بحق العراق.  لان قتل الطفولة هو قتل العراق...وترسيخ مظاهر التخلف الاجتماعي، ان ما يطفو على سطح الواقع الاجتماعي من تحديات أمام الطفل يفسر لنا خيبة أمالنا في المستقبل.. وهذا بدوره ينعكس على مستقبل التنمية البشرية، وسنعزز مظاهر التخلف بأيدينا لان المجتمع الذي لا يحترم طفولته لا يستحق ان  يفخر بمجتمعه امام شعوب العالم... علما ان التنمية جوهرها الإنسان ، فالإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها... وعندما يكون مستقبل الإنسان في العراق معرض إلى التهديد المستمر منذ الطفولة حينها لا يمكننا ان نتكلم عن تنمية ومستقبل واعد.

ان الكثير من الظواهر التي تهدد الطفولة اليوم كظاهرة التسول وعمالة الاطفال وغيرها... تعد أكثر تهديدا في صفوف الأطفال وترتبط بمظاهر الحرمان الذي تعاني منه العديد من الأسر العراقية في ظروف الحروب والأزمات، وتتمثل هذه الظاهرة في التسرب من التعليم فنجد أنَّ انخفاض المستوى ألمعاشي لأولياء الأمور دفعهم إلى تسريح أبنائهم من المقاعد الدراسية وزجهم في سوق العمل لتوفير بعض المتطلبات من الطعام والشراب... ويرتبط التسرب من التعليم بتدهور أوضاع التنمية البشرية من خلال مؤشر معدل التسرب من المدرسة ، وذلك أنَّ معظم المتسربين هم من الأسر التي تعد من الفئتين الأفقر في المجتمع بحيث تظهر علاقة عكسية بين مستوى الدخل ومستوى التسرب، فكلما انخفض الدخل ،ازدادت إمكانية تسرب التلاميذ كونه يهدد التمكين الإنساني ويحد من قدرة الأفراد على التفاعل الايجابي مع محيطهم الاجتماعي. ويشير التقرير الوطني  إلى انخفاض مستوى الالتحاق بالتعليم الابتدائي إلى (86.0%) في السنوات الاخيرة، بعد أن كان (90.8%)في سنة 1990م... كما اظهر المسح الذي قامت به وزارة التربية عام 2004م بدعم من(اليونيسيف) أنَّ معدل الالتحاق بالصفوف الابتدائية في العراق يصل إلى 86% إلا أنَّ ما يشير إلى القلق أنَّ عدد الأطفال غير المدرجة في الدراسة يصل إلى (600الف طفل) بينهم 74%من الفتيات وان ما يقرب 24% من الأطفال يتسربون من المدارس قبل الابتدائية. وفي هذا السياق يمكن القول أنَّ ارتفاع معدلات التسرب من المؤشرات الخطيرة التي تهدد باستدامة التخلف... وهنا نأمل من صناع القرار وكل العاملين في هذا الشأن الانتباه إلى شريحة الطفولة في العراق، لأنهم جوهر التنمية وهم صناع المستقبل... فإذا لم نحقق التمكين لهذه الشريحة ونوسع خياراتهم ونحمي حقوقهم كيف لنا ان نتكلم عن مستقبل العراق... نعم ان شريحة الطفولة هم شباب الغد وهم رجال المستقبل وهم صناع التنمية... وسيبقى العراق متخلف ولا يمكن ان ننهض بمستقبله ما لم نحترم الإنسان من نشأته إلى المراحل الأخرى من حياته.